شهد البرنامج الرمضاني للتلفزيون الجزائري هذه السنة طابعا خاصا لم يشهده الجمهور من قبل ويتعلق الأمر بالدراما السورية التي إكتسحت قنواتنا الفضائية بدون منازع في ظل غياب الدراما المصرية، لتستبدل بكل موضوعية بالسورية التي أقحمت ضمن البرنامج الرمضاني لتأخذ بذلك حصة الأسد من الطابع الدرامي على اليتيمة. ويتعلق الأمر بكل من سلسلة "عشنا وشفنا" للمخرج السوري مأمون البنا وبطولة الممثل الكوميدي ياسر العظمة الذي ظهر في جزء آخر من مسلسل "مرايا" الشهير أين يقدم وقائع درامية ساخرة من خلال لوحات خاصة بالحياة الإجتماعية لكن في قالب فكاهي بحت يعرض أهم المظاهر التي يعيشها المواطن العربي في حياته العادية، وهناك أيضا مسلسل "الصندوق الأسود" للمخرج سيف الشيخ نجيب وبطولة الممثلة منى واصف وبسام كوسا إضافة الى كل من رامي حنا وشكران مرتجى وهي سلسلة إجتماعية تتطرق لمشاكل كثيرة أراد المخرج أن يجمعها في صندوق أسود وهو رمز الأسرار الدفينة والمركز السري الذي تتجمع فيه كل الحقائق قبل بدء الإنفجار، كما أنه يحمل طابعا إجتماعيا يعمل على كشف الأسرار المخبأة في عائلة تحكمها إمرأة متسلطة وكأنها الملكة زنوبيا أو بلقيس، مما يزرع الرهبة في قلوب أفراد العائلة الذين يعيشون في توتر حاد بسبب هذه السيطرة. وإضافة الى هذين العملين السوريين فقد أبى التلفزيون الجزائري إلا أن يعرض مسلسلا آخر على قنواته على هذا الشهر الكريم ويتعلق الأمر بمسلسل "أسعد الوراق" للمخرجة رشا شربتجي وتأليف هوازة عكو أما البطولة فقد عادت لكل من منى واصف مها المصري وفراس إبراهيم وهي قصة درامية تعرض قصة زوجة متسلطة وزوجها الفقير المسكين الذي يحوّلها في لحظة غضب الى إمرأة خرساء ولكن وراء شخصية هذا الفقير يختفي رجل مقاوم للإستعمار الفرنسي. وبما أن شهر رمضان شارف على الإنتهاء فإن البرامج الرمضانية هي الأخرى لم يتبّق منها سوى حلقات لنستخلص بكل موضوعية أن الدراما السورية قد أخذت حصة الأسد من برنامج التلفزيون الجزائري بعد أن تم عرض ثلاثة مسلسلات سورية كاملة تم شراؤها بمبالغ مالية باهظة في ظل وجود مسلسل جزائري وحيد وهو "الذكرى الأخيرة" للمخرج مسعود العايب، مع عدد من المسلسلات الإيرانية المدبلجة باللغة العربية. ومن جهته فقد تناول الإعلام العربي هذا الملف وطرح العديد من التساؤلات حول سبب غياب الدراما المصرية عن قنوات التلفزيون الجزائري. فمنهم من ربط ذلك بأسباب سياسية والبعض الآخر أرجع الأمر للواقعة الرياضية التي تعرض لها فريقنا الوطني بالقاهرة والتعبيرات الدنيئة التي وجهها لنا مختلف الممثلين المصريين، حيث كتبت الصحف العديد من المقابلات حول هذا الأمر وإستغربوا للحضور القوي الذي سجلته الدراما السورية بالجزائر الأمر الذي وطّد العلاقات بين الإنتاج السوري والجزائري وخير دليل على ذلك نذكر مسلسل "ذاكرة الجسد" للراوئية الجزائرية أحلام مستغانمي ومن إخراج نجدة إسماعيل أنزور، أين إمتزجت الحضارات العربية وتفنن هذا المخرج السوري في إبراز جمال العادات الجزائرية والمناطق التي تزخر بها قسنطينة علما أن هذا المسلسل قد عوّل عليه كثيرا التلفزيون الجزائري ليكون من أبرز الأعمال الدرامية في الوطن العربي كما سيكون له الشأن الكبير بعد إنتهاء الحلقات التي تعرض حصريا على الفضائيات الجزائرية وقناة أبو ظبي العربية. ورغم هذا فلا يمكن الإنكار أن الدراما السورية قد أنعشت نوعا ما البرنامج الرمضاني للتلفزيون الجزائري وكسبت من خلاله الجمهور الكبير في إنتظار الإعلان عن إنتاجات مشتركة بين البلدين في المجال الدرامي والسينمائي حسبما أكده بعض المهتمين الذين رأوا أن الفن الجزائري أهل لأن يتعامل مع إنتاجات عربية أخرى من شأنها أن تضيف شيئا ما لرصيده، وتخرجه من القوقعة التي لم يستطع الخروج منها رغم الإمكانيات الهائلة التي يملكها من مخرجين وممثلين وكذا النصوص الدرامية المؤثرة.