يعتبر الحاج مولاي الناجم من أكبر المستثمرين الخواص بولاية أدرار إذ أن معظم الولايات الشمالية تعتمد على منتوجاته الفلاحية. ومن جرّاء حبّ هذا الرجل لأرضه بذل مجهودا كبيرا ليجعلها قطبا لكل المزروعات منها الصويا، الشمندر السكري، المورينڤا، القطن وكل أنواع الخضروات والفواكه، هذا زيادة على تربية الأنعام بما فيها الجمال، الأغنام والأبقار لكن وبالرغم من شجاعة هذا الرجل إلا أنه ومن خلال إستجوابنا له طرح لنا جملة من المشاكل التي يعاني منها قطاع الفلاحة لاسيما لدى المستثمرين الكبار والتي تتمثل في غلاء الكهرباء، فضلا عن النقص الكبير في اليد العاملة- وهو الأمر حسبه- الذي لم يسمح للفلاحة بولاية أدرار أن تخطوا خطوات عملاقة وفيما يلي نص الحوار الذي أجريناه معه: مرحبا بكم سيدي على صفحات جريدة الجمهورية؟ - شكرا جزيلا على زيارتكم لي اليوم في أرضي المضيافة التي تعتبر بيتا لكل رجال الإعلام الذين يمثلون لسان المواطن الناطق. سيدي نريد منكم أن توضحوا لنا تاريخ استلامكم لهذه الأرض وكيف كانت الإنطلاقة بإعتباركم المستثمرين الخواص في الميدان الفلاحي.؟ - البداية كانت صعبة للغاية، فقد استثمرت هذه الأرض خلال سنة 1967 ولعلمكم أنني بدأت بقطعة أرض صغيرة لا تتجاوز 78 هكتارا لتتضاعف اليوم وتصبح 1270 هكتار وذلك من خلال المثابرة والجد والعمل المتواصل. نريد منكم أن تعطونا إجمالي المنتوج الذي غرستموه لأول مرة؟ - لقد غرست في البداية 1400 هكتار خلال سنة 1987 ومن ثم أضحينا سنويا نضيف 500 إلى 600 هكتار لأنشغل بعدها بزراعة القمح تم الإهتمام بالمزروعات التي لا تتوفر عليها بلادنا فأحضرت القصب السكري من المالي وغرسته ولعلمكم أنني تعبت كثيرا في نقله من دولة المالي إلى ولاية أدرار بحيث قضيت 6 أيام في الطريق وقد كانت هذه النبتة تحت متابعتي الخاصة فقد وضعتها في الدلاء وسط الرمال وذلك حتى لا تفسد وخلال في 3 أشهر من غرسه نما على علوّ 3 أمتار وما تجدر الإشارة إليه أنه في دولة كوبا المشهورة بالقصب السكري يتم حصد هذا المنتوج مرة في كل عام، أما الجزائر فبإمكانها حصد 3 مرات في السنة، زيادة على هذا غرست القطن الذي أحضرته هو الآخر من دولة المالي بحيث أتيت بكمية قليلة فقد إلا أنني حظيت بمنتوج وفير وبدأ يزرع نفسه بنفسه بالإضافة إلى هذا فقد أحضرت الصوجا التي يستخرج منها الزيت كما جلبت الذرى والشمندر السكري، هذا الأخير الذي كنّا نقدمه للأبقار وهو يساهم في زيادة وفيرة في الحليب بحيث مقارنة مع ما تتناوله الأبقار من أعشاب فهي تعطينه من 5 إلى 6 ليترات من الحليب يوميا، لأن الشمندر السكري مفيدا جدا لإستبداله مكان الأعلاف. وماذا عن غرس الفواكه؟ - نعم فقد أخذت هي الأخرى قسطا كبيرا من الإهتمام إذ غرست الكانطالو، البطيخ، فضلا على الفراولة هذا على غرار الفلفل الحلو والطماطم ... زيادة على هذا لقد أحضر لي صديقي شجرة من الهند يطلق عليها اسم » المورينڤا« المفيدة جدا للمريض وكذا الحيوان المريض. ما هي الأمراض التي تعالجها نبتة »المورينڤ«؟ - يقال أنها تعالج المعدة والروماتيزم والربو... دائما يأتي المرضى عندي لإستلامها. هل الأرض تنتج أكثر مما تعطي الدولة بإعتباركم أكبر المستثمرين الفلاحين هنا بولاية أدرار؟ - الأرض مرهونة بصاحبها، فهناك من يهتم بها وهناك من يساهم في قتلها، فالأرض صالحة لزراعة كل شيء، ولعلمكم أن منتوجنا وصل إلى 65 قنطارا في الهكتار الواحد، إلا أن هذا العام سجلنا 45 قنطارا في الهكتار الواحد، فبلادنا تحتوي على خيرات كثيرة إلا أن كيفية التعامل مع الأرض هي العامل الوحيد الذي يعيق تطور الفلاحة. ما هي المشاكل التي يعاني منها قطاع الفلاحة والتي تواجه نشاطكم؟ - بطبيعة الحال المشاكل موجودة وبكثرة ، فمثلا وعن الطماطم كنا ننتج في السابق 250 طنا يوميا، لتبدأ نسبة إنتاجها تنخفض فكان التجار يتوافدون علينا وينقلونها إلى بوفاريك لتحويلها إلى طماطم مصبرة وبعد فتحنا المصنع تحويل الطماطم كان مدخولنا وفيرا ليغلق أبوابه بعد 6 سنوات من العمل، والآن هو في طي الإهمال، ولعلمكم أنه وخلال برودة الطقس فإن مادة الطماطم تباع ونسجل أرباحا لكن وأثناء فصل الصيف وحتى ولو بيعت ب 3 دنانير فإنها تبقى مكدّسة في الصناديق وبالتالي منذ غلق المصنع لم يعد الفلاحون يغرسون الطماطم، بالرغم من أن ولايتنا مشهورة بغرس هذه المادة، فضلا عن هذا أحيطكم علما بأن هناك من التجار من يشترون الطماطم ب 3 دنانير إلى 5 دنانير ليبيعونها في المدن الشمالية بأثمان خيالية. وزيادة على هذا المشكل هناك عائق آخر فأنا شخصيا بإعتباري أكبر المستثمرين بالولاية أعاني من نقص كبير في اليد العاملة أي أن الشباب يرفض العمل في النشاط الفلاحي وحتى أبناء المنطقة منهم، بالإضافة إلى فأنا أدفع شهريا من 60 ألف إلى 80 ألف دج كمستحقات الكهرباء فنحن المستثمرين الكبار لا نستفيد من الدعم الخاص بهذه الطاقة بينما الفلاحون الصغار يتم تدعيمهم أي أنهم يدفعون 50 بالمائة من المستحقات فقط وقد طالبت مرارا وتكرارا بهذا المطلب لكن لا حياة لمن تنادي. ذكرتم من قبل بأنكم تسجلون خسارة في الكثير من الأحيان بينما لو حوّلتم نشاطكم إلى الميدان التجاري لكنتم ربّما حققتم أرباحا طائلة. فلماذا سيدي لا تزالون متشبثون بالمجال الفلاحي؟ - لقد أصبحت الفلاحة بمثابة دم يجري في عروقي فأنا حتى في أيام العطل والأعياد أقصد مزرعتي للمراقبة وأتفحص الأنعام وأغذّيها وذلك لأنه خلال الأعياد يأتي معظم العمال متأخرين وهذا من حقهم. لو كنت في إحدى ولايات الشمال هل تترقب أن تحقق أكثر من الذي حققته بولاية أدرار؟ - بطبيعة الحال نعم، لكن العائق الوحيد بهذه الجهات هو ندرة المياه هذه الأخيرة التي تلعب دورا كبيرا في قطاع الفلاحة، بينما هي متوفرة للفلاحة وللأنعام بزيادة بولاية أدرار. بإعتبارك من أكبر المستثمرين ليس بالولاية فقط وإنما بالجزائر، ما هي الولايات التي تمونها بمنتوجاتك؟ - تقريبا معظم الولايات، فمادة الطماطم مثلا توجه إلى المدن الشمالية، ونفس الأمر بالنسبة للمواد الأخرى وأتمنى أن أموّن معظم الولايات الموزعة على التراب الوطني. هل قمت سيدي بعرض مادة الطماطم؟ - جربتها حوالي سنتين فقط لينخفض سعرها بعد ذلك، فأضحى كل من يغرسها بولايتنا يسجل لديه خسارة. ومن أين تأتون بأنعامكم؟ - نأتي بها من دولة مالي، ولعلمكم أن بائعها هو الذي يحضرها إلى الجزائر وتحديدا إلى أسواق برج باجي مختار وكذا تيمياوين فضلا عن عين ڤزام ونحن نذهب لشرائها وفي بعض الأحيان نتعامل مع هؤلاء التجار بالمقايضة أي نعطيهم التمر ونأخذ الحيوانات. ما هو عدد العمال الذين تعتمد عليهم سيدي في أرضكم؟ - لدينا 10 نساء و47 عاملا موسميا ويتقاضون من 10 آلاف إلى 12 ألف دينار شهريا هذا فضلا عن توفير لهم المأكل والمشرب، أما الدائمون فيتجاوز أجرهم 20 ألف دينار شهريا. ما هي الإنطباعات التي تلمسها عند زوّارك، لا سيما وأننا نعلم بأن أرضك مقصد للأجانب والسيّاح؟ - لقد قصدني أجانب كثر واندهشوا لضخامة عملي، فنصحوني بالإبتعاد عن الأرض الكبيرة وإستغلال المساحات الصغيرة فقط لكنني رفضت ذلك، لأنني أحب أرضي وبلدي وقد تلقيت نفس التوجيهات عند انطلاقي إذ طلب مني العديد ممن أعرفهم بأن لا أغوص في عالم الفلاحة لأن التدعيم به منعدم لكنني لم أوافقهم الرأي، ونجحت كما ترون في نشاطي واليوم أضحت أرضي قطبا هاما للتجارب من الجامعات والمعاهد وهذا ما يشجعني أكثر على مواصلة نشاطي. نريد منكم كلمة أخيرة سيدي؟ - نتمنى أن يهتم شبابنا بالميدان الفلاحي وأن يرثوا هذا النشاط عن آبائهم وأجدادهم، بإعتبار أن الأرض كنز بأتم معنى الكلمة، وأشكر من خلالكم القائمون على رأس قطاع الفلاحة لتعاونهم معنا في بعض الحالات.