"استشرت 3 دكاترة في التاريخ لتفادي المغالطات قبل إخراج فيلم نسومر" قال مخرج فيلم "لالة فاطمة نسومر" بلقاسم حجاج أول أمس على هامش عرض فيلمه "لالة فاطمة نسومر" بقاعة سينيماتيك وهران، أن عمله السينمائي هذا يعكس فترة من تاريخ الجزائر وخاصة فترة القرن التاسع عشر مع بدايات التواجد الاستعماري في الجزائر وهي مثلما أكد حجاج فترة مغمورة في تاريخ الاستعمار الفرنسي لبلادنا و أن الاستعمار تعمد أن يبقيها في الظلام للدلالة على أنه لم يلقى مقاومة من طرف الجزائريين آنذاك وأنه كان مرحبا به في كل أنحاء الجزائر وأن المقاومة بدأت مع الفاتح نوفمبر 54، وهذا ما حز في نفس المخرج حسبما أضاف ودفعه لتسليط الضوء على نماذج من المقاومة الوطنية ضد التواجد الفرنسي في الجزائر التي رفض أبناؤها هذا المستعمر الدخيل منذ أولى لحظات تواجده فوق أراضيها ويشدد حجاج اللهجة قائلا "لا أحد دعا الفرنسيين للمجيء للجزائر، استعمرونا و ارتكبوا جرائم أبشع مما نتصوّر في حق سكان الجزائر الأبرياء" من هنا كما أوضح جاء فيلم "فاطمة نسومر" التي اختارها كرمز فريد من نوعه في تاريخ المقاومة الوطنية، هي امرأة تحدت كل الأعراف التي كانت تسود منطقة القبائل آنذاك بل كل القرى و المداشر الجزائرية، هي صورة للمرأة الجزائرية المقاومة مثلما قال المخرج "أردت من خلال هذا الفيلم أن أعطي صورة عن ماضي المرأة الجزائرية المقاومة لتكون كنموذج تتبعه المرأة والفتيات الجزائريات الآن يفتخرن به ويواصلن مساره". وبخصوص عدم إبراز دور لالة فاطمة نسومر المقاومة للاستعمار وقائدة المعارك، فسر المخرج ذلك بقلة الأرشيف الذي يوثق لتلك الفترة ولما قامت به فاطمة نسومر وأنه اعتمد على ما يتم تداوله لحد الآن عن آثار مقاومتها وعلى استشارة بعض المؤرخين من جامعة تيزي وزو منهم سي يوسف محمد وهو مختص في التاريخ وفي فترة القرن التاسع عشر خاصة رفقة الأستاذة ملحة بن ابراهيم والأستاذة حورية عبد النبي. وأضاف حجاج أن ثالث عنصر أراد إبرازه من خلال إنجاز فيلم لالة فاطمة نسومر، هو ترسيخ اللغة الأمازيغية عن عمل سينمائي تتداوله الأجيال، ويسهل على المشاهد للفيلم التعرف على الأمازيغية منوها في هذا الصدد بتقبل غير الناطقين بالأمازيغية للفيلم بل ويقول "تفاجأت بأن غير الناطقين بالأمازيغية رفضوا الترجمة بالعربية والفرنسية التي ترافق العرض وفضلوا المتابعة بالأمازيغية" مذكرا أنه كانت له تجربة مع فيلم "ماشاهو" الذي دبلجه للعربية ولكن النسخة الأمازيغية كانت مطلوبة أكثر، ومن هنا رافع بلقاسم حجاج بضرورة تغيير الطريقة التي يعتمد عليها اليوم بعض القائمين على نشر الأمازيغية والتي تعتمد أساسا على النقل الشفهي أو المكتوب، وطالبهم بالإنتقال للإعتماد على التكنولوجيات الحديثة التي توصل الرسالة بسرعة ويتم الإستيعاب من خلالها بسرعة أيضا. وأشار حجاج أنه نقل عن طريق الفيلم كل الثرات والعادات والتقاليد الأمازيغية وليس اللغة فقط. من جهة أخرى، أوضح المخرج أن فيلم "لالة فاطمة نسومر" ليس فيلما تاريخيا، هو فيلم سينمائي يجمع بين التاريخ والخيال الفني السينمائي، مؤكدا على نذرة الأرشيف المتحدث عن تاريخ مقاومة فاطمة نسومر وأنه وجد أرشيفا ربما لا يتعدى 10 صفحات مثلما قال، ولكن وجودها في الذاكرة الجماعية لسكان المنطقة ألهمه الكثير من الأفكار وحسبه "هي أسطورة "، وهذا ما حاول إبرازه في الفيلم الذي ركز على أنه أشيع على فاطمة نسومر أنها كانت تشفي المرضى ولها كرامات تجسدت في مختلف الأوضاع، كأنها كانت تعرف شيئا من الغيبيات وأن بركتها كانت تعم المداشر والقرى المجاورة. إذن جمع حجاج بين التاريخ والأسطورة في فيلم جميل وممتع للمشاهدة. من جهة أخرى، تأسف المخرج على وضعية قاعات السينما في الجزائر التي لم تزود لحد الآن بتقنيات عصرية تسمح بمتابعة الأعمال السينمائية في أحسن الظروف، منوها في الوقت ذاته بالمجهودات التي تبذل من أجل إبقاء قاعات السينيماتيك مفتوحة على مدار أيام الأسبوع لتسمح للجمهور بالعودة للسينما. للعلم فقد شاهد الفيلم مجموعة من تلاميذ الثانويات الذين اصطحبهم مدير التربية بوهران وكان لهم لقاء أيضا مع المخرج في محاول لجلب الجمهور لقاعات السينما.