أنهت أمس فرقة الباحثين من المركز الوطني لبحوث ما قبل التاريخ و علم الإنسان و التاريخ بالجزائر العاصمة , مهمتها الاستكشافية بموقع إنسان تيغنيف بولاية معسكر , بعد ثلاثة أسابيع من أعمال الحفريات و البحث عما يختزنه الموقع الأثري من لقى و مستحاثات خلفها إنسان تيغنيف الذي عاش في المنطقة في عصر ما قبل التاريخ . الفرقة التي يرأسها البروفيسور سحنوني محمد باحث من المركز المذكور , تضم 25 باحثا ذوي تخصصات متنوعة , من بينهم 4 أجانب من جنسيات مختلفة يقيمون في إسبانيا و اقتصرت مهمتهم على أخذ عينات من موقع إنسان تيغنيف قصد تأريخه من جديد وفق المنهجية الحديثة المتبعة في هذا المجال . رئيس الفريق العلمي , أوضح أن هذه المهمة الثانية لفريقه بذات الموقع , عقب المهمة الأولى في مارس 2013 و التي مكنت الباحثين من العثور على عدد من اللقى تمثلت في مستحاثات حيوانية و أدوات حجرية , بدت قليلة الثراء مما استوجب دعمها بعملية ثانية توجت هي الأخرى بالعثور على مئات اللقى من البقايا العظمية و المصنوعات الحجرية المستعملة من طرف إنسان تيغنيف ,خاصا بالذكر حيوانات الفيل , فرس النهر , وحيد القرن , الحصان الوحشي , و مجموعة عظام لآكلات اللحوم . و البقريات و الزرافة و الغزلان و الحيوانات المائية ... كما كشفت الحفريات لأول مرة اجتماع المستحاثات الحيوانية مع الأدوات الحجرية في نفس الموقع و بالتالي ثبوت العلاقة السببية بين إنسان تيغنيف و بين أدواته و بقايا غذائه . البروفيسور سحنوني اعتبر العثور على هذه اللقى الأثرية هي نتائج الجانب العلمي من مهمتهم التي تندرج كما قال في إطار برنامج المركز الوطني في بحوث ما قبل التاريخ و علم الإنسان و التاريخ , الهادف إلى إعادة النظر في دراسات ما قبل التاريخ , بمنهجية حديثة وعلمية متعددة التخصصات , ملاحظا بالنسبة لموقع إنسان تيغنيف , أنه تم التأريخ له بدون دراسة أثرية دقيقة تركت عدة أسئلة بدون إجابة , و ستتولى البعثة الحالية محاولة الرد عليها , ومنها التأريخ الدقيق للموقع , و تصميم البيئة السائدة في عصر إنسان تيغنيف و دراسة التقنيات التي استعملها و النمط المعيشي الخاص به و طريقة تفاعله مع محيطه . ****إقتراح إنشاء متحف لعرض المكتشفات و زيادة على الشق العلمي للمهمة هناك جانب رد الاعتبار للموقع حيث اقترح الفريق العلمي إنشاء متحف تعرض فيه اللقى المكتشفة فيه و يتحول إلى مرفق ثقافي تربوي في خدمة سمان المنطقة و تلاميذها و هو مشروع لا بد أن تشارك في تجسيده البلدية و جمعية إنسان تيغنيف المحلية , كما دعا إلى ذلك البروفيسور سحنوني . رئيس الفريق العلمي الذي شكك في التأريخ المتداول عن الموقع المقدر بحوالي 700 ألف سنة , أكد أن فرضية فريقه تعيد تاريخ موقع إنسان تيغنيف إلى حوالي 900 ألف أو مليون عام , و أوضح أن أبحاثهم و دراساتهم للعينات المأخوذة من الموقع ستساعد في تحديد التأريخ الأدق , مشيرا أن اللقى المكتشفة سيشارك في دراستها العديد من باحثي مركزهم كل في مجال اختصاصه , و لم يستبعد ذات الباحث مواصلة إيفاد فرق أخرى إلى موقع تيغنيف الأثري ضمن برنامج قصير المدى يمتد على 3سنوات سطره المركز , والذي قد يدعم ببرنامج آخر متوسط المدى , غير أنه ربط ذلك بمدى أهمية النتائج العلمية المتوصل إليها , و بمدى تجاوب السلطات العمومية مع عمل الباحثين . و بخصوص طلب تصنيف الموقع عالميا , أوضح البروفيسور سحنوني , أن موقع إنسان تيغنيف مصنف وطنيا , و من أجل طلب تصنيفه على المستوى العالمي , لابد من تهيئته وفق المقاييس المحددة من طرف منظمة اليونسكو , و هي مهمة تقع على عاتق السلطات العمومية . و حول الميزانية المخصصة لمثل هذه البعثات , أوضح أن الميزانية تقتصر على نفقات المهمة , ملاحظا أن مركزهم يوفر العتاد والتجهيزات و وسائل البحث , منوها بما قدمته السلطات المحلية و جمعية إنسان تيغنيف من مساعدات للفريق العلمي من حيث الإيواء على وجه الخصوص .