أخذت ظاهرة اختطاف الأطفال بالجزائر هذه السنة أبعادا خطيرة وصلت إلى حد القتل والتصفية الجسدية في حالة عدم رضوخ عائلات الضحايا لمطالب المجرمين في تقديم الملايير كفدية مقابل إطلاق سراح فلذات كبدهم الذين لا ذنب لهم في صراع المصالح وفظاعة السفاحين من جهة ونزوات ضعفاء النفوس من جهة أخرى . وكانت حالات الاختطاف المسجلة طيلة سنة 2015 مادة دسمة لوسائل الإعلام لعدة أسابيع إلى أن تحولت بعدها إلى قضايا رأي عام حرّكت السلطات العليا وجعلت وزير العدل شخصيا يتابعها ويصر على تسليط أقصى العقوبات ضد المتورطين فيها ، ولعل أبرز قضايا اختطاف الأطفال التي هزّت الشارع الجزائري خلال هذه السنة تلك التي مست عائلتي 'ياريشان' بالجزائر العاصمة و ' بن سعدة ' من وهران والتي حشدت جموع الجزائريين من مختلف أنحاء الوطن وحتى أولئك المتواجدين بالمهجر للتعاطف لهول الواقعة والصدمة التي ألمت بأهل الضحايا وجعلت كل من تابع قصص هاذين الطفلين من الأولياء و الأطفال على حد سواء يعيشون حالة "بسيكوز" ورعب إلى درجة مرافقة الآباء والأمهات لأبنائهم التلاميذ إلى المدارس يوميا خلال مواعيد الدخول والخروج خوفا من أي مكروه مماثل قد يلحق بهم في ظل غياب الأمن بمحيط هذه المؤسسات التربوية. 'أمين ..عندما تعمي الملايير عيون الإنسانية ' الطفل أمين ياريشان لم يمر اختطافه مرور الكرام بل بمجرد تناوله من قبل وسائل الإعلام أضحت قضية رأي عام فبغض النظر عن المساندة الواسعة التي تلقتها العائلة من قبل المواطنين من داخل وخارج الوطن خرج وزير العدل شخصيا ليصرح بأن المتورطين سيتابعون قضائيا وبصرامة .. 'أمين' الذي تم تحريره من قبضة المختطفين إثر تنفيذ خطة جد محكمة لمصالح الدرك الوطني التي نجحت في إعادة الطفل إلى أحضان جدته اختفى عن الأنظار لمدة 13 يوما كاملة حيث خرج من المنزل في 21 أكتوبر من العام الجاري متوجها إلى المدرسة لكنه لم يستطع العودة لأن صديق والده الحميم أراد له ذلك ، حيث نقله إلى فيلا مهجورة - مشمعة بأمر قضائي لتورط صاحبها في قضية مخدرات- وبعد استعمال تقنيات تكنولوجية حديثة في البحث عن الطفل المختطف الذي شوهد على متن دراجة نارية من الحجم الكبير تم تحديد المكان وتحرير الرهينة من قبل الدرك في 2 نوفمبر المنصرم وتوقيف مغترب بحوزته بطاقة هوية مزيّفة و رخصة سياقة مزورة وهو محل بحث من قبل الإنتربول والعدالة الجزائرية بحسب تصريحات سابقة لمسؤول قضائي. وقد أثلج خبر تحرير الطفل أمين من قبضة المختطفين الذين طالبوا والده بمبالغ خيالية كفدية لاسترجاع ابنه –أثلج - صدر كل الجزائريين الذين تابعوا عودة أمين إلى المنزل مباشرة عبر الفضائيات ومنهم من تنقل اإلى منزله لمشاركة والده وجدته فرحة رجوعه فيما لا تزال قضية الاختطاف في أروقة المحاكم للنظر فيها لاسيما وأنها فتحت باب التأويلات على مصرعيه حول سبب الاختطاف ومكان تواجد الرهينة وكذا أيضا وجود صديق العائلة ضمن المجرمين إلى حد خروج الوالد عن صمته وتصريحاته الأخيرة لوسائل الإعلام عما يحوم حول القضية من غموض وتأكيده على عدم وجود أي علاقة له باللصوص مصرا على حماية ابنه من مضايقات قد تلحق به مستقبلا بسبب هذه القضية التي لا ذنب له فيها. عماد الدين و المطمورة اللغز قضية أخرى أسالت الكثير من الحبر وتزامن حدوثها مع اختطاف أمين ياريشان ناهيك عن الغموض الكبير الذي شابها إلى حين تأكيد الطب الشرعي أن الأمر يتعلق بوفاة طبيعية بعدما بدأت باختطاف سرعان ما تحولت إلى جريمة قتل بعد العثور على جثة الضحية ويتعلق الأمر بالطفل عماد الدين بن سعدة صاحب السنتين الذي اختفى عن الأنظار ذات صباح عندما خرج من المنزل للعب كعادته ليعثر عليه جثة متقدمة العفن بمطمورة الصرف الصحي المتواجدة خلف المنزل العائلي مباشرة بقرية الجفافلة المترامية بضواحي بلدية المرسى الحجاج بوهران. 