عرض أول أمس بمتحف السينما بوهران فيلم لالة فاطمة نسومر لمخرجه بلقاسم حجاج و الذي يتعرض لحياة أيقونة المقاومة في منطقة القبائل و يروي جانبا من حياة امرأة صنعت أسطورة حقيقية في المقاومة الجزائرية خاصة و أنها تمردت على بعض عادات و معتقدات مجتمعها فيما يخص الزواج التقليدي بالإكراه و اشتهرت بالزهد و إتباعها للطريقة الرحمانية أين اتخذها سكان دشرتها كولية صالحة لكثرة التزامها و اعتكافها لعبادة رب العباد مما جعل كل من تدعو يؤمن بمعجزات بركاتها.وتجري أحداث الفيلم في أواخر العشرية الرابعة من القرن التاسع عشر، وفي الوقت الذي كانت منطقة القبائل لا تزال تتميز بتمردها المعهود والمشهود لها، بصفتها معقلا حقيقيا لكل الأصوات المنددة والمناهضة لتلك الأوضاع القاهرة التي فرضها المستعمر على البلد، حيث كانت فرنسا تتأهب لغزوها لهذه المنطقة الإستراتيجية. وبدأت المقاومة تنتظم شيئا فشيئا. وفي هذا الجو المشحون بالقومية نشأت وترعرعت البطلة "فاطمة نسومر"، وسط عائلة من الأعيان المثقفة و ظلت مرتبطة ارتباطا وثيقا بعقيدة دينية جد قوية، حيث شعرت مبكرا بأن شخصيتها المميزة سوف لن تسمح لها أن ترضى بذلك النظام المفروض آنذاك على المرأة الريفية؛ وبما أنها كانت تلك الوضعية التقليدية الخاصة بالمرأة للقرن التاسع عشر، فإنها فضلت أخيرا مسكها بزمام أمرها بمفردها، إلى أن كان لها موعدا مع قدر على مقاسها لما حان وقت تحرك عجلة التاريخ لصالحها. كما أن الفيلم يتعرض لعلاقة عشق جمعت بوبغلة مع لالة نسومر حيث كانت مصدر إلهامه و قوته خاصة بعد مقابلته لها و إعطائها إياه قلادة "الطلسم" التي كان يمتلكها جدها لحمايته وكانت يستلهم منها الحرية و المقاومة و يوضح الفيلم كذلك أن بوبغلة قد تقدم بطلب يد لالة نسومر لكن أخوها رفض ذلك بالرغم من المهر الذي عرضه عليه مما يسبب في نفسية بوبغلة غضب ، يتحول فيما بعد إلى ثورة على كل معارضيه الذين يغدرون به في آخر المطاف ثم تتولى من بعده لالة فاطمة نسومر قيادة توحيد القبائل ضد المحتل الفرنسي و تنجح في ذلك حيث تسحب كل الموالين لفرنسا إلى جبهة القبائل المتوحدة و تقوم بالنصح و قيادة الثورة الشعبية ضد فرنسا و تدخل من خلال ذلك التاريخ و تستمر أسطورتها عبر مراحل تاريخية طويلة . و لقد أدت دور لالة نسومر الفنانة ليتيسيا ايدو وهي ممثلة فرنسية لبنانية و أدى دور بوبغلة اسعد البواب الممثل المغربي و كتب السيناريو كل من بلقاسم حجاج و مارسيل بوليو و كتب الحوار باللغة الأمازيغية محمد بن حمادوش صاحب رائعة" اباباينوفا "أما الموسيقى فكانت لصافي بوتلة. ويقدم الفيلم الذي تم تصويره ،بقرية "أورجة" مسقط رأس لالة فاطمة نسومر، بالقلعة بمنطقة "تسامرت" و"تيزي" ببرج بوعريريج، نظرا لعراقتها تاريخيا وكونها تتوفر على جبال ومسالك وعرة، إلى جانب تصوير المشاهد المتبقية بكل من ولايتي تيزي وزو وبجاية، باللغة الأمازيغية تحت ترجمة باللغة الفرنسية و عربية بنوعية دولبي ديجيتال، على أن يتم إعداد نسخة منه بالعربية. من ناحية أخرى، أوضح المخرج بلقاسم حجاج في لقاء مع الحضور عقب عرض فيلم "فاطمة نسومر" أن هذا العمل استنزف كثيرا من الطاقة والجهد والعمل الذي استمر على مدار أربع سنوات كاملة من التحضير والكتابة والتصوير، مضيفا أنه "هدية لامرأة وهبت حياتها من أجل طرد الاستعمار الفرنسي". و تباينت الأسئلة حول اللغة و السياق التاريخي و انتقاء الفنانين و أمور عديدة في ذات السياق و أوضح المخرج من خلال ذلك رغبته في تسليط الضوء على حقبة لم يتناولها التاريخ المكتوب فالمراجع غير التراث الشفوي معدومة حول فاطمة نسومر و كل ما يتعلق ببوبغلة متوفر فقط في تقارير جنرالات فرنسا و نظرة المستعمر لا يمكن الأخذ و التسليم بها وتحدث أيضا عن التراث اللغوي القبائلي و الشعر المستعمل في أبهى صوره.