يعيش المجتمع الجزائري هذه الأيام حالة من الكدر والتذمر لاسيما فئة الشباب وهذا بسبب الأوضاع الصعبة التي يتخبطون فيها نتيجة البطالة وعدة مشاكل اجتماعية أخرى كضيق السكن وغياب المرافق والجمعيات المدنية التي من المفروض إحتوائه. وبما أن الشباب يمثل أكثر من 70 بالمائة معظمه لا شغل له ولا استقرار ويرى نفسه وسط هذه الظروف بدون مستقبل تقوضت أركان المجتمع وأضحى يعيش نوعا من الإختلالات أدت الى ظهور الكثير من الآفات إذ بمجرد أن يحدث سوء تفاهم تنفجر هذه الشحنات وتولد عنفا نعايشه يوميا. هذا العنف والكدر ،نلمسه في كل مكان في الأسواق في الادارات في وسائل النقل في الشارع بل أينما نسير نواجه هذا العنف فتحول ذلك البطال بعدما كان فردا مشحونا بالطاقات الابداعية الى وحش كاسر دمرته حالته الاجتماعية يترصد فريسته في أي لحظة وفي أي مكان. وما زاد من حظورة الوضع انتشار المخدرات والمهلوسات وكل أنواع المشروبات الروحية والكحولية وهكذا أضحينا يوميا نسمع عن جرائم اقترفها شباب يافع في حق أفراد من المجتمع قد يكون جاره أو صديقه أو أخاه أو حتى والديه لم يسلموا من هذا العنف أما الجرائم الأخلاقية والسرقات والإعتداءات وحتى الاختطافات باتت جزءا من يومياتنا لا يكاد يوم يمر دون ارتكابها وبصفة عامة بات الرعب يسود المجتمع بسبب ماذا؟ بسبب إهمال الشباب وغياب سياسة تحتويه وتجعله يتحول الى طاقة ابداعية وخلاقة تساهم في البناء والتطور فوسط هذه الظروف تحولت طاقة البناء الى معول هدم لأن الفراغ والفقر واللامبالاة أعداء يجب قتلهم ومحاربتهم لإجتثاثهم من الجذور. وما عدنا نسمع عنه من احتجاجات وانتفاضات عبر الكثير من الولايات ماهو الا القطرة التي أفاضت الكأس وهي بمثابة منبه للمسؤولين خصوصا على المستويات المحلية والذين ساهموا بغفلتهم في تصعيد الأمور ، فأهملوا المواطن وانشغالاته وألهاهم الجري وراء المصالح الشخصية والغاية من وجودهم في تلك المناصب فانساقوا وراءها ،مما فتح الثغرات للفساد والمحسوبية والرشاوي وما تلك الاحتجاجات الا نذير لمنتخبين محليين غافلين أغرقوا المجتمع في متاهات وغياهب عميقة. ويبدو أن الصدى وصل الى أعمق الوادي وبدأت التحركات لإعادة القطاع المنحرف الى سكته قبل فوات الأوان لأن الشباب أداة في يد المجتمع يفعل بها ما يريد إن شاء جعلها صالحة للبناء وإن شاء جعل منها غير ذلك فالكرة في ملعب المسؤولين وحان الوقت للقانون أن يكون سيداً يعلو ولا يعلى عليه.