تشكل المناصرة أو المؤزارة إن شئتم التسمية الأكثر إشراقا لرياضة كرة القدم في مختلف إنتماءاتها الجغرافية ولا شك أن المواطن الجزائري فخور بما حققه أنصار الخضر في ملحمة أم درمان والذين كانوا خير أنيس ومشجع لرفاق حليش رغم عدم إلتئام جروح مباراة القاهرة وضربت حينها المناصر أصدق مثل في التحول إلى اللاعب الثاني عشر للمنتخب الوطني حتى أصبحت حديث العام والخاص في جميع أقطار العالم من هذا المنطلق يتأكد دور ومهام الأنصار في المساهمة وتحديد نتيجة المباراة مهما كان نوعها وكان من الضروري أن تولي لها بعض البلدان الرائدة في مجال كرة القدم بالغ الأهمية بل أنها لم تتوان في سن القوانين والتشريعات حتى تحدد وتنظم السير الحسن للأنصار والإستثمار مادي ومعنوي في هذه الفئة وقد نجحت إلى حد بعيد رغم خروج البعض منهم عن جادة الصواب في بعض الأحايين ولعل حادثة ملعب »هيسل« بلجيكا لا يزال شاهدا على حالة العنف الإستثنائي الذي حدث قبل المباراة النهائية سنة 1985 في كأس أوروبا للأندية بين جوفنتوس وليفربول والمحصلة كانت ثقيلة حيث فاق عدد الموتى 37 مناصرا غالبيتهم من الطليان« وتعتبر الملاعب الإنجليزية الأكثر إقبالا من الجماهير ويعود ذلك لسببين أولهما قرار الحكومة الإنجليزية منذ حادثة »هيلسبروه« التي أوقعت 98 قتيلا عام ال 1989في جعل أماكن المدرجات كلها جلوس ما إنعكس إيجابا على تقليص حجم العنف في الملاعب بإعتبار أن قدرة المتفرج على إفتعال الشغب تتضاءل في وضعية الجلوس أما السبب الثاني فيعود إلى تسريع عجلة التحديث في الملاعب من أجل توفير تسهيلات أكبر للمتفرجين ومنذ ذلك الحين وأوروبا في مد وجزر من أجل القضاء على مظاهر العنف الذي أصبح عادة في ملاعبنا فلا نكاد نسمع كل أسبوع بتجاوزات حدثث في ملعب ما لتعاد في الأسبوع الموالي في ملاعب أخرى لسنا هنا لنتحدث عن ظاهرة العنف وإنما على سياسة المناصرة بإيجابياتها وسلبياتها ومشاكلها والحلول الناجعة الواجب توفرها ففي أوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا توجد قوانين تضبط هذا الأمر بحيث لا يحق لأي مناصر أن يتجاوز حدود المؤازرة المخولة له وإلا تعرض للعقوبة أما في بلادنا فإن للمناصرين كافة الحرية في الملعب من أجل التعبير بكل الأساليب عما يدور في جوفهم حتى لو كان ذلك بطرق تشمئز منها الأنفس فالمناصر مغلوب على أمره لأنه لم يجد من يوعيه ويسهل له الأمور للدخول بدون المرور على طوابير لا متناهية في الشمس الحارقة أو الأمطار الغزيرة بل أنه يدرك بعد ما يرى أن فريقه الذي ضحى من أجله هو بعيد عن الإطار يدرك أنه خسر أموالا من أجل لا شيء فلا هو إستمتع فكرة جميلة أو فرح بفوز فريقه وهذا فيض في غيض وما ففي كان أعظم ما هو أكيد والذي يجمع عليه الجميع هو أن الجمهور الجزائري يفتقد لثقافة المناصرة ولن يصل إلى ذلك إلا إذا إلتزم بالروح الرياضية وناصر فريقه بعيدا عن التعصب والغلو وإحترام المنافس والحكم بل ووقر المناصر الشاب المناصر الكبير الذي يتواجد بجانبه في المدرجات وحقق في نهاية المباراة بالفائز والمنهزم بل وأقبح بطريقة حضارية على المردود السيء لفريقه أو ظلم الحكم لناديه حيث ذلك يمكننا أن تفرح ونهلل بالمناظرة ولا نستحي من دخول الملعب للتمتع ساعة ونصف بما لذ وطاب من فنيات الكرة والحماس الفياض.