لا أريد في هذه العجالة من الكلمات أن أستعرض سيرة الشهيد أحمد زبانة (رحمه الله) ولا أريد أن أحدثكم عن مظاهرها المختلفة من التي لا زالت تثير الإعجاب والتقدير عند أهل هذه الديار ديار القعدة من بادية امهاجة، التابعة في حكمها الإداري لدائرة زهانة ( ولاية معسكر)، في كثير من حقولها الثورية وسلوكاتها الاجتماعية والسياسية والوطنية، بقدر ما أريد أن أقف على ردة الفعل الذي خلفته هذه الظاهرة، ظاهرة اعتقاله إلى يوم استشهاده رحمه الله، التي ملأت الأنظار ضوؤها، وكأنه ذاك البطل المنقذ المحرك للهمم، لاسترداد ما سلب، وتقوية ما ضعف، وتأكيد العزائم في نفوس أهل هذه الديار والوطن عامة، لحملهم على المقاومة ودفعهم إلى خوض المعركة مع العدو المحتل بقدرات عالية، ومعنويات مشدودة، حيث لم يجد الشعب الجزائري يومها وسيلة أقرب وأشد على العدو من دعوتها للجهاد والتضحية في ثورة شعبية عارمة حتى النصر، لأنها السبيل الوحيد لاستثارة الهمم، وتحريك المشاعر، حتى تأخذ المقاومة مكانتها في النفوس، وتستقطب الأمة بكاملها، التي بدأت تقف على حقيقة الاستعمار بأوجاعه وأهواله وتتفحص الأبعاد المظللة التي ظل متماديا في نشر فظائعها، مغاليا في انتهاك الحرمات طيلة قرن وربع القرن من الزمن لأقول : لقد ظل الشعب الجزائري وفيا في التعبير عن قدرته التي استمدها من تاريخه الطويل الحافل بالانتفاضات الشعبية، والمقاومة الوطنية، التي ظل يستعجل بها الأحداث ويبني بها المواقف المطلوبة باستمرار الكفاح المسلح ضد كل عدو محتل غاصب حتى تتحرّرَ الأرضُ ويستعيد حريته واستقراره وأمنه ومكانته بين الأمم، وقد كان له ذلك والحمد لله، ولعل الأيام التي سجلتها ثورة نوفمبر الخالدة من عام 1954 للميلاد خير مثال في التعبير عن اللوحة البطولية التي ظل يمتلكها الشعب الجزائري من أقصاه إلى أقصاه كقيم له للحق والخير والوطنية، وهي تأخذ شكلها الإرادي على خوض المعركة، صامدا موقنا بالنصر والانتصار، رغم ما أثقل أيامه من صرامة الانتقام التي بلورتها عملية التحدي عن رجال الثورة وقادتها السياسيين، وروعتها شراسة الهجمة الوحشية الظالمة التي ظل يتعرض لها هذا الوطن، والاستباحة الدموية المفجعة التي أبداها العدو في قهر إرادة الشعب وفل عزيمته الوطنية، طيلة قرن من الزمن وما يزيد عن الثلث قرن، وهو يقاتل وينتصر ويصمد فوق أرضه وعلى كل رابية من روابيه، وإلى جوار كل وادي أو قرية أو مدينة استباحتها جنوده، دون كلل أو تعب أو تراجع، لما له من دور حماسي ووطني ظل يدفع به الجموع ويثير في النفوس الاندفاع، ويرسم لهم طريق النضال الخالد، ويستشهد أمامهم بمظاهر البطولة والاستشهاد، وهو يرتل أناشيد الثورة والقتال حتى النصر. * عهود صادقة فبهذاالمنظور ومن هذا المنطلق أقول: إنه لا يستطيع أحد منا اليوم أن يتحدث عن الثورة التحريرية الجزائرية الكبرى، دون أن يأتي على ذكر شهدائها الأبرار من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، عظمة