لا يعني إدمان التسوق إنك بحاجة إلى شراء غرض بحد ذاته، أو التعلق بمادة معينة، وإنما يعني ذلك الشعور المُلِح بالذهاب للتسوق كما لو أنك تقومين بفعل قهري؛ لذا فهو يندرج ضمن الاضطرابات القهرية. وتتمثل المؤشرات الأولى لإدمان التسوق في القيام بذلك الفعل القهري كتقدير ومكافأة للذات على إنجاز مهما قل أو كبر.وربما تلجئين للتسوق حين تشعرين بالإحباط أو الكآبة أو تهربين إليه تحت ضغط مشاكل الحياة اليومية، أو لتحسين الحالة المزاجية على المدى القصير أو للتخلص من بعض المشاعر السلبية، مثل القلق والخوف.لكن الشعور بالسعادة الذي يسببه التسوق سرعان ما ينحسر وتطفو المشاكل، المسببة للشعور القهري في التسوق والشراء، على السطح مرة أخرى، بالإضافة إلى الشعور بالندم على إنفاق الأموال في أمور غير ضرورية. ويتفاقم الشعور بالندم في حال الوقوع في براثن الديون. وللتخلص من هذا الشعور السلبي يلجأ المريض إلى جولة تسوق جديدة، ومن ثم يدخل في حلقة مفرغة. ومع الانفتاح الاقتصادي الذي تشهده أسواقنا اليوم بات المستهلك أمام تحد صعب للغاية ،فبين التوفيق في إشباع حاجياته الأساسية و كبت الإغراءات المطروحة في السوق ،يقف هذا الأخير أمام واقع صعب! لاسيما بعد أن أصبحت عملية الاستهلاك مقترنة بعوامل أخرى تتحكم فيها أبرزها الومضات الإعلانية التي تصاحب كل منتج ،و من فعل هذه الإعلانات سجلت شراهة كبيرة في الاستهلاك لدى المواطنين في السنوات الأخيرة و لا نبالغ أن وصفنا الارتفاع الكبير للاستهلاك بالشراهة ،فحقيقة ما نلحظه يوميا في أسواقنا يؤكد الأمر الذي لا يقتصر على فئة محددة من المستهلكين و إنما يشمل الجميع تقريبا حتى متوسطي و ضعيفي الدخل آو القدرة الشرائية. إن هناك إقبال كبير على مختلف المواد و السلع و بشكل مستمر و ليس ظرفيا فتجد محلات و أسواق تعج بالزبائن و الطلب مرتفع على كل ما هو جديد و خاصة على الموضة ، فالجميع يريد مواكبة عصره ولا يقبل بالتخلف عن الآخرين مهما كان سيكلفه الأمر. و أمام تصرفات غير واعية أو غير مدروسة غالبا ما يكون المواطن أو المستهلك ضحية لخدع السوق أو بالأحرى الغش الناتج عن جشع التجار و في هذا السياق الأمثلة كثيرة و متنوعة بين ما نشاهده يوميا من تلاعبات على غرار التخفيضات أو الصولد وهي نموذج حي عن الغش الذي بات دارجا في هذه الأيام لافتات و عبارات الصولد تكاد لا تزاح من على أبواب المحلات و كأن موسم التخفيضات لا ينتهي..!!بينما حقيقة الأمر التي تغيب عن اغلب المستهلكين هي أن» الصولد « هو تعامل تجاري مقنن إذ يسمح للتاجر به في فترة محددة و بشروط خاصة مع تحديد نسبة التخفيض بنسبة تفرق عن السعر الأصلي. العلامات المقلدة أو غير الأصلية هي الأخرى إحدى أكبر المغالطات التي يقع فيها المستهلك لاسيما بالنسبة للألبسة والأجهزة الالكترونية ليجد المستهلك نفسه يدفع أثمانا باهظة مقابل مواد مقلدة تفتقر للمعايير المناسبة كالنوعية الجيدة ليأخذها على أنها أصلية. الفاتورة هي أمر آخر يغفل عنه الزبون و يتغاضى عنه البائع حتى يتنصل من مسؤوليته بعد البيع سلوكيات تضليلية كثيرة تمارس من قبل بعض التجار المتحايلون ليقع المستهلك ضحية لها وللأسف الشديد فان هذه الضحية غالبا ما تكون الملامة الأولى عن غفلتها فالكثير منا و أثناء توجهه يوميا إلى السوق يكون مذنبا في حق نفسه بتجاهله لتصرفات بسيطة يمكن أن تقيه أشياء خطيرة كقراءة مصدر المنتج او البطاقة التقنية المرفقة او المكونات بالنسبة لبعض المواد ،إضافة إلى قراءة تاريخ الصلاحية ...أو ملاحظة شروط الحفظ إن كانت متوفرة في مكان البيع...إلى غير ذلك ،كما يعاب كثيرا في مجتمعنا على دور جمعيات حماية المستهلك التي لا تقوم بواجبها كما يجب في نشر حس الوعي و ثقافة الاستهلاك بين المواطنين ،بأسس سليمة تجعل من المواطن مستهلك عقلاني يميز بين النوعية الجيدة و الرديئة ويتمكن من كبح شراهته الاستهلاكية بمقاومة التأثيرات الإعلانية و تحكيم عقله أثناء الاستهلاك من تلك الثقافة أيضا أن يعلم المستهلك ما له من حقوق يضمنها له القانون أو يحميه بها حتى لا يهدر حقه أثناء عملية الاستهلاك أو الشراء بشكل عام. هذا و للإشارة فان مديرية التجارة تضع دليلا خاصا للمستهلك الجزائري يضم جميع الحقوق التي يتمتع بها و الوصايا أو القواعد المثالية للاستهلاك ،غير أنه و للأسف فان هذا الدليل يبقى حبيس الرفوف و لا يتصفحه حتى ربع المستهلكين ليبقى هذا الأخير منجرفا مع تيار تصنعه تحديات السوق.