بركة الولي عبد القادر الجيلاني تحفظ زائري المقام استياء من تعطل "التليفيرك"
باتت قلعة "سانتا كروز" هذه الأيام ومعها ضريح الولي الصالح مولاي عبد القادر الجيلاني في أعالي جبل المرجاجو بوهران، مزارا ومقصدا للعديد من العائلات الجزائرية، لاسيما في هذه الأيام التي تشهد درجة حرارة مرتفعة، ويكون فيها الناس يقضون عطلهم الصيفية المريحة، فهاذين المعلمين التاريخيين يمثلان بالفعل رمز شموخ الباهية ورقيّها المادي والبشري، حيث أن الزائر يجد فيهما كل أشكال الراحة والطمأنينة وراحة البال، وكم من سائح أجنبي وطأت قدماه أعالي جبل مولاي عبد القادر ووجد في هوائه المنعش وغاباته الكثيفة ما لا يجده في مكان آخر شهير بآثاره ومعالمه التاريخية والدينية الشهيرة. معالم خلابة تأسر السياح فالزيارة التي قمنا بها عصر أول أمس إلى قلعة "سانتا كروز" سمحت لنا بالوقوف على عدد الزائرين الذين جاءوا من مختلف ولايات الوطن وحتى من خارجها، سيارات من تحمل أرقام ولايات البليدة، تلمسان، غرداية، بشار، الجزائر العاصمة، بومرداس، معسكر، مستغانم والمدية...إلخ حيث كان جميعهم منبهرين بهذا الفضاء الذي يوجد في قمة عالية تطل على كامل المدينة، مما دفع الكثير من الشباب والشابات إلى المسارعة في التقاط الصور التذكارية و"السيلفي" كيف لا والمكان خلاب وقلّما تجد مثيله في مختلف المدن المعروفة بتقاليدها في السياحة، كانت الحركة دؤوبة، الأطفال في قمة السعادة، العائلات جالسة على الكراسي ترتشف أكواب القهوة والشاي المعطر، فيما فضل آخرون زيارة الولي الصالح عبد القادر الجيلاني واكتشاف أغوار قلعة "سانتا كروز" الشاهقة، صحيح أن الضباب الكثيف كان يخيم على سفوح جبل المرجاجو حيث كانت الحرارة منخفضة والنسيم عليل إلا أن ذلك لم يمنعهم من قضاء يوم ممتع بعيدا عن ضوضاء شوارع المدينة وازدحام السيارات التي تعرفها معظم طرقات الباهية لاسيما تلك المؤدية إلى الكورنيش الوهراني، لاحظنا ونحن نستطلع هذا الفضاء الطبيعي الخلاب مدى إعجاب الكثير من الزائرين بهذا المكان، حيث أجمع كل من تحدثنا إليهم أن وهران، تملك معالم أثرية، تاريخية ودينية قلّما تجدها في دول العالم، إذ اندهشوا كيف لسفح جبل أن يكون مسطحا بهذا الشكل ويحتوي على مقام ولي صالح، ويتوفر على غابة توجد بها نباتات نادرة تساعد على علاج الكثير من الأمراض، وهذا الفضاء يطل على كامل ولاية وهران سواء من الناحية الشرقية، الغربية أو حتى على كامل شريطها الساحلي، حيث تمتزج العناية الإلهية بالعمران البشري الذي سكن هذه اللأرض المعطاء منذ مئات السنين. التجار في انتظار الأكشاك ولعمري أن ما يكفي هذا الفضاء سوى تدعيمه بالكثير من المرافق والهياكل التجارية والخدماتية على غرار تدعيم التجار والحرفيين الذين التقينا بهم في جبل المرجاجو بأكشاك لائقة تسمح لهم بمزاولة نشاطهم في ظروف جيدة خصوصا وأنهم يعرفون المنطقة وعددهم قليل وبإمكانهم تنشيط التجارة والفعل السياحي هناك، لاسيما وأن الفضاء فسيح ولا توجد متاجر مشيدة بطريقة محترمة تليق بمقام هذه المنطقة السياحية الخلابة، حيث وجدناهم يبيعون سلعهم على طاولات وكأننا في سوق شعبي فوضوي، لا سقف يحميهم حرارة الشمس ولا حتى المكان الذين يضعون فيه سلعهم قادر على حمايتها من الاتلاف والسرقة، حيث وبالرغم من نداءاتهم المتكررة إلا أن أنينهم لم يلق أذانا صاغية من قبل القائمين على مصالح بلدية وهران. "التلفيريك" الذي أنفقت عليه السلطات العمومية اعتمادات مالية ضخمة، بات اليوم كالأطلال المهجورة المنسية، حيث أن هذه الوسيلة التي من المفروض أنها شيدت لتنشيط السياحة وتشجيع الزائرين على اكتشاف هذا الفضاء الطبيعي الساحر، تحولت اليوم إلى مجرد هيكل بلا روح، وأثرا بعد عين، لذا حان الوقت للعمل من أجل إعادة تشغيله من جديد لاستقطاب الأضعاف المضاعفة من السياح، وتحصيل مداخيل مالية