نورية قصدرلي ... سيدة المسرح بلا منازع، فنانة من العيار الثقيل وهي واحدة ممن تبقوا من الزمن الجميل ،ورغم بلوغها سن التسعينات إلا أنها لا تغفل عن صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها بالتواريخ والعناوين والأسماء.. تحفظ في مخيالها أسرارا كثيرة عن أقرانها قصدرلي، رويشد، كلثوم، حسن الحسني، وآخرون ممن عانقوا الركح وأقسموا على حبه إلى الأبد. اسمها الحقيقي خديجة ومن اطلقا عليها اسم "نورية" بدلا عن اسمها الحقيقي هما مصطفى بديع وبوعلام رايس وهي من مواليد مدينة تيارت عام 1921، كانت وحيدة أبويها وعندما بلغت سن ال14 عاما انتقلت للعيش رفقة أختها من أبيها المتزوجة في مستغانم وبعد بضع سنوات تعرفت على مصطفى قصدرلي.. وتزوجته و هي بنت ال 19 عاما ثم انتقلنا إلى العاصمة.. كانت خياطة، وكان زوجها قصدرلي ممثلا وقتها يقوم بجولات فنية رفقة بوعلام رايس ومصطفى بديع وعبد الرحمن عزيز وكانوا يقومون بجولات فنية عبر القطر الجزائري بإمكانيات تكاد تكون منعدمة فيضطرون إلى بيع أشيائهم الخاصة من أجل التنقل، "ملابس.. وساعات".. كانت تخبئ مبلغا بسيطا من المال فطلبوا منها إعارتهم إياه فوافقت بشرط أن ترافقهم في جولتهم الفنية للنزهة والفرجة ولأنهم كانوا مضطرين قبلوا.. وهم في طريقهم إلى سطيف وقسنطينة عبر القطار؛ اكتشفوا غياب الممثلة التي كانت ستمثل معهم وهنا بدأت حكايتها مع الفن. و لعبت أول دور لها رفقة عبد الرحمان عزيز وهذا عام 1945 رغم أن زوجها لم يكن موافقا في البداية، كان ضد فكرة تمثيلها تماما وطلب منها التوقف ولكنه لما تأكد من حبها للفن اشترط عليها أن تقوم بكل واجباتها اتجاه بيتها وابنها عبد الرحمن الذي توفي وابنتها الوحيدة "فوزية" لكن أكثر شخص شجعها وأخذ بيدها هو مصطفى بديع لأنه ساهم في عودتها إلى التمثيل بعد أن توقفت مدة أمام إصرار زوجها على تركه.. زوجها الذي وقفت معه بعدها سويا فوق خشبة "أوبرا الجزائر" وعودتها كانت عندما بدأ محي الدين باشطرزي يبحث عن ممثلات تقوم واحدة منهن بدور امرأة بدوية تتكلم باللهجة الوهرانية، حيث أن مصطفى بديع هو من رشحها لهذا الدور.. وعندما دخلت على محي الدين باشطرزي ونظر إلها قال "طلبت منك بدوية مش ماريكانية يا سي عزيز" ،وضحكت ،فقلت له أنا بدوية وقامت بالدور أمام الفنانات كلثوم ولطيفة والحبيب رضا .والسيدة نورية مثلت رفقة مجموعة من الوجوه الفنية من بينهم كلثوم التي سبقتها في عالم التمثيل بفرقة محي الدين باشطرزي إلى جانب لطيفة فوهيبة زكال ثم هجيرة بالي، وفريدة صابونجي وشافية بوذراع وحسن الحسني "بوبقرة" التي مثلت معه في خمسينيات القرن الماضي وكانت له معها جولة في فرنسا.. ورويشد أما مصطفى بديع فقدمت عدة روايات في الاذاعة كما قدمت للسينما خمس أفلام و170 فيلما تلفزيونيا وتعاملت مع أغلب المخرجين و منهم بن عمر بختي وموسى حداد والحاج رحيم وآخرون كانوا كلهم يحبون العمل معها ، حاليا تعيش في كنف عائلتها وهي مستمعة جيدة لبرامج الإذاعة والتلفزيون يوميا.