ضرورة ترميم منزل المناضلة وجعله متحفا تاريخيا بعاصمة الغرب الجزائري انجاز فيلم حول ملحمة 45 يتيما تكفلت بهم البطلة زار أمس السيد سبيّة عمار ممثل جمعية 8 ماي 1945 بوهران مقر جريدة الجمهورية حاملا معه بعض الحقائق التاريخية التي عاشها، والتي لا تزال محفورة في ذاكرته رغم كبر سنه، ولأنه رفض أن تمحى هذه الوقائع والشهادات، وتموت معه مثلما حدث مع الكثير من المجاهدين، قرر أن يطرق أبواب الجمهورية بغرض تسجيل شهادته وتوثيق جميع المعلومات المتعلقة بالثورة عبر ما يحمله من مخطوطات ، وخلال تصريحه بدا لنا السيد عمار متأثرا وهو يروي على مسامعنا قصة المجاهدة المرحومة خيرة بنت بن داود المعروفة ب " خيرة لاروج "، هذه الشخصية الثورية التي تعرضت للتهميش والإهمال في بلدها، حيث قال إن التاريخ لم ينصفها، وظلت ذكراها في العتمة دون أن يشير إليها أحد،رغم أنها واحدة من المناضلات الجزائريات اللائي قاومن ببطولة المستعمر الفرنسي بمدينة وهران . و للتعريف أكثر بالمجاهدة خيرة بنت داود أوضح محدثنا أنها عُرفت بالثراء والكرم، حيث أنها وظفت مالها في خدمة قضية بلدها العادلة ومساعدة العائلات الفقيرة و المحتاجة، كما أنها قامت خلال أحداث 8 ماي 1945 بإحضار 45 طفلا من اليتامى بعد المجازر التي ارتكبها المستعمر الفرنسي الغاشم آنذاك في حق سكان ولاية سطيف، وكان السيد سبية عمار واحد من هؤلاء اليتامى المدعو ب " مصطفى "، نسبة للرجل الذي رباه وهو بوكروشة مصطفى، بالتعاون مع جمعية العلماء المسلمين، بعد موافقة حاكم وهران الفرنسي آنذاك الكولونال بيتي، ولم يتوقف العمل الخيري للمجاهدة خيرة بنت داود – يضيف محدثنا- بل تعدى إلى توزيع الأطفال على عائلات قاطنة بوهران، من أجل تربيتهم ، فيما بقيت هي متواصلة معهم ودعمهم ماديا ومعنويا .
من جهة أخرى أشاد السيد عمار بمناقب المجاهدة السيدة خيرة بنت بن داود التي كانت تقطن بحي المدينة الجديدة ، وكيف أنها عملت في الخفاء ومدت العون للحركة الثورية الجزائرية في منطقة الغرب الجزائري، إلى أن تفطّن الجيش الفرنسي لها، وطلب منها اختيار منفاها، فاختارت العاصمة التي بقيت بها سنوات، إلى أن أصابها المرض، لتتوسط لها بعض الأطراف من أجل أن تعود إلى مسقط رأسها، و بالبفعل رضخ الفرنسيون للأمر، وعادت السيدة خيرة إلى وهران، لتلفظ أنفاسها الأخيرة في شهر ديسمبر من عام 1961، لتدفن بمقبرة سيدي الحسني، وقد شيع جنازتها جمع غفير من سكان مدينة وهران، من بينهم زدور محمد إبراهيم الطيب المعروف بالطيب المهاجي. وفي ذات السياق أكد السيد عمار أن المناضلة خيرة بنت بن داود كانت أحد رموز الثورية الجزائرية، لكن للأسف لم تأخذ حقها من التعريف والتكريم، بدليل أن منزلها حاليا مهجور ومنهار تماما، وهو المكان الذي كانت تستقبل فيه قادة الثورة التحريرية، كما تربي فيه محمد خميستي،حمو بوتليليس،محمد عاشور، شرفاوي علي وغيرهم، مطالبا السلطات المعنية بضرورة تهيئة بيتها ووضع لوحة تحمل اسمها، أو تحويله إلى متحف يضم الذاكرة التاريخية لشهداء وقادة الثورة في وهران، وذلك كتخليد لاسمها كونها من النساء والذاكرات لله سبحانه وتعالي، ومن أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بدليل أنها حضرت جنازة العلامة ابن باديس، كما طالب بإعادة الاعتبار لها من خلال تسمية إحدى الأحياء آو الشوارع باسمها، وكذا انجاز فيلم ثوري عن بسالتها و شجاعتها، وعن ملحمة 45 يتيما الذين جلبتهم رغم أنف وغطرسة العدو من الشرق إلى الغرب، حتى تتكفل بهم العائلات الوهرانية وتهتم بهم، أما فيما يخصّ لقب " لاروج " الذي عرفت به ،والذي يدل على انتمائها للحزب الاشتراكي الجزائري، فقد كشف السيد عمار أن الانتماء غير صحيح، وكل ما في الأمر أن المجاهدة خيرة استعملته كتمويه للمعمر الفرنسي فقط. وفي الأخير قدم لنا السيد عمار مجلة 8 ماي 1945 التي خصصت في أحد أعدادها محورا خاصا بالمجاهدة البطلة رفقة العديد من الأسماء الثورية المنسية، مؤكدا على وطنيتها الثائرة وكفاحها من أجل حرية واستقلال الجزائر، وواصفا إياها بالنشيطة في مختلف المناسبات الدينية من خلال توزيع المواد الغذائية والألبسة للفقراء و العائلات المحرومة ..