يشكل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة, الذي يصادف 12 يناير من كل عام, مناسبة لسكان منطقة بني سنوس بولاية تلمسان للحفاظ على عادات الأسلاف وتثمينها لا سيما من خلال تنظيم كرنفال "أيراد" (الأسد). ويشير الباحث محمد سريج, في كتابه "الفرفينا الذابلة", إلى أن هذا الاحتفال يعود تاريخه إلى عدة قرون ويرمز إلى انتصار الملك شيشناق على جيش الفرعون رمسيس. ويعتبر هذا الكرنفال شكل مسرحي قديم جدا, تخلق ابتهاجا شعبيا يجمع بين عدة طقوس وتقاليد. وتختلف تسمية ذات الكرنفال من قرية إلى أخرى في هذه المنطقة الجبلية, حيث يطلق عليه سكان قرية "تيفسرة" إسم "الشيخ بوقرنان", كما يعرف لدى سكان قرى" بني عشير" و "سيدي العربي" و"أولاد موسى" باسم "قرع قريعة", أما في مركز بني سنوس و بالذات بقرية "خميس" فيحمل اسم "أيراد" بمعنى الأسد باللغة الأمازيغية. وتنطلق فعاليات الكرنفال عشية يوم 12 يناير من كل عام, حيث يجتمع الشباب ويرتدون أقنعة تمثل حيوانات مختلفة مثل الأسد واللبؤة , و أزياء مصممة خصيصًا لهذه المناسبة, ليجوبوا شوراع القرية و هم يتراقصون على أنغام البندير ويغنون أغاني تمجد الشخصية الأسطورية "أيراد". ويجمع المشاركون في الكرنفال طوال الموكب التبرعات التي يقدمها السكان, حيث يقومون بتوزيعها على الأسر المحتاجة مع حلول الفجر بسرية للحفاظ على كرامتها. كما يعبر المشاركون في الموكب على مستوى الساحة العمومية عن أمالهم بحلول سنة زراعية وفيرة. وتشكل طقوس كرنفال "أيراد" استعراضا في الهواء الطلق, يقدم مجانًا لسكان القرى الذين ما زالوا مرتبطين بهذا التراث الذي يعتبر جزء من هوية هذه المنطقة الواقعة في جنوب غرب ولاية تلمسان. كما يعبر أيضًا عن التضامن الاجتماعي والمشاركة مع العائلات الفقيرة في القرية. ويدعو العديد من مثقفي المنطقة الأكاديميين والباحثين, لا سيما المختصين في الأنثروبولوجيا والمؤرخين, إلى تعميق الأبحاث حول هذا الكرنفال لإنقاذه من الضياع, إضافة إلى هيكلته خاصة فيما يتعلق بالأزياء والأقنعة, حسبما أبرزه سربج محمد. ولا يزال السكان مرتبطين بالاحتفال بيناير في تلمسان, حيث تتزين الكثير من المحلات بالولاية مع اقتراب موعد رأس السنة الأمازيغية الجديدة وتعرض العديد من المنتجات الخاصة بالاحتفال على غرار الفواكه المجففة والفول السوداني و الحلويات, التي تزين "طبيقة القرقشة" الشهيرة, التي تضاف إلى الأطباق التي تعدها ربات البيوت بهذه المناسبة مثل "البركوكس" و"المسمن" وفطائر الخبز المحلى المزين بالبيض. ويعيش التلمسانيون هذه الاحتفالات في أجواء عائلية بهيجة لا تخلو من القيم الاجتماعية السامية خاصة التضامن والتقاسم.