رجالها ومقاوميها ومحاربيها من قادة ثوار، ومجاهدين أحرار، من الذين عاشوا أيامها في الجبال والسهول والوديان رافعين على كاهلهم أثقل الأعباء شاقين طريقهم إلى النصر إلى الجهاد، وإخوة لهم كانوا هناك في المدن والقرى مناضلين مسبلين، وفي السجون مهددين معذبين، وغير بعيد من هنا وهناك ما وراء البحار أبناء في المهجر منفيون منسيون، يواكبون مسيرة التحرير من موقع إلى موقع يتقدمون الصفوف في مظاهرات عارمة في تمجيد للثورة حتى النصر. وبصوت واحد يهتفون، يرددون، لاستعادة أرضهم المغتصبة وتحريرها وطرد الأعداء منها، وفي موقف واحد كانوا يهيئون الأذهان ويشاركون في دفع أبناء هذه الأمة لتقف الموقف الموحد، لتعيد وحدتها وحريتها وكرامتها وتكشف عن غشاوة الواقع الأليم الذي ما فتئ يخلفه الاستعمار يومئذ، وما ظلت تقوم به عناصر التمزق وهي تسجل انخذال الفضيلة والاستهانة بالإنسانية، لكنه وحتى يدوم هذا التواصل، وحتى يزداد هذا التقارب، وحتى يظل تاريخنا محفوظا في ذاكرة الأجيال، لا بد لنا أن نضع من ذكراها نقطة تلاقي من كل سنة، نؤكد بها ضرورة هذا الالتزام وهذا التواصل لتظل هذه الأصول حية دافقة، ترفد الحركات الوطنية، وشباب هذه الأمة، بروافد الوحدة الوطنية، وبكل ما تمده لها نسق الحياة لها من زاد نقي طاهر أخوي لأبنائها في وحدة وترابط ووئام، وتدفعها إلى أن تحيط نفسها بكل ما يقيها من التخلف والتفرقة وروح التمزق، وحتى لا تصير يوما إلى السقوط والاندثار، عن كل تقدم حضاري وازدهار. وحتى نحمي أنفسنا وجيلنا من كل ما هو آت، يجب علينا أن نترك للأجيال صورة واضحة لعصر ثورتنا المجيدة وببطولاتها الخالدة والإشادة بوقائعها وأحداثها، والتفاخر والتباهي بأيامها حتى يوم النصر. وحتى يكون لنا ذلك يجب علينا أن نعيد قراءتها للأجيال، في صدق وأمان، ما دامت مادتها لا تزال بيننا حية محفوظة في الذاكرة ، عند الكثير ممن هم كانوا قادة لها، وهم لا يزالون إلى اليوم يمثلون عصرها شاهدين، ذاكرين لأيامها، حافظين الرواية فيها، بمدوناتها القتالية، وروحها الجهادية، وعواملها الحربية النفسية منها والقتالية، وبكثير من مجلاتها المختلفة. * 86 شهيدا فشهاداتهم تلك وهم على قيد الحياة، وخزينهم ذاك وهم بيننا أحياء، يجعلنا على ثقة مما نؤرخ وندون ، وبأسمى المعاني والكلمات ننقل صوت هذا الشهيد الذي اغتالتْ فرنسا كبرياءه يوما، والمقاتل والمجاهد الذي ظل يتحرك وفق التصور الذي يرسمه لنفسه كبطل وهو يعُدُّ خطته للهجوم، ويوجه رفاقه للقتال، مقدرا موقف خصمه من هذا اللقاء المصيري أو ذاك، صامدا مضحيا، مقاتلا محاربا، مسبلا مستشهدا، وبهذه المعاني وبكثير من الصور الحية الخالدة نكون قد أضفينا على تاريخ ثورتنا المجيدة حلل الفخر والتباهي، وبكثير من موروثها البطولي والفكري والثقافي والديني وبشيء من الأمانة من حيث ما يجب أن يؤدى، نحقق مقصدنا وغايتنا الوطنية في إطلاع هذا الجيل جيل الاستقلال بمدوناتها ومكنوناتها التاريخية، وبكثير