« اللهم صل على سيدنا محمد" على كل الألسن وفي كل الوصلات الفلكلورية، وجوه بشوشة تبتسم للجميع وتعانق الزوار بحرارة بلازمة "تبارك الله "، البساطة متجلية في جميع الأمور الحياتية و في جميع قصور زاوية "كنتة " جنوب ولاية أدرار عاصمة "توات الوسطى" .. الزاوية " أسّسها محمد سيد المختار الكنتي ومنه اشتقت اسمها.. كانت ولعصور مركز إشعاع ثقافي وفكري خلال القرون السابقة وتتلمذ بها علماء أجلاء ساهموا في نشر العلم والمعرفة بمناطق أخرى كما أنها تتميز عن غيرها بحفاظها على الموروث الصوفي و تنوعه في العادات، السمة في اللحن المتواتر يرفق في تناسق بين ترتيل الأوراد والنغم الصوفي، وأنت تقطع الطريق جنوبا من أدرار لا يخطر ببالك وجود قصور خلف التلال، كل ما تراه عين الزائر جنات غناء منتشرة وسط الواحات، وقد بنيت القصور هناك قديما لتكون بعيدة عن أعين الغزاة، ولا يزال النظام الدفاعي في بنيان الأبراج قائما لليوم مع اهتراء كبير في بعض أجزائه لكنه يبقى شاهدا أن المنطقة لم تكن دوما آمنة ، فقصص الغزوات دوي منيع وغيرها لا يزال يرددها للأطفال قبل النوم. الحب النبوي متجل في حديث العامة والخاصة وفي تعاملات الناس بينهم، فتحس بأن البركة موجودة في كل مكان، هم يعيشون ببساطة في تناغم مع طبيعة المنطقة، " الزاوية " بكل قصورها، تشهد احتفالات كبيرة بمناسبة المولد النبوي الشريف بقصور بوعلي واغرماملال (القصر الأبيض) وانجمير (مكان تواجد الماء) بقراءة متون المديح النبوي وقصائد البردة والبغدادي متواصلة حتى "السبوع" من خلال أنشطة فلكلورية تتمثل في حلقات البارود الوزيارات المحددة المسارات و مسح الأعلام بالحليب لكي لا تأكلها الأرض،. طيبة الساكنة و سحر التصوف وصفاء المعتقد ميزة أهل الصحراء الذي يسبقون دوما كلمة شيوخهم ولا يجنحون للتجديد أو التعيد، لكن المؤسف أن عبق التراث الذي يميز المنطقة من رقصات شعبية مشهورة و ألبسة خاصة لم يشفع لها للدفع بتجارة للحرف التقليدية، ربما مع الجيل الجديد المتعلم الذي قرر أخذ المشعل لاستصلاح الأراضي و حفر الآبار و العودة لإعمار البلاد التي لا طاقة لجدرانها الطوبية على مقاومة الطبيعة، و أهم مزار في المنطقة ضريح فاتح إفريقيا الإمام " محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني" بقصر بوعلي، اضافة لضريح مولاي علي بلحاج بزاوية كنتة "الزاوية". وفي ليلة " السبوع " تشهد زاوية كنتة استقبال الضيوف من القصور المحاورة ومن شتى بقاع الوطن وعدد كبير من الفرق في ترحيب و إكرام من قبل أهل المنطقة ، تتبعه حضور فرق البارود لقصور بوعلي ، تيوريرين ،أولاد الحاج ، زاقلو ،مكيد وتابركان و تاخفيفتو و اغرماملال و ازوا ليلة في الساحة .، بعد البرزنة التي تشارك فيها جميع الفرق، تنفرد كل فرقة بعرض فلكلوري في تنافس نزيه مع بقية الفرق، الحكم فيه هو أهل القصر وضيوفه.