56 يوما من الغياب المفاجئ عاشها أهل عماد الدين في ألم شديد وأمل في لقاء المختفي الذي بدأت قضيته بفرضية اختفاء في منتصف سبتمبر الماضي خاصة بعد عملية تمشيط واسعة قام بها أفراد العائلة بمحيط المنزل إلى غاية الأماكن البعيدة لكن دون جدوى حسب تصريحات عم الضحية 'للجمهورية 'التي تنقلت الى قرية الجفافلة لكن بعد 56 يوما تم العثور على جثة الطفل داخل مطمورة الصرف الصحي في حالة متقدمة من العفن وهنا تغيّرت مجريات القضية ليسقط المحققون فرضية الاختطاف ويشرعون في التحري لتأكيد أو نفي الفرضية الثانية المتعلقة بجريمة قتل خاصة و أن مكان العثور على الجثة تم تفتيشه في 48 ساعة الأولى التي تلت الاختفاء حسب ما ذكره لنا عم الضحية دائما والذي أكد أنهم لم يعثروا بداخل المطمورة على أي شيء ، وبعد 10 أيام من الاحتفاظ بجثة عماد بمصلحة حفظ الجثث بمستشفى أول نوفمبر وما تبعها من حالة الترقب التي انتابت الجميع بما فيهم أفراد العائلة فنّد الطب الشرعي فرضية القتل و أكد أن الوفاة كانت طبيعية لتسلم الجثة الى العائلة التي قامت بدفنها بمقبرة الحساسنة القريبة من مقر العائلة و رفعت بعد انتهاء مراسيم العزاء الخيمة التي نصبت مباشرة بعد العثور على جثة عماد الدين. شعيبي ميلود ...آخر فريسة في قبضة الوحوش قبل نهاية السنة بيومين فقط أبى قاتلو البراءة إلا أن يزيدوا من جرعات الخوف و الحزن في قلب كل أم و أب بقتلهم للطفل شعيبي ميلود صاحب ال 13 سنة و القاطن ببلدية ابن باديس التابعة لولاية سيدي بلعباس ، خرج كعادته ليلعب مع أصدقائه يوم السبت الماضي ليختفي في ظروف غامضة إلى غاية صباح يوم الأربعاء حين عثر جيران على كيس مشبوه على بعد 30 مترا من المنزل العائلي للطفل و بمجرد فتح الكيس وجدوا التلميذ الذي يدرس في السنة الثانية متوسط جثة هامدة . شعيبي ميلود ينتمي لأسرة مكونة من أب عاطل عن العمل و أم أضحت عاطلة عن الأمل و شقيقان و أخت صغيرة ، مات ميلود و ترك خلفه فاجعة تعصر قلوب الأهل و الجيران و المحبين و عزاء هؤلاء و كل الجزائريين أن يتم الكشف عن تفاصيل هذه الجريمة البشعة لتأخذ العدالة مجراها بتسليط أقصى العقوبات على من انسلخوا من إنسانيتهم .
طوابير الأولياء أمام المؤسسات التربوية ... الديكور اليومي و في ظل كثرة حالات اختطاف الأطفال وما صاحبها من هلع ورعب لدى الأمهات والآباء على حد سواء بات لزاما على هؤلاء الأولياء مرافقة أبنائهم إلى المدارس يوميا والوقوف قبل مواعيد الخروج لأكثر من نصف ساعة لتفادي ما قد لا يحمد عقباه خاصة و أن مشاهد تجمع الآباء أمام مداخل المؤسسات التربوية من مدارس و متوسطات وحتى بعض الثانويات بدأت تظهر جليا حتى أضحت ديكورا يوميا مباشرة بعد حادثة اختفاء أمين ياريشان الذي تم اختطافه عندما كان عائدا من المدرسة. ولم يخف العديد من الأولياء الذين وجدناهم قرب المدارس أنهم مجبرون على انتظار أبنائهم خوفا من وقوعهم ضحايا اختطاف لاسيما في غياب الأمن بمحيط هذه المؤسسات التربوية مشيرين في الوقت نفسه إلى أنهم أصبحوا مضطرين على تغيير بعض المواعيد وحتى التأخر عن العمل لساعات في سبيل سلامة التلاميذ . كما طالب أولياء التلاميذ بضرورة توفير الجهات المسؤولة الأمن من خلال تكليف رجال الشرطة بمهمة حماية وتأمين مداخل المدارس ومحيطها قصد الشعور بالارتياح والاطمئنان على سلامة التلاميذ مشددين في الوقت نفسه على ضرورة تطبيق القانون ضد كل من تخول له نفسه أن يعبث بالبراءة .