من التحقيق والتوثيق واليقين والإثبات، نسمع صوتنا لمن يمتلك القدرة على تبليغ رسالتنا الثورية في كثير من مراحلها التاريخية في مقاومتها الباسلة، في ثورة وجهاد، كغاية أساسية، وفي أسمى معانيها من أجل التحرير، ومن أجل دفع الظلم، ومن أجل نشر العدالة الإنسانية في وحدتها الوطنية، لبعث الثقة بالنفس وتأكيد القدرة على المجابهة في كل وقت وحين، وتثبيت صورة التمكن لدى أجيالها الطالعة من الوقوف والتحدي ساعة التحدي. حيث لا يزال هناك وإلى اليوم صوت يدعونا من المدى البعيد حيث الجبال والوديان والسهول، حيث قبور الشهداء، حيث اليتامى والأرامل، حيث الشهيد الرقيب الذي نشأ على ترابها، وعاش وترعرع على لهيبها، وتحت عواصف ثورةٍ عارمةٍ قادتها أمته كان استشهاده في سبيلها، وآخرون كانوا من الذين انسابت روحهم في روح القتال يرسمون الوقائع، ويحددون معالم الانتصار والصمود، في وجه عدو لذود ظلت أطماعه تتكالب على تمزيق هذه الأمة في وحدتها الترابية، وثقافاتها الاجتماعية، وعلاقاتها الروحية والوطنية والإنسانية، فبوقوف هذه الديار ديار القعدة لإحياء هذا اليوم، وبذكرها لهذا الشهيد (" أحمد زبانة") وفي إعادة قراءةٍ تاريخيةٍ لهذا الابن البار الثائر الشهيد لهذه البلدية بخاصة وللجزائر بعامة، نكون قد عملنا مرة ومرة، على فتح باب جديد من أبواب تاريخنا الوطني ونضاله المديدة، في هذه المكان الطيب أهله القعدة في كلمة نافعة منها، وذكر صادق من أبنائها، في قول فيه كثير المعنى، كثير الحياة التاريخية في دين وثقافة ومقاومة وجهاد، لما فيها من نموذج كفاحي متميز، أكسبها هذه الشهرة، وأنساها أحداثا لا زالت تترك في نفوس أهلها ألوانا من المآسي وصورا لا تزل خالدة لصدق التعبير، وعمق المأساة، وقسوة الهجمة الاستعمارية التي تعرضت لها أرض القعدة، أسوة بما كان عليه الوطن يومئذ من أقصاه إلى أقصاه، وبفضل شهدائها ومجاهديها في المقاومة والتضحية ما جعلها تزكي نفسها بعدد من الشهداء لا يستهان بهم، فهم خيرة رجالاتها عزا ومكانة وشرفا البالغ عددهم: (86) شهيدا شاركت في تعدادهم الكثير من قراها كل قراها وبدون استثناء، وهي على التوالي: دوار البغاديد، دوار المصاطفة، دواو البواديد، دوار الرمايسية، دوار القدادرة، دوار الضييات، دوار السكارنة، ، دوار أولاد سيدي الفريح المهاجي، دوار الزوادرة، دوار القواسم، دوار المخاشيش، دوار أولاد سيدي اعمر، دوار الرابير، دوار الحمايدة، ودوار المخاطرية، ودوار العرايبة، ودوار الدير، ودوار الهناينة، ودوار الشناتفة، ودوار الدْبالين، ودوار المناصرية، ودوار الشوايخة. *يوم حزين وخير مثال على ذلك ذاك اليوم الحزين الذي شهد فيه محيط أرض القعدة بكامل حدودها وفروعها، هجمة أتى فيها الاستعمار على الأخضر واليابس، حيث اجتازت فيها كل قراها وبيوتاتها ومداشرها امتحانا مُريعا، جعلها تشهد فواجع يعجز عن تصويرها اللسان في معركة دامت النهار كله من عام 1957 للميلاد وهي تمضي برجالها