أسرة الأستاذ الراحل تسلم 548 كتاب بين مؤلف، مجلات ومقالات تجسيدا لوصيته قبل وفاته أجمع المتدخلون في الاحتفالية التذكارية التي احتضنتها صباح أمس كلية العلوم الاجتماعية (جامعة وهران 2) محمد بن احمد، بمناسبة نقل مكتبة الأستاذ المرحوم عمار بلحسن، إلى مكتبة العلوم الاجتماعية، أن الراحل كان إعلاميا متمرسا ومفكرا سابقا لعصره، وأكد الدكاترة الذين قدموا شهاداتهم بخصوص هذا المثقف والكاتب المبدع الذي رحل في نهاية أوت 1993 أن عمار بلحسن، كان شخصا متواضعا، دائم الابتسامة، متفائل يعشق الغوص في عالم الفكر والبحث والتنقيب عن أمهات المعارف وجديدها، حيث قضى حياته رحالة بين قطاعي الإعلام والحقل الجامعي، متمردا، جريئا، يطرح أفكاره بهدوء مع الحرص على تقديم الحجج والبراهين على أطروحاته التي تحقق الكثير منها، بالرغم من طرحها في قالب تنظيري وفلسفي وابستمولوجي مغاير عن ما نعيشه اليوم من تحولات مجتمعية جذرية. وحرص المتدخلون في هذا الحفل التذكاري الذي حضرت فيه أسرته وبالخصوص زوجته، على التأكيد أن الفقيد قامة فكرية سامقة وعالية الشأن، حتى أن أسرته تأثرت كثيرا بالكلام الصريح والشهادات العفوية التي كان يلقيها أصدقاؤه السابقين في الإعلام والجامعة، وفي نفس الوقت معجبة برصيده المعرفي والأكاديمي الذي خلّفه وراءه، وبقي خفيا عنها إلى أن جاء هذا اليوم لتكتشف فيه المكانة الكبيرة لهذا الرجل الطيب والصديق الحميم الذي استطاع بتواضعه نسج الكثير من العلاقات الأخوية مع رفقائه وزملائه في الحقل الجامعي والأكاديمي المتشعب، ومن بين ما قيل عن هذا الكاتب والقاص المبدع، أنه كان يطمع دائما للجديد ويتذمر من الروتين ويبحث في كل مرة عن التميز، حتى أنه استطاع بفضل ملكته الفكرية المتفردة، التأسيس لما بات يسمى بعلم "الاجتماع الأدبي"، الذي سيظل ولسنين طويلة مرتبطا ومقترنا بعمار بلحسن، الذي قدم عدة مقالات وبحوث أكاديمية في إشكالية العلاقة بين السياسة والثقافة، وأهمية النخبة و"الانتلجنسيا" في صنع مجتمع المعرفة لاسيما من خلال كتاباته المستنيرة في النادي الأدبي ل"الجمهورية" جنبا إلى جانب مع كوكبة من الإعلاميين والكتاب المتميزين على غرار الفقيد بلقاسم بن عبد الله ... وآخرين، مثمنين دوره الطليعي من خلال مشاركاته المتعددة في مختلف الملتقيات الثقافية، وإثرائه للمكتبة الوطنية، بعدد لا يستهان به من الكتب والمؤلفات القيمة على غرار كتابه الموسوم ب"الأدب والأيديولوجيا"، الذي يحتوي على نصين هامين متطرقا في الأول إلى فكر أنطونيو قرامشي وتعريفه لمفهوم الأيديولوجيا والثاني حول علاقة الأيديولوجيا بالممارسة الإبداعية، سابقا بذلك جيله في التطرق إلى مسألة الأدب بأدوات حديثة، فضلا عن تقديمه في فترة التسعينات لمحاضرات حول الدولة الوطنية وقضايا واقعنا الثقافي، كما لم ينس المتدخلون في هذا اليوم التذكاري التكريمي الذي قامت فيه أسرة الفقيد عمار بلحسن بتسليم حوالي 548 كتاب ومجلة ومؤلف لمكتبة العلوم الاجتماعية، التطرق إلى بروزه في عالم القصة القصيرة حيث قدم هذا القلم المنافح عن الحق والحقيقة، مجموعة قصصية جعلته يتبوأ هو الآخر مكانة مرموقة في هذا النوع من الأدب، بالرغم من سنه الذي لم يكن يتجاوز الأربعين إلى أن رحل عن هذا العالم بعد صراع طويل مع المرض مخلفا وراءه وبشهادة الكثير من المتدخلين فراغا كبيرا من الصعب تعويضه. تجدر الإشارة إلى أنه وعلى هامش هذا الحفل التذكاري قام عميد جامعة وهران بتكريم زوجة الفقيد في جو بهيج، بحضور العديد من رفقائه والطلبة الجامعيين الذين ثمنوا كثيرا هذه الوقفة لاسيما وأن الكثير منهم يجهل هذه الشخصية الإعلامية والفكرية السامقة التي شغلت الحقل الثقافي الجزائري بإبداعاتها المتنورة والحداثية.