يكرس الدستور في تعديلاته الحالية توازن السلطات ، ومهمته إقامة نظام يسمح بتداول السلطة بين النخب السياسية وتكريس استقلالية القضاء و التشريع و الجهاز التنفيذي في إطار مراقبة تشاركية تفرضها المعارضة و تشارك فيها . فالغاية من بناء الدستور لا تكمن في إيجاد حلول لمشاكل آنية كتمديد العهد الرئاسية ة، بل في التوصل إلى نسق سياسي يأخذ في الحسبان الحاصل من تطورات و يستشرف ما هو آت. يؤسس مسار الاصلاحات الدستورية في البلاد منذ ظهور التعددية السياسية و تطورها لما يتماشى مع التطور الحاصل في المجتمع أو عبر الإقليم . فالتعديل الدستوري ل 1996 تم إدخال بعض المستجدات عليه ومنها توسيع صلاحيات المجلس الدستوري في الرقابة الإجبارية للقوانين العضوية قبل إصدارها وزيادة عدد أعضائه لتحقيق مشاركة سياسية أوسع. وتم أيضا اعتماد الثنائية البرلمانية ( المجلس الوطني الشعبي و مجلس الأمة ) , وتوسيع الإخطار من هناك إلى رئيس مجلس الأمة وإنشاء مجلس الدولة. و مع مطلع العشرية الماضية ظهرت الحاجة من جديد إلى وضع نصوص دستورية ترمي إلى "استكمال تعزيز القيم المجتمعية المرتبطة بالهوية الوطنية وتجسيد الأحكام المتعلقة بالرقي الثقافي واللغوي لكل شرائح المجتمع . وفي هذا الإطار تمت دسترة "تمازيغت" في أفريل 2002 إذ أصحبت لغة وطنية تعمل الدولة على ترقيتها وتطويرها. المشاورات مسّت كل الفاعلين في السياسة و القانون و جاءت مبادرة 2008 بمراجعة دستورية معمقة بهدف توطيد النظام السياسي الجمهوري و الديمقراطي , وتعزيز ضمانات ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية . ويقوم المسعى التشاركي - على المشاورة الواسعة لمختلف الفاعلين السياسيين و الاجتماعيين , لاستقاء وجهات نظرهم واقتراحاتهم حول التعديلات التشريعية والدستورية و قد فتحت الرئاسة خلال الصائفة الماضية باب التشاور لجميع الأحزاب و الشخصيات الفاعلة في البلاد من رجال قانون و جامعيين و أيضا منظمات جماهيرية . و بعد مراجعة الترسانة التشريعية سنة 2012 المتمثلة في عدة قوانين عضوية , وهي : القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات و القانون العضوي المحدد لحالات التنافي مع العهدة البرلمانية , القانون العضوي المحدد لكيفية توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة و القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية والقانون العضوي المتعلق بالإعلام تم الشروع في الورشة الثانية المتعلقة بالجانب الدستوري. سعت هذه الورشة إلى تكثيف القانون الأسمى للبلاد مع ما تمليه المقتضيات الدستورية الجديدة الناتجة عن التطور السريع للمجتمع بما يتماشى مع التحولات الحاصلة في العالم. كما أن الجزائر تحضر لتعديل دستوري على نحو قائم على تشاور سياسي هادف من خلال تنصيب لجنة مكلفة باقتراح التعديلات و التي انتهت من مهامها منذ مدة . و اقترحت المشاورات تعديلات مست استقلال القضاء مع فصل واضح بين السلطات و عصرنتها و تعزيز دور المجلس الدستوري بفتح الباب لإخطاره لعدد من البرلمانيين بما فيهم الأقلية وتطوير الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكريس حقوق جديدة مثل الحق في محاكمة عادلة وحماية الأطفال المشردين والمعاقين والأشخاص المسنين وكذا تدعيم مكانة المرأة ودورها في التسيير و توطيد الحكم الراشد ودولة القانون من خلال مكافحة البيروقراطية و يتم وموجب الفقرة الأولى من المادة 165 من الدستور بعد إخطاره من طرف رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس الأمة فحص دستورية كل من المعاهدات والقوانين والتنظيمات ، بحيث إذا وقع الإخطار قبل صدورها يصدر المجلس الدستوري رأياً، وذلك قبل أن تصبح واجبة التنفيذ ، أما إذا وقع الإخطار بعد صدورها فيصدر المجلس الدستوري قراراً ملزماً . وحسب نص المادة 169 من الدستور إذا ارتأى المجلس الدستوري أن نصاً تشريعياً أو تنظيمياً غير دستوري يفقد هذا النص أثره ابتداء من يوم قرار المجلس و في السياق نفسه ؛ فإن المادة 168 تنص على أنه إذا ارتأى المجلس الدستوري عدم دستورية معاهدة أو اتفاق أو اتفاقية فلا يتم التصديق عليها بل تكتفي بالتوقيع عليها و قد لقيت مسودة الدستور المقبل على التعديل ترحيبا بها من طرف الأحزاب و الأقليات البرلمانية . مطالب حزبية بإعادة النظر في تركيبة المجلس الدستوري