بمقاتليها تحت رحمة القتلى والجرحى والتخريب والدمار والهجر والتشريد، حتى عادت حالتها كما كان عليه الحال غداة الاستقلال، كونها أصبحت صورة من صور الدمار، ولوحة من لوحات الخراب، وآثارا بعد عين، ولنا في شهدائها معالم وجودها بالطواهرية، والقواسم، والمصاطفة، وبأولاد سيدي الفريح المهاجي، تلك القرية التي شهدت أيامها معركة أفقدت العدو التنظيم والسيطرة في واقع فرضه عليها المجاهدون المقاتلون في تثبيت قيم وتعداد مفاخر، حتى خرجت تلك المعركة التي أخذت زمانها من أخريات الليل حتى مغيب الشمس، عن حدودها المعتادة من التي ظل يدور في فلكها الاستعمار ويتحرك في أبعادها عدوانا وظلما وجورا، بتركه عددا من جنده قتلى وجرحى أفقدته صوابه، مما جعله يعيث فيها فسادا بإقدامه على عمل إجرامي قام خلاله بحرق معالمها، وتدميرها تدميرا كليا بعد أن كانت ذات نشاط وثقافة ودين، وبعمله ذاك استطاع أن ينهي المعركة ويلملم جرحاه ويجمع قتلاه في يوم مهيب، كان ذلك بشهادة شيوخها الكبار، من الذين تخلفوا عجزا وقهرا في ضعف وكبر وفقدان بصر، بعد أن تفرق أناسها وأصبحت بلا نشاط ولا أهل ولا ولد ولا بنين ولا دار، وقد استعملت أجسامهم يومها كدروع بشرية، ضد ما كانت تتلقاه من ضربات المجاهدين والمقاتلين وأبناء القرية ممن هم في حكم المقاومة وروح القتال، مما جعلها (القرية) تضيف إلى تاريخها في وقفتها مع الأمير عبد القادر ومقاومته التي دامت (17) عاما، تاريخا آخر لا يزال حافلا بواقع الثورة التحريرية الكبرى، التي عاشها الوطن وظلت تتحرك في إطارها جموعه الوطنية المخلصة، التي انعكست في كل حركة من حركاتها التحررية الثائرة، حيث فقدت فيها شهداء مجاهدون، وأبناء مقاتلون، رحمهم الله وأسكنهم فسيح جنانه، من الذين لا زالت قبورهم تشهد على بسالتهم في القتال ومجابهتهم للعدو مجابهة الند للند مع فارق الاستعداد المادي والمعنوي. وها هي اليوم هذه الديار تحي هذه الذكرى ذكرى الشهيد أحمد زبانة في تاريخها (54) التي لا زالت معالمها تعبر عن عمق مأساتها ولوعة أحاسيسها لا لشيء وإنما لكونها، لا زالت تعطي آثارها نقطة الارتكاز في هذا التحرك الوطني أو ذاك، في بعده الثوري والإنساني والثقافي والاجتماعي، كحق مشروع، وهدف أسمى، ومنطلق فكري بكل أبعاده كحقيقة كانت ولا تزال عندهم مطلبَ الزمان ونموذجَ الاقتداء، فيه كبارها في الجهاد، كبارها في العلم والجاه والوطنية. وبهذه الديار التي عاش ساكنوها ثورة الأمير عبد القادر حيث وقع لأهلها ما وقع لهم زمن الثورة الجزائرية التحريرية الكبرى من عام 1954 للميلاد، من تقتيل وتنكيل وتشريد وهجرة ما بعدها هجرة، لا لشيء وإنما لما كان عليه محيطها في بعد زمان من آثار جهادي ديني ووطني، امتدت أيامه إلى أجيال وأجيال، ومنذ عشرات السنين حيث كانت هذه البيوتات مملوءة بشيوخ الدرس وطلبة العلم والتحصيل، وحفظة القرآن الكريم، وفوائد أخرى ارتبطت بها مقدمات النهضة العربية الحديثة، التي لا زالت تعبر عنها