الأفلام التركية التي دخلت أمس قاعات العرض شذت انتباه زائر السينما العادي لاسيما وسط أفلام عربية كثيرة مشاركة في الدورة الثامنة لمهرجان وهران للفيلم العربي لكن الذي صنع الحدث امس اكثر من الافلام التركية هي الأفلام الوثائقية التي تعتبر من الأعمال الهامة وتعد أهم من الأفلام الدرامية لأنها تعكس الواقع السياسي والاقتصادي والتاريخي من خلال عيون المخرجين وقراءتهم للأحداث خاصة وأن الأفلام الدرامية لا تعالج بشكل مباشر انشغالات الشعوب العربية ، كما أن الفيلم الوثائقي يظهر مباشرة الحقائق ويمكن أن يغير ما لا يمكن أن تغيره الأفلام الدرامية. ويتم مخاطبة المتفرج مباشرة أثناء مشاهدته لفيلم وثائقي يعالج واقعه اليومي أو وقائع سياسية أو تاريخية وأكثر ما نبحث عنه في المهرجان السينمائي هو أن نظفر بمشاهدة عمل يحقق المتعة، بصرف النظر عن محمول رسائله او طرق و وسائط تعبيره، فكم من أفلام تحمل مضمونا وقضايا لكنها تفشل في انتزاع اعجاب الجمهور لخروجها عن سياقاتها الفنية او فشلها في إقناع المتلقي بأنها تحوي ما يستحق المشاهدة والإعجاب .ولعل الأفلام التي عُرضت ضمن الدورة الثامنة لمهرجان وهران الدولي للسينما العربية، كانت من الأعمال التي تستحق التوقف، وكأنها اجتمعت لتشكل لوحة التميز، وما جد إعجاب الحضور في قاعة الونشريس إلى حد البكاء هو فيلم كالدونيا الجديدة... مظلمة النفي"، للمخرج الجزائري "عبد القادر مام"، فيلم وثائقي مؤلم ومؤثر، حاول صاحبه تسليط الضوء على عواقب ومآلات عقوبة النّفي القسري، التي ابتكرها الاستدمار الفرنسي، للتخلّص من أبرز رموز المقاومة الجزائرية إلى جزيرة كاليدونيا، إذ وبعد اندلاع المقاومة الشعبية للشيخين محمد المقراني و أمزيان الحداد في 1870، لم تجد السّلطات الكولونيالة من بدّ سوى نفي قادة وزعماء الانتفاضة إلى جزيرة موحشة بعيدة ب22 ألف كلم عن الجزائر، فمنسيو التاريخ هكذا أراد سليلو الجزائريين الذين تم نفيهم إلى كاليدونيا الجديدة، والمنحدرين من مقاطعات عدة جهات من الوطن هكذا أرادوا بعث رسالة أمل و عودة إلى أصولهم و جذورهم الجزائرية من خلال الفيلم الوثائقي للمخرج عبد القادر مام و هذا بعدما أقصاهم تاريخ الجزائر من وضع تضحياتهم وذكرها في طياته، كما كان الفيلم الوثائقي للمخرج العراقي" علي رحيم " "حلبجة " يوثق أحداث المدينة عام 1988 جراء القصف الكيمياوي في حق الأكراد القاطنين بالمدينة والتي أسفرت عن مقتل حوالي 8000 شهيد وأعاد المخرج رسم بقايا المجازر التي عانى منه الشعب الأعزل بحكاية أشخاص من الواقع الناجيين من القصف الكيمياوي والذين وصف من عاشوه برائحة التفاح القوية لتتواصل فعاليات الخاصة بروشة السيناريو و التي استفذ منها الكثير من الشباب السينمائي و يبقى الحدث السينمائي متواصلا بوهران بوصول الفنانين العرب و خاصة الأتراك الذين وصلوا أمس رفقة أفلامهم المبرمجة التي كانت منتظرة من قبل الجمهور الوهراني .