جديدة توجه للاستثمار العمومي وتطوير منشآت النقل بمختلف صنوفها، فهذه المنشآت التي تنفق عليها ميزانيات ضخمة تحتاج إلى متابعة وصيانة دائمة، إلا أننا وجدناها أمس متوقفة عن الخدمة وغير مستغلة لفائدة سكان وهران وحتى السياح الذين كان عددهم بالآلاف، حيث كان الطريق المؤدي من قلعة "سانتا كروز" إلى الولي الصالح عبد القادر الجيلاني مشلولا بسبب تواجد عدد كبير من السيارات التي كانت متوقفة بجوار الكنيسة التي تشهد اليوم رفقة تمثال "السيدة العذراء" أشغال ترميم لتجديد جدرانها التي بدأت تتآكل بفعل المتغيرات الطبيعية، غير أن تواجد أعوان الدرك الوطني الساهرين على راحة وسلامة المواطنين، جعل العائلات تشعر بالآمان وتقضي سويعات تاريخية لا تنسى، وتزداد ثقة أن وهران قادرة بل جاهزة لاحتضان منافسة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في 2021، حيث أن هذه المعالم الأثرية والتاريخية وحتى الرياضية والصناعية تؤكد أن الباهية تملك كل شروط نجاح تنظيم هذا الحدث البارز في ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وأنه يكفي فقط تعبئة الرأي العام وتوحيد الجهود وتشييد بعض المرافق الرياضية المكملة على غرار القرية الأولمبية التي بدأت بها الأشغال منذ مدة وستكون جاهزة في آجالها المحددة. الكل يدعم ملف الباهية وفي صعيد متصل أكد لنا العديد من المواطنين الذين تحدثنا إليهم لاسيما من ولايات خارجية أن تدعيمهم لوهران للظفر بشرف احتضان ألعاب البحر المتوسط هو تدعيم للجزائر، خصوصا بعدما ضيعنا تنظيم كأس إفريقيا في 2017 والتي فازت بها دولة الغابون، فالزيارة التي قمنا بها إلى أعالي جبل المرجاجو سمحت لنا بالوقوف على المؤهلات الكبيرة التي تتمتع بها وهران من ناحية استقطاب السائحين من الجزائر وخارجها، فضلا عن الفضاء الذي كان يعج بالعائلات التي جاءت من مختلف المدن الجزائرية لا يزال يحتاج إلى الكثير من الجهود لاسيما ما تعلق بالجانب المتعلق بالنظافة حيث كانت العديد من الأماكن التي يجلس فيها المواطنون في حالة يرثى لها خصوصا الجهة التي تقع بجوار الغابة في أعالي جبل المرجاجو فضلا عن اسيتاء الكثير من الزوار لقرار غلق قلعة "سانتا كروز" على الساعة الرابعة مساء وهو الوقت الذي يعرف توافدا كبيرا للسائحين وحتى المصطافين الذين يريدون استكشاف المزيد من المناطق الخلابة التي تزخر بها مدينة وهران. ومن ثمة فإن قلعة "سانتا كروز" وبركة الولي الصالح عبد القادر الجيلاني تقولان لضيوف وهران في حالة الظفر بشرف احتضان ألعاب البحر الأبيض المتوسط مرحبا بكم، ستجدون عندنا الراحة، والطمأنينة والاستقرار، فأهل الباهية مضيافين ومرافقها وفنادقها مفتوحين، ومواقعها التاريخية والأثرية تسحر السائحين ونسمات هوائها وشواطئها تأسر المصطافين، يكفي فقط أن تزورها وتقصدوها لتتأكدوا أنها مدينة متوسطية غناء، وتفتح ذراعيها بحرارة لضيفها القادم من أبعد أبعد نقطة على وجه الأرض، وهذا ما شاهدناه بأم أعيننا مساء أول أمس ونحن نقوم بجولتنا الميدانية التي قادتنا إلى أعالي جبل مولاي عبد القادر الجيلاني، حيث كان الجميع يوثق في سجل ذكرياته تلك الأصوات الناعمة المنبعثة من أعماق غابة "بلانتير" ويدوّن في أجندت مخيلته رهبانية الساحل الأزرق الذي يمتد لعدة كيلومترات من إقليم مدينة وهران الشاسع، بل ويستنشق هواء هذه المساحات الخضراء الطبيعية التي تغطي سفح جبل يحمل الكثير من الأسرار والحقب التاريخية التي مرت عليه، لتجعل منه مجلدا ثمينا للأجيال الحالية أو حتى المستقبلية التي تأمل دائما في غد أفضل يشع بالخيرات والإنجازات الحافلة خصوصا تلك التي تجعل منها وهران وباقي المدن الجزائرية قبلة للعديد من الروافد الحضارية سواء تلك التي تطل على البحر الأبيض المتوسط أو غيرها من المنابع الثقافية الأصيلة التي تحفل بها القارات الخمس على وجه هذه البسيطة.