شد الكتاب الذي ألفه رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية باراك أوباما تحت عنوان »أحلام من أبي« الذي يتناول فيه قصة عرق وإرث إنتباه كل من زار جناح سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية، بالصالون الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة، إذ يعتبر أفضل الكتب مبيعا وفق صحيفة نيويورك تايمز شأنه شأن مؤلفه »جرأة الأمل: أفكار عن استعادة الحلم الأمريكي« الذي حاز على نفس اللقب حسب الصحيفة ذاتها. كتاب من الحجم الكبير، يقع في 505 صفحة، هو اليوم في الطبعة الثالثة وقد ألفه أوباما منذ ما يقارب عقد من الزمن، وهو لا يزال طالبا في كلية الحقوق، وتزامن ذلك مع انتخابه أول رئيس أمريكي من أصل إفريقي لمجلة »هار فارد لوريفو«، حيث مكنه هذا المنصب من حصد نصيب معتبر من الشهرة ولدى تخرجه ، وبعدما أصبح محاميا نشطا في الحياة الإجتماعية والسياسية بولاية شيكاغو، سارع إلى تدوين أفكاره حول راهن العلاقات العنصرية على الورق. يستعرض الكاتب في مؤلفه، سيرته الذاتية من خلال رحلة بحث صبي عن والده، حيث تبدأ أحداث القصة التي سلك فيها الكاتب نهج الروايات بلحظة تلقي باراك أوباما بنيويورك، نبأ وفاة والده إثر حادث سيارة ومدى مرارة تلك الفاجعة ، التي أثرت فيه عميق الأثر فوالده الذي كان مثله الأعلى واتخذه أسطورة لا إنسانا عاديا رحل..وهذا الموت المفاجئ والفقدان المباغث، أشعل بداخله فتيل رحلة عاطفية، تمتد من مدينة صغيرة في كانساس، فهجرة عائلة والدته إلى هاواي، ثم شدّ الرحال إلى كينيا، حيث يقابل الفرع الكيني من شجرة عائلته، ومن تم اكتشاف الحقيقة المرة لحياة والده الذي لم يعرفه حق المعرفة قط إلا من خلال ما كانت تصفه وترويه له أمه ووالداها وهو لا يزال طفلا، وصولا إلى نجاح مهمته في رأب الصدع بين شقي إرثه الممزق في نهاية المطاف.. يقول أوباما بخصوص عائلته التي استقى منها معظم ما جاء في كتابه »أكثر ما يدهشني عندما أفكر في قصة عائلتي، هي تلك السلسلة الممتدة من البراءة، براءة لا يمكن تصورها حتى بمقاييس الطفولة ، لكن أحد أقرباء زوجتي فقد هذه البراءة بالفعل وهو لا يزال في السادسة من عمره، إذ أخبر أبويه قبل بضع أسابيع أن بعض زملائه في الصف الأول رفضوا اللعب معه، لأن بشرته سوداء حالكة ، ومن الواضح أن أبويه اللذين ولدا وترعرعا في مدينتي شيكاغو وجاري قد فقدا براءتهما قبل ذلك بوقت طويل. إن السيرة الذاتية لباراك أوباما جاءت واقعية ومعبّرة إلى أبعد الحدود، إلى درجة أنها تترك وقعها لا محال في نفسية القارئ وتجعله يبحر في وقائعها ويعيش تفاصيلها من البداية إلى النهاية، التي ارتكزت أساسا على التسلسل الزمني للأحداث وللتاريخ الشفهي لعائلته على حد سواء، فالكتاب هو بمثابة سرد صادق لوقائع حقيقية عايشها المؤلف خلال مرحلة محددة من حياته وهو ما جعله مقنعا في إستعراضه إبن رجل إفريقي أسود وسيدة أمريكية بيضاء يسعى إلى البحث عن معنى وهدف حقيقي لحياته كأمريكي أسود، ووصفه لظاهرة الإنتماء إلى عالمين مختلفين تماما، من خلال تناوله لقضايا الهوية والطبقة الإجتماعية والعرق، كما تمسك أوباما منذ البداية بفكرة عرض ماضيه، من منطلق أنه يخاطب جوانب من ذاته، التي تقاوم الإختيار الواعي وتناقضات العالم الذي يحيا في كنفه. يقول أوباما عن تجربة تأليف الكتاب: »على غرار من يؤلف كتابا للمرة الأولى غمرتني مشاعر الأمل واليأس فور نشر الكتاب، أمل في أن يحقق الكتاب نجاحا يتجاوز ما يجول في أحلامي الشبابية، ويأس من أن أكون قد فشلت في أن أقول شيئا ان ينبغي أن أقوله، أما الحقيقة فكانت تقع في مكانة بين هذا وذاك، فجاءت المقالات النقدية عن الكتاب إيجابية شيئا ما، وكانت الجماهير تحضر بالفعل الندوات التي نظمها الناشر، وتجري فيها قراءة أجزاء من الكتاب، لم تكن المبيعات مبهرة، وبعد بضعة أشهر مضيت قدما في حياتي المهنية وكلي ثقة بأن مستقبلي في تأليف الكتب سيكون قصيرا، لكني كنت سعيدا بأني خضت تلك التجربة وخرجت منها دون المساس بكرامتي«.