صدر أخيرا عن دار فيسيرا للنشر كتاب “مافيا”، الذي يضم سلسلة أروع القصص الجزائرية الواقعية لعديلة كاتيا وترجمها ياسين قلوش من الفرنسية إلى العربية، يحوي الكتاب قصتين الأولى بعنوان “مافيا” والثانية “كيد القدر”، ويمكن وضع نوع المؤلف ضمن كتب الجيب نظرا لحجمه الصغير. القصتان مستوحاتان من أحداث وقعت في الجزائر سنوات التسعينيات، وتعد الكاتبة عديلة كاتيا من أشهر كاتبات القصص الواقعية في صفحات جريدة ليبرتي. تروي القصة الأولى “مافيا” قصة الشابة “صونيا” التي تترمل بسبب غريمتها “نايلة” التي لا تجد بدا في قتل صديق طفولتها “ريان” لأنه اختار امرأة غيرها للعيش معها في كنف الحب المتبادل. وترصد القصة جوانب لا يمكن للعقل أن يتصورها والتسليم بأن مثل هذه الأمور تحدث في أفلام هوليوود فقط، ف”نايلة” لا تتوانى في زرع عيونها في كل مكان وتتربص ب”صونيا” كل الشر وهددتها بالقتل من أجل رجل لم يخترها لتكون شريكة حياته... في مد وجزر للأحداث، يتمكن ريان من الزواج بصونيا، حيث عاشا أياما سعيدة لكنها ما لبثت أن عادت نايلة من جديد لتصنع المكائد للزوج، وأمام ما كانت تقوم به المغرومة لحد المرض، لم تجد عائلة ريان من حيلة سوى تدبير سفر إلى الخارج للنجاة من سّم نايلة الفتاك بعد مناورات قام بها ريان، إذ أوهمها بأنه ترك صونيا ووعدها بالزواج، وكان في الوقت نفسه يستعد للهرب مع زوجته باتجاه ايطاليا. بلغ مسامع نايلة عن طريق جواسيسها، يوم زفافهاو أن عريسها ريان انطلق باتجاه المطار وأنه ينوي اللحاق بصونيا المتواجدة بإيطاليا، فأسرعت تقتفي أثره، ولما وصلت ولمحته ضغظت بقدمها على دواسة سيارتها فانطلقت كالبرق وسحقت ريان فأردته قتيلا، كما فارقت الحياة هي الأخرى من شدة الصدمة. أما قصة “كيد القدر” فهي كذلك قصة حقيقية جرت وقائعها ببومرداس سنوات التسعينيات، بطلها الشرطي ياسر الذي سقط ضحية على أيدي إرهابيين، بعدما تلقى رسالتين تهددانه بالموت، ومأساة القصة هي أن ياسر قتل وقد ترك أرملة بعد زواج دام أياما قليلة، لتشهد مصيرا تراجيديا وتذهب للعلاج بفرنسا لدى طبيب للأمراض النفسية، إذ حاولت الانتحار بعد الواقعة التي ألمت بها... وقررت زوجته “سارة” عدم الزواج مرة أخرى، وكانت في كل مرة تعود للوطن تذهب إلى قبره وتنوح، ولم يبق من زواجها سوى نزر قليل من الصور تعيد لها ذكريات ياسر البائس المسكين. القصتان محبوكتان بشكل يؤهلهما لأن يتحولا إلى فيلم بسهولة متناهية، لا سيما أنهما من الواقع، والجمهور يحب هذا النوع من الإبداع ويتابعه عن قرب، والمطلوب من الدار أن تدعم القارئ الجزائري بهذه القصص في كتب وترجمتها فكرة فذة يوسع شريحة القراء على اللغتين.