« يا مسهرني» أغنية متميزة لكوكب الشرق -المرحومة- ( أم كلثوم) ولكن مسارها الامتاعي الفنّى غيّر وجهته، ليغنّى كل مواطن في زمن « النّاموس» بصمت الواقع « يا مسهرني» فالنّهار بحرارته « للعرق» والليل بطوله « للأرق»، وبين مطرقة العرق.. وسندان الأرق ألف حكاية وحكاية !! ففي غياب التّحسيس بأهمية النظافة والتنطيف من جهة، وتغييب المراقبة والمتابعة والمحاسبة من جهة أخرى أصبحت الأوساخ في كل موقع.. وكأننا اعتدنا على ذلك -فأصبحت النظافة مجرد كلمة مقصيّة منسية، وإذا كانت العبارة المتداولة « النظافة من الإيمان .. والوسخ من الشيطان» فما حظّنا من الإيمان يا ترى - كلاب- وقطط ضالة، أسواق فوضوية لا تنظيم.. ولا إزالة (بعوض) متجول بلا قيود ولا حدود، ذباب سيّد زمانه، وعنترة ميدانه، فمن المسؤول؟ ولمن تُوجه أصابع الإتهام؟ للمواطن الذي يرمى بلا تفكير ولا تقرير؟ أم للمسؤول الذي لا يغادر كرسيه، ولا يتابع سير الأعمال في الميدان ؟... لنأخُذ « السوق الشعبي المشهور»- (الأوراس- لاباستي) أي نظافة؟ وأي تنظيم ؟ وأي رقابة؟ وأي أرضية ؟ المهم « الفوائد والموائد» الفوائد للتجار، والموائد للمستهلكين والمجال لا يتسع لذكر المواجع والفواجع في كل مكان وزمان !؟ « يا مسهرني» يغنيها للناموس السليم السقيم، الكبير والصغير، إنه زمن الحشرات بلا منازع ، أما في فضاءات التسوق بالمدينة الجديدة فالنظافة في عطلة مرضية مفتوحة وحال الناس رسميا وشعبيا « تخطي راسي وتفوت»- «أنتاع البايلك» عقلية سائدة رائدة، فمتى يستريح المواطن في ذاته ومتى يساعد ويساهم في راحة الذات الأخرى؟ أم أن الناموس البشري هو الوجه الآخر للناموس العادي؟ وهل الفوضى أصبحت حقا من حقوق كل ساكن مما يجعلنا نتذكر قول الشاعر العربي وليد صوالحة: «بكى الحقّ حزنا على حالنا-،- وأبكى السّماء علينا القدر» - « وجلّل غَيْمَ السّماء السواد-،- وزخت .. فكان اسودَاد المطر» عبارة « أمسية سعيدة تصبحون على خير» في زمن القلق والأرق مجمدة إلى إشعار آخر والأغنية لكل ساكن ساهر « يامسهرني» بلسعات استفزازية متواصلة حتى مطلع الفجر وكلمة (صباح الخير) أي خير مع سمر الاستفزاز، وسهر عذاب الناموس بإمتياز .