تكليف الحكومة بتعجيل ترقية الطاقات المتجدّدة ترأس رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس بالجزائر العاصمة اجتماعا لمجلس الوزراء. وافق مجلس الوزراء بعد الدراسة على مشروع قانون المالية 2016 الذي قدمه وزير المالية. ويتوخى هذا المشروع الذي يبقى يعتمد على استشراف حذر لعائدات صادرات المحروقات نموا بنسبة 6ر4% موجها نحو تدعيم استحداث الثروة ومناصب الشغل مع تضخم بنسبة 4%. وعلى مستوى إيرادات الميزانية ستمكن الجهود المبذولة لا سيما من أجل تحسين تحصيل الجباية العادية من رفع حصيلتها بنسبة 1ر4%. غير أن إيرادات الميزانية ستشهد على العموم تراجعا بنسبة 4% لتبلغ 7ر4952 مليار دج في 2016 جراء تأثير تدهور سوق المحروقات العالمية على الجباية النفطية المحلية. كما ستتراجع نفقات الميزانية بنسبة 9% بقيمة 3ر4807 مليار دج بالنسبة للتسيير و3176 مليار دج بالنسبة للتجهيز. وسيسجل رصيد الخزينة الاجمالي عجزا بقيمة 2452 مليار دينار في حين سيحتفظ صندوق ضبط الإيرادات باحتياطات بقيمة 1797 مليار دج إلى نهاية 2016. وبالرغم من الضغط المالي ستشهد التحويلات الاجتماعية ارتفاعا بنسبة 5ر7% لتبلغ 23% من ميزانية الدولة و تتمثل في: - 477 مليار دينار لدعم السكن - 446 مليار دينار لدعم العائلات منها 222 مليار دينار لدعم أسعار المواد الأساسية (القمح والحليب والسكر والزيت) - 5ر316 مليار دينار لدعم الصحة العمومية. وفضلا عن هذا الدعم المتعدد المسجل في الميزانية سيستمر المواطنون والمؤسسات في الاستفادة من عدة إعانات غير مباشرة بقيمة إجمالية تفوق 1500 مليار دج وتتمثل في: - فارق بقيمة 630 مليار دج بين أسعار الوقود الحقيقية بما فيها الكميات المستوردة وأسعار بيعه - فارق بأكثر من 750 مليار دج بين السعر الحقيقي للغاز الطبيعي وسعر بيعه للمستهلكين - و154 مليار دج إعانة توازن لشركة سونلغاز. وفيما يتعلق بالاجراءات التشريعية يتضمن مشروع قانون المالية رفع قيمة بعض الرسوم لاسيما على الوقود والهاتف النقال والمواد الكمالية المستوردة. ويتضمن بالموازاة اجراءات لفائدة الانتاج الوطني لاسيما صناعات الحديد و الصلب والمعلوماتية. كما يتضمن النص اجراءات جديدة لتشجيع الاستثمار لاسيما في مجال المناجم والصناعات الناشئة وكذا لفائدة الاستثمار الأجنبي بالشراكة والتي من ان شانها ان تسهم في تقليص الواردات. وينص مشروع قانون المالية على اجراءات لتسهيل دفع الضرائب والرسوم والمراقبة الجبائية ومعالجة الطعون الجبائية. وأوضح رئيس الجمهورية بشأن هذا الملف أن مشروع قانون المالية يترجم عزم السلطات العمومية على توخي الحذر حيال أزمة سوق المحروقات العالمية وفي الوقت نفسه توخي الثبات في مجال العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني والحرص على مواصلة التنمية الوطنية. وأشار الرئيس بوتفليقة إلى أنه بالرغم من تراجع ايرادات المحروقات بنسبة حوالي 50% ستستمر الجزائر في تخصيص حوالي 40% من نفقاتها للاستثمار العمومي وأكثر من 20% من ميزانيتها للتنمية البشرية ورفاه العائلات. وصرح رئيس الدولة قائلا " السلطات العمومية مطالبة بأن توضح اكثر للسكان خطورة الوضع المالي الذي تمر به بلادنا على غرار كافة الدول الاخرى المنتجة للمحروقات وكذا الطابع المنفرد عالميا لنفقاتنا العمومية الاستثمارية وتحويلاتنا الاجتماعية". وأضاف رئيس الجمهورية يقول انه بفضل تفهمه التام للوضع الراهن سينضم الشعب للجهود الضرورية للحفاظ على استقلالية القرار الاقتصادي للبلاد والتي تبقى اساسية لمواصلة سياسة مطابقة لقيمنا المتمثلة في العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني. ودعا الرئيس بوتفليقة الحكومة الى المثابرة على ترشيد النفقات العمومية و مكافحة التبذير وكافة اشكال المساس بالثروات الوطنية بما فيه الفساد. كما وافق مجلس الوزراء بعد الدراسة على مشروع تمهيدي خاص بالاستثمار عرضه وزير الصناعة والمناجم. ويرمي هذا النص الى تكييف القواعد السارية المفعول مع النتائج المستمدة من التجربة و مع الظرف المالي للبلاد وتحسين جاذبية التشريع حول الاستثمار. واقترح في هذا السياق الغاء بعض الترتيبات منها : - الزامية تقديم حصيلة الفائض من العملة الصعبة بالنسبة للمستثمرين الاجانب لتشجيع الشراكات التي من شانها المساهمة في تقليص الواردات - الزامية خضوع الاستثمارات الاجنبية المحققة قبل 2009 لقاعدة الاغلبية الوطنية (51/49 بالمئة) في حالة تغيير السجل التجاري - والزامية التمويل المحلي لاسهام المستثمر الاجنبي. كما يقترح النص اجراءات تخفيف في اطار ممارسة الدولة لحق الشفعة في حالة التنازل بالخارج من طرف مستثمر عن اسهمه في مشروع بالجزائر. ويتضمن مشروع القانون توجيه المساعدات العمومية للاستثمار نحو سياق جديد تطبعه الشفافية وفعالية المتدخلين وكذا نحو الاستجابة للحاجيات الحقيقية للاقتصاد الوطني. وفي تعليقه حول مشروع القانون هذا دعا رئيس الجمهورية المستثمرين الوطنيين الى التجاوب معه بتحقيق انجازات اكثر واستحداث مناصب عمل عبر التراب الوطني. وأشار رئيس الدولة انه فيما يتعلق بالاجراءات التحفيزية للاستثمار بلغت الدولة مستويات غير قابلة للمقارنة في المجال الجبائي والعقاري وكذا في مجال تخفيف الاعباء على القرض والشغل. واضاف رئيس الدولة ان "التزاما كهذا خيار استراتيجي للدولة لكن الحفاظ عليه يتطلب العودة الى انتاج السلع والخدمات لتقليص الواردات وتوفير عائدات جديدة للصادرات والى خلق مناصب شغل وبعبارة اخرى علاقة مربحة للدولة والمتعاملين الاقتصاديين". وبعد ان ذكر بالجهود التي تبذلها الحكومة لتطهير محيط الاعمال من عبئ البيروقراطية والمنافسة غير النزيهة للنشاطات الطفيلية صرح رئيس الجمهورية أنه "يبقى لعالم الشغل وارباب العمل الوطنيين العموميين والخواص التضامن من اجل استقرار اجتماعي ضروري واستغلال القدرات الوطنية الهائلة في كل المجالات وتمكين الاقتصاد الوطني من تحقيق تقدم في مجال الانتاجية والتنافسية". وفي الاخير دعا الرئيس بوتفليقة الى ان يكون الاجتماع المقبل للثلاثية فرصة لبذل جهود لمواجهة الوضع والرهانات الوطنية. كما وافق مجلس الوزراء بعد الدراسة على مشروع قانون تمهيدي معدل ومتمم للقانون المتعلق بالتقييس عرضه وزير الصناعة والمناجم. ويرمي هذا التعديل الى ادراج القواعد الدولية الوقائية في اعداد مقاييس التصديق على مطابقة السلع والخدمات المنتجة في الجزائر منها تعزيز حماية صحة المستهلكين وحماية البيئة. كما ترمي التعديلات المقترحة الى ضمان تنسيق افضل لتدخل القطاعات المعنية من خلال مراقبة احترام المقاييس. ويقترح مشروع القانون هذا فتح نشاط التقييس لمتدخلين مؤهلين معتمدين من قبل السلطات المعنية بشكل يسمح بتغطية الطلب الهام للتصديق على مطابقة السلع والخدمات. ومن جهة أخرى وافق مجلس الوزراء بعد الدراسة على مرسوم رئاسي يتضمن الموافقة على عقود التنقيب عن المحروقات و استغلالها. يتعلق الأمر ب 12 عقدا أبرمت يوم 28 جويلية الفارط بين الوكالة الوطنية لتثمين المحروقات والمؤسسة العمومية سوناطراك للتنقيب عن المحروقات واستغلالها في 12 حقلا عبر ولايات ورقلة وتمنراست وأدرار والبيض وبشار