أضحت دواوين الشعر هذه الأيام لا تلقى إهتمام دور النشر والمكتبات المتخصصة بحيث تفاجأنا ونحن نستطلع ونزور مختلف هذه النوادي الثقافية بغياب مراجع وكتب، بل وحتى دواوين الشعر النسوي على وجه الخصوص الذي إقتصر تواجده على إصدارات قديمة أو طبعات جديدة لنصوص قديمة بالرغم من أن العديد من عشاق الأدب يميلون الى قراءة الأبيات الشعرية في حين ذكر أصحاب المكتبات الكبرى بوهران والتي لا يفوتها أي إصدار جديد أن دواوين الشعر النسائي غابت عن الرفوف منذ زمن، ليس لأنه لا أحد يكتب بل لأن لا أحد يصدر اليوم كتابا للشعر، من هنا يقودنا التساؤل عن أسباب هذه الظاهرة وهل يتعلق الأمر بدوافع مادية بحكم أن أغلب دور النشر وكذا المكتبات تجني أرباحا طائلة وراء إصدار وبيع مختلف الإنتاجات الأدبية؟ أم أن النصوص الشعرية لم تعد تستهوي القراء جراء ضعفها وكذا عدم تناولها لمواضيع تحمل بعضا من التحديات الراهنة التي تمس واقعهم. وعندما يئسنا من البحث عن ديوان شعري جديد بأي لغة كان على رفوف المكتبات بوهران بينا إلا الإتصال ببعض دور النشر حيث إلتمسنا عدم الإهتمام بالكتابة الشعرية والتركيز على الكتابة النثرية ولاسيما الرواية التي تعرف حضورا قويا في سوق الكتاب بالجزائر عموما ووهران على وجه التحديد وأكدت بعض دور النشر بالجزائر على غرار دار سيديا حاليا لا تفكر في نشر دواوين شعرية ولكن ذلك قد يكون ضمن مشاريعها المستقبلية فيما أفادت اخرى منها دار القصبة أن الدواوين الشعرية ليست من إختصاصها في حين أنها تختص في نشر وإصدار كل الألوان الأدبية وغير الأدبية عدا الشعر. وهناك دور أخرى تهتم بإصدار دواوين الشعر مثل دار الغرب بوهران الأخير ولكن هذا الأخير لم يعدمطلوبا بحيث أصبح الكم أكثر من الكيف والمهم أن تطبع رغم أن اللب فارغا وهناك من الشعراء والشاعرات الذين رفضوا رفع التحدي وبقوا حبيسين لكلماتهم وفضلوا عدم الحديث عن هذا الموضوع رغم أنهم أكثر المتأثرين ولا يعني غياب كتب الشعر غياب النص أو الابداع في هذا المجال ولكن لا توجد أرضية وتواصل وفرض الذات. وبالموازاة تعيش بعض الدول العربية نهضة شعرية كسوريا والإمارات العربية المتحدة وكل دول الخليج التي وصلت الى تخصيص قنوات تلفزيونية للشعر والشعراء، ونفس الشيء بالنسبة لموريتانيا المعروفة بإسم بلد المليون شاعر فبدورها تولي إهتماما كبيرا بالشعر، حيث تنظم مختلف المقاهي الأدبية العديد من الأمسيات واللقاءات تتطرق الى كل ألوان وأنواع الشعر ويقودنا ذلك الى طرح سؤال آخر هل فعاني من أزمة في الشعر نضمه وإصداره وبيعه وقراءته؟ وإن كان هناك سبب آخر غير هذا فلماذا تأخرنا كثيرا في هذا المجال؟. وإذا ذكرنا الكتابة النسوية على وجه الخصوص فهي الأخرى غائبة عن المكتبات وإن كنا نسمع الكثير عنها إلا أن الجديد لم يدوّن بعد وما جاء في مهرجان الشعر النسوي الجارية فعالياته بقسنطينة هو قصائد جديدة لشاعرات بارزات في حين أن عدد الإصدارات قليل جدا ولا يضاهي تلك الإصدارات المتعلقة بالرواية، ومن المفترض أن تخرج التظاهرات المتعلقة بهذا الفن بتوصيات تخدم الكتابة الشعرية وتعيدها إلى عصر التألق أين كان للقصيدة وزنها وان يصمت الوجود عندما تلقي الشاعرة ابياتها لا نريد أن تكون في مثل هذه الفعاليات كاللئام في مأدبة الأيتام، نريدها أن تكون خطوة لتدوين النص الشعري ونافذة للإطلال لا للوقوف على الأطلال. ومعاناة وهران وهي تعيش أزمة في دواوين الشعر غريبة على مدينة تحتضن أسماء مبدعة وبارزة وغير لائق بعاصمة الغرب أن تحجب عنها شمس القصيد وتبقى كما وصفها الشاعر بن مسعود عبد القادر معروفة بالنوم والعيش في سبات وإن كان هذا هو حال وواقع الشعر بالباهية فبالمقابل لا تبدل أي جهود للنهوض به ويبقى اللون الأدبي الغائب ربما حتى في معرض الكتاب الدولي الذي يراهن فيه أغلب دور النشر على الكتب التاريخية الثورية والرواية.