كشف، محمد نبو، الأمين الأول لجبهة القوى الاشتراكية، عن خبر نقل جثمان حسين آيت أحمد الذي توفي يوم الأربعاء بلوزان في سويسرا إلى أرض الوطن يوم الخميس المقبل وسيتم دفنه في اليوم الموالي الجمعة بمسقط رأسه بعين الحمام في تيزي وزو. وكان حسين آيت أحمد، الذي يعد أحد الوجوه التاريخية للحركة الوطنية الجزائرية وأحد مفجري الثورة التحريرية وأحد أعمدة الجبهة من أجل دبلوماسية تحررية وأب المعارضة بعد الاستقلال كان بالتأكيد الرجل المتعدد الكفاحات، وكان الدا الحسين كما كان يطيب لمناضلي جبهة القوى الاشتراكية تسميته وهي أول قوة للمعارضة بادر بها هذا المناضل السياسي الفذ غداة الإستقلال بحيث تحلى بالروح الوطنية منذ شبابه. حسين آيت أحمد من مواليد 26 أوت 1926 بعين الحمام بولاية تيزي وزو وهو سياسي ومن أبرز قادة الثورة وجبهة التحرير الوطني ثم بعد الاستقلال أسس حزب جبهة القوى الاشتراكية وهو أحد أكبر أحزاب المعارضة الجزائرية ، وينتمي حسين آيت أحمد إلى عائلة دينية حيث كان جده الشيخ محند الحسين مرابطا ينتمي إلى الطريقة الرحمانية، أما هو فعندما بلغ الرابعة من عمره دخل الكتاب لحفظ القرآن الكريم بمسقط رأسه، وعندما بلغ السادسة تحول إلى المدرسة الفرنسية دون أن ينقطع عن حفظ القرآن الكريم، ثم بثانوية تيزي وزو وبن عكنون بالعاصمة، حتى أحرز على شهادة البكالوريا. * رجل قانون واصل، دراسته بعد هروبه من الجزائر عام 1966 وقد حصل على الإجازة في الحقوق من لوزان ثم ناقش أطروحة الدكتوراه في جامعة نانسي بفرنسا عام 1975 وكان موضوعها "حقوق الإنسان في ميثاق وممارسة منظمة الوحدة الإفريقية". بدأ نشاطه السياسي مبكرا بانضمامه إلى صفوف حزب الشعب الجزائري منذ أن كان طالبا في التعليم الثانوي، وبعد مجازر 8 ماي 1945، كان من المدافعين عن العمل المسلّح كخيار وحيد للحصول على الاستقلال، وفي المؤتمر السري لحزب الشعب الجزائري المنعقد في بلكور عام 1947، كان من الداعين إلى تكوين منظمة خاصة تتولى تكوين الكوادر العسكرية لتطوير العمل المسلح، ثم أصبح عضوا للجنة المركزية لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، وعند إنشاء المنظمة الخاصة كان من أبرز عناصرها وصار ثاني رئيس لها بعد وفاة محمد بلوزداد. أشرف مع أحمد بن بلة على عملية بريد وهران التي تمت في شهر مارس 1949 وانتهت بالاستيلاء على مبلغ مالي هام دون إراقة دماء، وعند ظهور الأزمة البربرية سنة 1949، وقعت تنحيته عن رئاسة المنظمة الخاصة ليعوضه أحمد بن بلة، فانتقل بعد ذلك إلى مصر كممثل للوفد الخارجي لحركة الانتصار بالقاهرة سنة 1951 رفقة محمد خيضر، وشارك بصفته تلك في الندوة الأولى للأحزاب الاشتراكية الآسيوية المنعقدة في رانغون ببرمانيا في جانفي 1953، وقد دعمت الندوة الكفاح التحريري بشمال أفريقيا، ثم اتجه بعد ذلك إلى باكستان والهند وإندونيسيا حيث تشكلت لجان مساندة لقضية الاستقلال الوطني. شارك حسين آيت أحمد في مؤتمر باندونغ عام 1955، وانتقل إلى نيويورك للدفاع عن القضية الجزائرية أمام هيئة الأممالمتحدة، وأسس هناك في أفريل 1956 مكتبا لبعثة جبهة التحرير الوطني، بعد مؤتمر الصومام المنعقد في شهر أوت 1956، عيّن عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ثم كان رفقة كل من أحمد بن بلة ومحمد خيضر ومحمد بوضياف، والكاتب مصطفى الأشرف الذين كانوا على متن الطائرة المتوجهة من العاصمة المغربية الرباط إلى تونس والذين اختطفتهم السلطات الاستعمارية الفرنسية يوم 22 أكتوبر 1956، عيّن وزيرا للدولة في التشكيلات الثلاث للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، أطلق سراحه مع زملائه بعد وقف إطلاق النار في عام 1962. بعد حصول الجزائر على استقلالها نظمت انتخابات للمجلس التأسيسي في شهر سبتمبر وكان حسين آيت أحمد من ضمن الفائزين مرشحا عن دائرة سطيف، ولكنه ما لبث أن اصطدم مع ما كان يعتبره "سياسة تسلطية" فاستقال من المجلس التأسيسي وأسس حزب جبهة القوى الاشتراكية في سبتمبر 1963م ليحمل السلاح ويدخل متخفيا إلى تيزي وزو حيث أوقف عام 1964 وحكم عليه بالإعدام، ثم صدر عفو عنه ووضع في سجن الامبيز، ثم وقع التوصل إلى اتفاق بينه وبين الرئيس أحمد بن بلة ، إلا أن الانقلاب الذي حدث يوم 19 جوان 1965م ووصول هواري بومدين إلى الحكم حال دون توقيع ذلك الاتفاق. * المنفى الاختياري هرب من سجن الحراش ومن الجزائر في 1 ماي 1966م ، ليعيش في منفاه الاختياري بسويسرا ولم يعد إلا مع الانفتاح الذي أعقب أحداث أكتوبر 1988. أمضى في عام 1985مع أحمد بن بلة على نداء موجه إلى الشعب الجزائري من أجل إرساء الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. نزل حسين آيت أحمد بمطار هواري بومدين بالعاصمة في شهر ديسمبر 1989م ، وعاش التحولات التي عرفتها البلاد منذ ذلك الحين وإلى حدود عام 1992م حيث عاد إلى سويسرا بعد اغتيال الرئيس محمد بوضياف عام 1992، دعا إلى تنظيم ندوة وطنية لتقديم تصور للخروج من الأزمة. وفي عام 1995 كان من الممضين في روما سانت إجيديو مع ممثلي ست تنظيمات سياسية أخرى على أرضية للخروج من الأزمة، ثم كان من الداعين إلى إنشاء لجنة تحقيق دولية في المجازر التي شهدتها الجزائر بدءا من 1996، وفي 5 فيفري1999م ، قدم ترشحه للانتخابات الرئاسية غير أنه انسحب منها رفقة المرشحين الآخرين، ورغم انسحابه فقد حصل على المرتبة الرابعة ب 319,523 صوتا أي 3.17 بالمائة من الأصوات، واحتفظ بشعبية كبيرة.