وايليزي. واستمع مجلس الوزراء بعد ذلك و ناقش عرضا حول الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي قدمه السيد وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي. دخل اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ منذ الفاتح من سبتمبر 2005. يعتبر بلدنا الشروع في تقييم لجانبه الاقتصادي و التجاري ضروريا خاصة و أن مضاعفة وارداتنا من الفضاء الأوروبي لم تكن مرفوقة بالارتفاع المنتظر في الاستثمارات الأوروبية بالجزائر. ومن جهة أخرى فإن انهيار العائدات الخارجية لبلدنا إلى زهاء النصف بفعل أزمة سوق المحروقات يجعل أكثر من ضروري هذا التقييم الذي ستنجزه الجزائر مع الاتحاد الأوروبي طبقا لأحكام اتفاق الشراكة. وخلال الزيارة الأخيرة التي قامت بها السيدة موغيريني الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية و سياسة الأمن أعلن الطرف الأوروبي رسميا عن موافقته على الطلب الجزائري فاتحا المجال أمام مفاوضات لتكييف المبادلات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين مع اتفاق الشراكة القائم على مبدأ المصلحة المتبادلة و تقاسم الامتيازات. وواصل مجلس الوزراء مداولاته بدراسة عرض للسيد وزير الطاقة حول بعث إنتاج المحروقات على المديين القصير والمتوسط. وقد قدم هذا العرض في البداية تقييم للوضع أبرز المعطيات التالية : - إنتاج المحروقات الذي بلغ سنة 2007 سقف 233 مليون طن معادل نفط شهد بعد ذلك تراجعا متواصلا ليبلغ 187 مليون طن معادل نفط سنة 2012 قبل أن يسجل ارتفاعا طفيفا خلال السنة التالية - الاستهلاك الوطني من المنتوجات الطاقوية تضاعف بين 2000 و 2014 ليبلغ 51 مليون طن معادل نفط - احتياطات المحروقات بلغت 4533 مليون طن معادل نفط (أي 44 بالمائة من الاحتياطات الأصلية القابلة للاسترجاع) منها 1387 مليون طن من النفط و2745 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي - المجال المنجمي الوطني الذي بلغت نسبة الاستكشاف به 64 بالمائة يسجل مع ذلك تغطية في حدود 4 بالمائة فقط من خلال رخص تنقيب بالشراكة. كما قدم العرض الأحكام المحددة لبعث إنتاج المحروقات. 1. قبل نهاية هذه السنة سيتم تحقيق مردودية إضافية من الغاز والنفط لاسيما على مستوى حقول حاسي الرمل وحاسي مسعود وبركين والمرق لينتقل الإنتاج الاجمالي إلى 195 مليون طن مقابل نفط مما أفضى إلى ارتفاع بنسبة 1ر4 بالمائة من المحروقات خلال نفس السنة. 2. يتضمن البرنامج المسطرعلى المديين القصير و المتوسط إنتاج 224 مليون طن مقابل نفط سنة 2019 بفضل : - تحسين نسبة استرجاع الحقول لاسيما حقلي حاسي مسعود و حاسي الرمل - تسريع استغلال الحقول قيد الانجاز باحنت تيديكلت وتينهرت وتيميمون ورقان - مواصلة الجهود في مجال عمليات التنقيب التقديرية للاكتشافات المحققة والتنقيب في المناطق التي لم تشهد عمليات استكشاف كثيرة وكذا النشاطات الزلزالية. وفي تدخله حول هذا الملف كلف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الحكومة بمرافقة هذه الجهود الخاصة بالمحروقات من خلال تعجيل ترقية الطاقات المتجددة التي سبق وان تمت الموافقة على برنامج تطويرها. كما طلب رئيس الدولة من الحكومة العمل عبر الطرق المواتية لاحتواء الزيادة المفرطة للاستهلاك الداخلي للمنتجات الطاقوية والذي قد يؤدي اذا استمر على وتيرته الحالية الى تراجع كبير لامكانيات التصدير المتوفرة و ارتفاع فاتورة استيراد الوقود. واختتم مجلس الوزراء اشغاله بالموافقة على قرارات فردية تتضمن تعيين و انهاء مهام مسؤولين سامين في الدولة.