جالسا في هيأتي ، واقفا بأفكاري ، باحثا عنك بذاكرتي مسرعا باتجاهك آملا في رؤيتك ، خائبا في غيابك ، كنت هكذا مبعثرا في مكاني وكنتِ أنتِ هناك حيث عالمك الجميل وراء الجبال بعيدا ، تفصل بيننا مدائن كثيرة ودروب طويلة وسهول وتلال لا تحصى وأسئلة لا تنتهي، تقربك الألحان مني وتبعدك المسافات الظالمة ويحرمني منك الزمن البخيل . أبقى قابعا في مكاني جامدا في زماني حزينا في حزني على حافة اللامعقول ، داع يدعوني إلى الاقتراب منك أكثر يجرني إلى موطنك القديم عسى أن تحمل عنك تلك الجدران والأشجار جديدا أو تروي قديما كان هنا ، عساها تسامرنا ببعض ما كان منك ، ببعض تفاصيلك الخفية عساه القدر يحمل بعضا منك ،من عطرك أو سحرك أما طيفك فاعرف أنه هناك جالسا بين تلك الأشجار أمام تلك البوابات مستندا تلك الجدران في انتظاري. كم ضاع من الوقت الكثير منذ عرفتك الذاكرة و كم مرت السنوات راكضة نحو الفراغ وكم سيمر من الوقت البائس بعد أن غادرت ، لقد تغيرت الثواني قبل وبعد ذهابك صار لها طعم آخر و وزن آخر ووقع آخر وكم صارت تافهة الدقائق والساعات بدونك وكيف صارت السنوات ليست بالسنوات في أفولك ، لقد كنت شمسا وغروبك كان حزينا قاسيا ترك ظلاما أرخى سدوله لا يبغي الانقشاع . ساعيا إلى حيث تحملني الخطوات المرتبكة الموجهة في طريقي ألاقي بعضا مما يذكرني بك، أرى ابتساماتك ووقوفك الجميل وحديثك المعشوشب بالخضرة ، أرى حضورك القادم من كوكب وعالم آخر وأرى حجم خسائري بفقدانك.