عوامل كثيرة، المتمثلة في تراثها الأصيل وامتداد مجدها العريق، آملين أن يمتد عمر هذه الذكرى عند أهل هذه البلدية بكامل بيوتاتها ومداشرها وقراها، إلى سنوات وسنوات قادمة إن شاء الله تعالى. *موطن الوعظ وغير بعيد من هذا الزمن وبالأمس القريب كان هنا بأرض القعدة صوت الشيخ البشير الإبراهيمي يبدي نشاطا في درس نافع، وتحصيل قويم، ووعظ وإرشاد ومهمات وطنية ذات علاقة بالسياسة والوحدة الترابية، والشيخ الطيب المهاجي في درسه التربوي الديني والعلمي، و خطابه الثقافي والوطني والاجتماعي، والشيخ مكنوس والشيخ الطيب بالفريح والشيخ العربي التبسي والشيخ القندوز والشيخ الحاج بوشنتوف والشيخ الفقيه سيدي الميلود، والشيخ عبد القادر بودادي، والشيخ الفقيه سيدي محمد الشيباني، والشيخ الطيب بن عبد القادر بن عبد الله، وشقيقه الفقه عبد القادر بن عبد القادر رحمه الله، والشيخ عبد القادر الشارف، وأئمة كبار هم من شيوخ هذه القرية، ومفكريها، ودعاة وحدتها في بعدها الوطني والتاريخي والثقافي، كانوا على الدوام هنا وبهذه الديار محل نشر الوعي الثقافي والديني والسياسي والاجتماعي، وفي العمل الجاد على غرس وتكريس مفاهيم الاحتلال وأبعاده دينا ووطنيا، وعوامل أخرى من التي ظلت تبعث في محيط هذه البيوتات والقرى التي تجمع أرض القعدة، همم النضال، ومكارم الأخلاق، ونوازع العلم وروح الجهاد، حتى غدا عندهم وبطول زمان حب المقاومة من حب الوطن. إذ أنه وليس من الصدف بمكان أن تأخذ هذه الأرض اليوم مكانتها من تاريخ الثورة الجزائرية، أرض القعدة من بادية امهاجة هكذا لولا ما كانت عليه أيامها من نشاط وتاريخ وثورة وجهاد، حيث ظل هذا الشهيد أحمد ربانة يتردد على الكثير من بيوتاتها العلمية وكتاتيبها القرآنية وشيوخ العلم والذكر من الذين كانوا يمدون أبناءها بالوقود الجزل والضرام العاصف أثناء المساس بأرض الوطن، هكذاحتى كان لها ذاك اليوم الذي أكدت به مجدَها وتاريخَها المتمثل في مقاومتها الباسلة مع الأمير عبد القادر، وهذا اليوم الذي تحيي فيه ذكرى هذا الابن الثائر الشهيد »أحمد زبانة« رحمه الله الذي تدفعها ذكراه اليوم في عاطفة قوية، وتوجه وطني موحد، واندفاع وتطلع في ذكرى من هذه الديار لتأكيد أصالة ذاك الالتزام الثوري العقائدي في إحياء ذكرى شهدائها الأبرار رحمهم الله اليوم، لتظل ذكراهم حية خالدة وإلى يوم الدين دافقة ترفد الشباب والحركات الوطنية ذات التوجه الديني السليم، والثقافة الوطنية، بروافد حب الوطن والتفاني من أجله، فكانت صرخة هذا الشهيد رحمه الله التي أصبحت تعني في كثير من أبعادها، محاولة تجمع القوى الوطنية وتوحيد الشمل في استرجاع كرامةٍ، واستعادة أرضٍ، أصبحت يوما نهبا للمعمر، واسترداد الحمى المستباح، وهي طموحات أتت أكلها وبطول زمن حتى أصبحت تتماثل عند كل فرد من أفراد هذه الأمة في طول الوطن وعرضه، من المخلصين الطاهرين، والغيورين الشرفاء، وفي تطلعات رجالات لها أشداء أقوياء، وفي الوطنية أوفياء.