* التأكيد على كتابة التاريخ بأيادي وطنية على مدار ثلاثة أيام كاملة والتي اختتمت أول أمس فلقد دارت أشغال الملتقى الدولي الثاني الخاص بالمقاومة الجزائرية في كتابات الآخر ( 1830/1962 ) بجامعة عبدالحميد ابن باديس بمستغانم ، جمع هذا اللقاء الأدبي عدد كبير من باحثين ودكاترة جاؤوا من بلدان عربية وأجنبية ( الجزائر ، تونس ، المغرب ، العراق ، العربية السعودية وفرنسا ) ، من خلال المتدخلين تعرف الحضور على شخصيات أدبية ، سياسية وحتى إنسانية ، اختارت عن قناعة المساهمة في الثورة التحريرية بغض النظر عن أصولها الغربية ، اليوم ، هي في طي النسيان رغم تضحياتها في سبيل انتصار الثورة الجزائرية ، على غرار الطبيب دانييل تلسيت ، جانسون (ف) ، آلان سافاري وجنود فرنسيين فروا من الجيش الفرنسي وإلتحقوا بالجيش الجزائري ومنهم من استشهد في ساحة القتال مداخلات *الدكتور الطيب ولد لعروسي " مكتبة العربي بباريس " الذي جاءت مداخلته تحت عنوان " سيرة مناضل في صفوف ثورة التحرير الجزائرية " يرى أن الطبيب تيلسيت الذي كان ينتمي سياسيا إلى الحزب الشيوعي الفرنسي ، تمرد على حزبه و النظام الفرنسي الإستعماري قبل أن يلتحق في سنة 1954 بالثورة التحريرية ، حيث كان من بين الأوائل الذين فكروا في تشكيل خلية لصنع القنابل في بئر خادم ، هذا النشاط استمر إلى غاية سنة 1956 ، وهي السنة التي ألقت فيها الإدارة الإستعمارية القبض عليه وسجنته إلى غاية انتهاء الحرب ( 5 سنوات ) ، وحسب المتدخل كان تيلسيت كثير النشاط في زنزانته رغم ممارسات التعذيب التي سلطه عليه جلاديه كان تيلسيت يركز دوما في كتاباته على هويته الجزائرية ،لأن الجزائر بلده واللغة العربية لغته وهذا بالرغم من أصوله اليهودية ، لذا احتار المتدخل في تصنيفه ، أهو في خانة " الأنا " أو هو ضمن " الأنا والآخر " لأن تيلسيت كان يركز في كتاباته على أنه لا ينتمي إلى الجنس الفرنسي توفى في العاصمة الفرنسية باريس ورفع مستشفى كبير إسمه ، حيث كان يلقب بطبيب الفقراء . *الدكتور وحيد بوعزيز " جامعة الجزائر 2 " الذي عرج حول الفيلسوف والمفكر الفرنسي آلبارت كامو ( المبهم ، الغامض ، الضبابي ) والذي كان يحمل فكر إيديولوجي استعماري فرنسي ، في حين هناك من كان يؤمن بأنه دافع على الفقراء والمضطهدين مثلما يرى الدكتور عقان أن كامو دافع عن العربي وكان مع القضية الجزائرية بالرغم من أن مواقفه كانت غامضة ومتذبذبة ، لحل هذا التناقض يقول الدكتور وحيد بوعزيز يجب تقسم الطبقات الإجتماعية التي كانت في الجزائر إلى طبقة تتكون من الفرنسيين الأصليين وطبقة من الخليط الأوربي وأخيرا طبقة الإنديجان وهي الأغلبية الديمقراطية لكنها الأقلية الثقافية ، وتأكيدا على أن كامو ينتمي إلى الفكر الكولونيالي
*الدكتورة مناعي حنان جامعة تونس والتي قدمت مداخلتها تحت عنوان " المقاومة الجزائرية من خلال الرسومات الكاريكاتورية " للرسام الفرنسي فرانك جيرو ومن بين ألبومات والرسومات اختارت المتدخلة قصة " عزرائيل ، حيث تروي هذه الأخيرة هروب وحدة عسكرية من الثكنة وهي أصلا متكونة من " الحركة " يقودها الملازم ميسونيي ، حيث كان يلقبه الجزائريون ب " عزرائيل " نظرا لقسوته وممارساته اللاإنسانية معهم ، هذا العسكري الذي كان يعشق شابة من منطقة القبائل حسب الرواية كان يضع فلاحين بسطاء وشباب داخل " الدنون / les cuves " إلى غاية اختناقهم ، كما كان يجرد قرية بكاملها من ملابسهم في سبيل حصوله على معلومة مهما كانت بسيطة ، ضف إلى أن هذا الرسام كان يلصق دوما عبر رسوماته أجزاء من الأعمال الإجرامية المرتكبة في حق الشعب الجزائري إلى المجاهدين . من خلال قراءتها أرادت مناعي إظهار مدى خطورة الرسوم الكاريكاتورية عند نقلها صور ترسخ بعقول متلقيه كما تغرس أفكار خاطئة عن الثورة الجزائرية . *الدكتورة بوخاري مليكة المدرسة العليا للعلوم والإعلام بالجزائر العاصمة التي قدمت مداخلتها تحت عنوان " السينما الغربية بين جدلية الذات والإيديولوجية الإستعمارية " ، تقول أن دول الغرب شرعت منذ مدة في إخراج أفلام تؤرخ إلى فترات غابرة كفيلم " تروادة " و " أوليس " ... هذه الفترات التاريخية بعيدة جدا ولا أحد تعايش معها لكن السينمائيين الغربيين يرجعون إليها ويعرفون بها ، أكثر من هذا يبيضونها من الدماء التي انعمست فيها ، لكن عندما يتعلق الأمر بتاريخ الجزائري فهي تجتهد في تشويهه ، بكلمة تقول ، الصورة اليوم تعيش أوجها فإما أن نواجه نحن ونقف في وجه الزحف الثقافي أو نقف على الحياد ونقبل كل ما ينزل علينا من صور وأفكار ، السينما الإستعمارية تحاول دوما إظهار الجزائري في حالة السخرية ، كما تعمل على التقليل من قيمته كفيلم " علي الملتحي " و " المسلم الضاحك " وغيرها ، وأكدت على تناول الثورة الجزائرية بنوع من الموضوعية . *عبدالكريم الماجري جامعة منوبة " تونس " الذي دارت مداخلته حول كتاب " الوطنية الجزائرية وكبرياء فرنسا " للكاتب الفرنسي " آلان سوفاني اشتراكي المذهب ، كان دوما يعتقد أن احتلال الجزائر عمل خاطئ ارتكبته فرنسا في حق الجزائريين ، لكنه يراه من جهة أخرى مفيد ، حيث يقول آلان بفضل الإحتلال الفرنسي للجزائر في 1830 تعلم الجزائريون معنى التحضر والتمدن وخرجوا من التخلف الذين كانوا باقعين فيه ، وما لاحظه المتدخل من خلال دراسته أن المعني لا يذكر كلمة الثورة في كتاباته ، حيث كان دوما يتجنبها مفضلا تغييرها بكلمة " تمرد " و " انتفاضة " حتى يبعد مفهوم الثورة التي لها برنامج واضح وأبعاد مستقبلية ، مما يبين انتمائه الكولونيالي وإظهار ما حدث في الجزائر على أساس أن ما حدث ما هي إلا أحداث انجرت عنها تغييرات غير منتظرة . هذه الكتابات خانت الكاتب وأظهر نهجه الكولونيالي والدافع عن الجزائر فرنسية .