اختتم أول أمس بقسنطينة الصالون الدولي للأسفار والسياحة والصناعات التقليدية الذي شهد مشاركة 90 عارضا تحت شعار " السياحة للجميع"، حيث عرف الموعد الدولي حضورا قويا لمختلف الهياكل الفندقية و الوكالات السياحية الجزائرية والأجنبية كتونس، مصر، الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، إلى جانب مختلف الحرفيين في الحلي، الحلويات التقليدية،الألبسة و عديد الصناعات اليدوية . التظاهرة التي احتضنها قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة هي الأولى من نوعها على مستوى ولاية سيرتا ،ما جعلها فرصة للفاعلين في القطاع السياحي والأجانب من أجل استعراض خدماتهم و كفاءاتهم أمام الجمهور الذي اقبل بكثرة على المعروضات الجميلة التي صنعتها أنامل المبدعين، كما تعرفوا على الخدمات المقدمة من طرف وكالات الأسفار المحلية و الأجنبية، أما فيما يخص المشاركين فقد أثنوا على المبادرة التي سمحت لهم بالاحتكاك مع بعضهم البعض بشكل مباشر، بغرض تبادل الأفكار والخبرات وحتى إبرام العقود في إطار سوق سياحي تبادلي من جهة و عرض مقومات الجزائر والتعريف بموروثنا التقليدي و الحرفي من جهة أخرى. الأواني النحاسية ومشكل التسويق وفي هذا الصدد قامت الجمهورية بجولة عبر مختلف أرجاء الصالون ، والتقت الحرفي عشوش يوسف المختص في الصناعة النحاسية اليدوية، هو شاب متخرج من كلية الحقوق فضل التوجه نحو صناعة القطع والأواني النحاسية، وهي الحرفة التي ورثها عن أخواله الذين مارسوا المهنة لسنوات، ففتح محلين الأول في منطقة باردو والثاني بوسط المدينة ، فاختص في صناعة الإكسسوارات والأدوات المنزلية الخاصة بالديكور، والتي تتجسد في أشكال رائعة تشد الأنظار، وعليه فقد أكد يوسف أن مهنته ورغم كونها حرفة عريقة ورمزا من رموز مدينة سيرتا ، إلا أنها تعاني من التراجع، خاصة في ظل مشكل التسويق الذي بات يعاني منه الحرفيون بشكل كبير، وهذا راجع –حسبه - إلى الأواني و الأدوات المستورة من الخارج التي لا تضاهي طبعا عراقة و جمال و نوعية المصنوع الحرفي النحاسي الجزائري ،مشيرا إلى مدى أهمية مثل هذه الصالونات والمعارض في عملية تسويق منتوجاتهم، ومطالبا مديرية الصناعات التقليدية و الحرف بوجوب توسيع نطاقها و تكثيفها عبر ولايات الوطن، وحتى في الخارج . حلوى الجوزية ..وصفة سحرية ومذاق لا يوصف تعتبر حلوى الجوزية القسنطينية واحدة من أقدم و أشهر و ألذ الحلويات التي تشتهر بها مدينة قسنطينة، فقد توارثتها الأسر القسنطينية عن الدولة العثمانية، حيث صنعت لأول مرة داخل قصر الباي أحمد وسط المدينة ، واستطاع طباخ قصره صنعها بالإعتماد على تركيبة سريّة سُمّيت "اللوزية" آنذاك، و كانت تُصنع بنفس الطريقة لكن باستخدام اللوز بدل الجوز، قبل أن يتم اعتماد هذا الأخير الذي تبيّن فيما بعد أنه أفضل بكثي، وقد طلب الباي أحمد من الطباخ عدم الإفشاء بسر الخلطة لعامة الشعب، لتكون مادة خاصة بمائدته فقط، فيما بقيت خلطة الجوزيّة سرّاً إلى ما بعد موت الباي ب 163عاما تقريباً، غير أن سر صناعتها كُشف للبعض و توارثت بعض الأسر صنع صناعتها و اشتهرت به لعديد السنوات، وفي هذا السياق أكدت الحرفية رواق سليمة كشفت أن مكونات هذه الحلوى العريقة تتمثل في العسل ،بياض البيض و المكسرات التي تنوعت بين الجوز و اللوز، الأكاجو،الجلجلان و غيرها من المكسرات اللذيذة ، موضحة أن سر مذاقها يكمن في كميات العسل المصنوعة به و نوعية المكسرات الجيدة التي تستعمل داخل الحلوى، ناهيك عن طريقة تزيينها ، كما أوضحت محدثتنا أن المهنة تتطلب صبرا و دقة في الصنع، فالإخلال بأي مكون يؤدي إلى إفساد الوصفة، فالجوزية – حسبها – تأخذ وقتا يتجاوز يوما كاملا بين تحضير الوصفة و تفريشها في الصواني و تصفيفها، لتصبح متجانسة إلى تقطيعها إلى مربعات و وضع الجوز أو اللوز أعلاها، بعدها تلف داخل قطع من " السيلوفان " للحفاظ على ليونتها و نكهتها. من جهتها أكدت الحرفية التي لا تزال إلى حد الآن تستخدم الوسائل التقليدية في صناعة جوزيتها أن استخدام مختلف أنواع المكسرات جاء نتيجة لعمليات تحديث فيها، دون المساس بوصفة صناعة ما يسمى بالنوقة، حيث تم اكتشاف المذاق الرائع عند استخدام مختلف المكسرات، فمن الممكن أن يكون أشخاص يحبون الجوز وآخرون يفضلون اللوز، لهذا تم إدخال نكهات المكسرات عليها، فالجوزية حسبها تعتبر رمزا من رموز مدينة قسنطينة كموسيقى المالوف، النحاس و القندورة القسنطينية بما فيها الجسور المعلقة ، مبرزة أن الجوزية تعد من أكثر الحلويات طلبا سواء في المناسبات والأعراس، حيث أن الكثير من العائلات تشيد بمذاقها اللذيذ و نكهتها الفريدة التي كانت و لا زالت واحدة من أشهر الحلويات عبر كامل التراب الجزائري و حتى خارجه ، حيث أنها تتلقى طلبات من دول شقيقة كليبيا ومصر وتونس ، ليبقى سر صناعة حلوى الجوزية ملك لقسنطينة وحدها على حد تعبيرها .