استمتع هواة الفن الرابع في اليوم الثالث من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بمسرحية " طقوس الحياة والموت" والتي كانت لوحة فنية رمزية للغاية تدور أحداثها حول جدلية الموت. اجتمعت عناصر القصة الفنية في العرض الذي قدمه ليلة أول أمس مسرح الطليعة لمصر الشقيقة ، أين امتزجت التراجيديا بالكوريغرافيا والأغاني الحزينة لتشكل عرضا شد له الجمهور لأكثر من ساعة من الزمن ، وبرغم أن تلك القصة كانت تأويلاتها كثيرة ما بين إسقاط لمعاناة الشعب المصري وثورته على النظام الفاسد إلى محاولة الإنعتاق من واقع مرير وبناء حياة أخرى جديدة بعد فراق الأحباب. و لقد سافر المخرج الشاب مازن الغرباوي بالجمهور إلى قصة الشابة التي تقبع قرب قبر زوجها ترثيه ليل نهار ، وكأنها نهاية العالم بالنسبة لها ، الشابة الجميلة التي أبدعت الممثلة نهى لطفي في تأدية دورها وصفق لها الجمهور طويلا وبدأت القصة في ديكور لم يتغير يشابه المقبرة، والبداية كانت لوحة حركية أدتها الممثلة نهى لطفي رفقة الراقصتين مي إبراهيم وياسمين ادم، ومن ثم تحكي نهى قصة ولعها بزوجها الذي غادرها بلا رجعة لمأواه الأخير ، واعدة إياه البقاء على العهد إلى غاية أن تجمعهما الحياة الأخرى. وهنا تتداخل قصة أخرى للعريف الذي كان يحرس قبر احد الثوار مخافة سرقة جثته وجعلها نصبا للثوار، ذلك العريف الذي أدى دوره الممثل محمود عزت حيث تنشئ بينه وبين الشابة الأرملة قصة حب بالرغم من المكان الموحش وسط المقابر ، لكنه يفاجئ في الأخير بسرقة جثمان الثائر الذي كلف بحراسته في انشغاله برهة مع الشابة ، فيصبح بين المطرقة والسندان ،بين الاستمرار في حب الفتاة والقيام بواجبه اتجاه الدولة في استتباب الأمن ومكافحة الشغب حتى ولو كان في قرارة نفسه يكره أن يتواجه مع أبناء وطنه. وفي غمرة كل هذا تظهر الفنانة وفاء الحكيم في دور أرملة جاءت هي الأخرى للنحيب على قبر زوجها لتفاجئ بالأرملة الشابة على نفس القبر ، الأمر الذي يؤجج الغضب لديها وتحسب كل منهما أنها خدعت من طرف الزوج ويدور بينهما حوار مطول اتهامات تنتهي بالتيقن أنهما ليستا بالضرتين فوفاء زوجة ثري كان على رأس جماعة مرتزقة ، والأخرى زوجة ثائر، وتنتهي القصة بنهاية مفتوحة حينما تسرق جثة الثائر ويصبح العريف في موقف لا يحسد عليه بين الوفاء لرؤسائه ومحاولة الانتحار بسبب فشله في المهمة والعيش مع المرأة التي أحبها وسط القبور. الجميل أن العمل جرى في ديكور جد بسيط وإضاءة خافتة إلا انه استطاع أن يحمل الجمهور إلى عوالم عديدة وتأويلات كثيرة لما كان يقصده صاحب المسرحية.