نجم كروي لاعب ومدرب ومسير قدير، يعد من أبرز الوجوه الرياضية في بلادنا وحينما تجالسه تسبح معه في فضاء الزمن الجميل لكرة القدم الجزائرية رغم تقدمه في السن وأحواله الصحية إلا أن عطاءه لم ينقطع وحبه للكرة المستديرة لم يتوقف رغم كل ما لحقه منها من جحود ونكران، إنه أسطورة الكرة السعيدية بدون منازع وأحد نجوم الكرة الجزائرية لكل الاوقات الحاج سعيد عمارة الذي لم يتمكن من حضور مقابلة الداربي بين مولودية سعيدة وجمعية وهران مؤخرا بسبب التعب والارهاق فقامت "الجمهورية" بزيارته في مقر الرابطة الجهوية التي يترأسها وكانت لها معه هذه الدردشة. * مرحبا بكم الحاج سعيد عمارة في الجمهورية؟ - مرحبا وأهلا بالصحفيين وبكل ضيوف سعيدة تفضل أشرب الشاي ثم تحدث * شكرا... نريد محاورتكم ومعرفة آخر أخباركم؟ - بقلب مفتوح، الجمهورية عزيزة وغالية وأنا مدين لها بالعرفان * ماهي آخر أخباركم سيدي الفاضل؟ - أنا متواجد على رأس الرابطة الجهوية لكرة القدم وأعمل بمكتبي طوال اليوم رغم صحتي وتعبي، أنا جندي (رياضي) في خدمة الوطن ولن أتوقف على ذلك مادمت حيا، منذ أيام فقط استقبلنا فريق جبهة التحرير وأقمنا احتفالية كبيرة هنا بسعيدة حضرتها أغلب الوجوه الرياضية المعروفة وتم إنجاز معلم يجسد تاريخ فريق الأفلان من تصميم ابني البشير عند مدخل ملعب سعيدة لكي تتطلع عليه الجماهير، تزامن تواجد فريق جبهة التحرير مع الاحتفال بذكرى فوز مولودية سعيدة بكأس الجزائر في 9 ماي 1965 ولقد عادت كل العناصر المدعوة تحمل الشكر والثناء على المنظمين وهي فرصة للإلتقاء مع رفقاء الدرب. * كيف يرى الجيل الحالي فريق جبهة التحرير وهل يعرفون عناصره؟ - هذا الجيل من الشباب بريء مما قد ينسبه إليه البعض ولكن الإتهام موجه إلى من تنكروا لفضل فريق جبهة التحرير وتجاهلوا إنجازاته الكبيرة ومساهمته في تحرير الوطن كبقية الجزائريين من الثوار، في هذه الاحتفالية لمست رغبة كبيرة لدى الشباب في معرفة ما فعلناه في الماضي لكن كما قلت الذنب ليس ذنبهم. * ذنب من إذن؟ حدثنا بكل صراحة... من حق القارىء أن يعرف من يمارس على فريقكم الإقصاء؟ - (يتنهد) الإقصاء مورس على جيلنا بأكمله وليس على فريق جبهة التحرير فقط، القليل منا من لازال يرتبط بالعالم الرياضي أما البقية فلقد هجرته نهائيا بسبب المشاكل وعدم الاحترام أين هم نجوم كرتنا في الماضي هل تسمع عنهم، هل تراهم في وسائل الاعلام؟ هناك المرضى وهناك المقعدين والمتقاعدين فهل سأل احد عن احوالهم فريق جبهة التحرير همشت عناصره من طرف أشخاص تعلموا على أيديهم ونالوا الشهرة بفضل رعايتنا لهم، أرادوا وضعنا في المتحف وأغلبنا مازال قادرا على العطاء. * ما الذي يؤرقكم أستاذنا سعيد عمارة؟ - الكلام الطيب صدقة والاعتراف بالجميل واجب على الكل وحديثكم معي ينم عن احترام كبير لشخصي وهذا شيء جميل ولكن (يأخذ نفسا طويلا ثم تنزل الدموع من عينيه) * نحن لم نأت للنبش في جراح الماضي سيدي الكريم، عفوا إن أخطأنا التقدير أو السؤال؟ - (يمسح الدموع بيده ثم يرد علينا) لا يا ابني أنت لم تخطىء ولم تنبش في جراح الماضي أنت تريدني أن أتكلم عن جراح الحاضر وهي أشد وقعا على نفسي، سألتني عن تجاهل جيلنا وعن إقصائه هذا شيء مؤسف. هل تعرف بأن ميشال هيدلغوا مدرب المنتخب الفرنسي سابقا والمعروف عندنا كان أحد تلاميذي، لماذا يستدعونه الى الجزائر ويدفعون له أموالا طائلة بالعملة الصعبة ولا يبحثون عن مدربه ومن صنعه (رياضيا) و... و... الخ * هل حبل التواصل مفقود أم أن قطعه مقصود بينكم وبين الأجيال الأخرى؟ - لا أدري صدقني لكن جيلنا لم يكن ينتظر مثل هذه الجحود ورغم كبر سن أغلبنا إلا أننا مازلنا نلبي النداء ونحضر في كل مرة يطلب منا ذلك، لكن لانريده أن يكون فلكوريا وفي مناسبات وذكرى تأسيس الفريق وفقط نريد أن يولي اهتمام خاص بمن جاهدوا وضحوا بمستقبلهم الكروي وعرضوا أنفسهم للسجن وعانوا من ويلات الاستعمار وأن تمنح الفرصة للقادرين منهم على العطاء بالمشاركة في تكوين الأجيال والانضمام والاشراف على الأندية واللجان والهياكل الرياضية المختلفة القضية ليست في التواصل المفقود أو المقصود قطعه لكن في واقع مرير نعيشه ومتى نستفيق منه لنعالج أخطاءه وعدم الاهتمام بالجيل الماضي من ا لرياضيين مرده سوء التقدير لانجازاته وتضحياته، الشعوب التي لا تتغنى بأمجاد سلفها لا مستقبل لها. * وماذا؟ - مايحز في نفسي هو أننا نعيش مرارة النسيان حتى في داخل منازلنا وابني مثلا لايعرف عني سوى ما سمعه عني من الآخرين وأحيانا حينما نتكلم عما فعلناه في الماضي البعض يظننا نختلق في الاحداث أو نبالغ في إنجازاتنا والبعض الآخر يعتقد بأننا »إنخرفو« لماذا لا تسجل هذه الشهادات الحية من أفواه صناع التاريخ الرياضي الجزائري وأغلبهم مازالوا على قيد الحياة؟، لماذا لا تنجز عنهم حصص تلفزيونية وبرامج إذاعية وكتب ومقالات صحفية باستمرار لأنها ذاكرة رياضية حية، نحن لا نفتكر هؤلاء الا في مناسبات ولدقائق معدودات، من حق الجيل الحالي والقادم أن يعرف أبطال بلاده وأمجاد أسلافه كما ذكرت سابقا وواجب عليكم أن تجتهدوا في نقل وتدوين ذلك بكل أمانة ليبقى كتاريخ ينهل منه الجميع. * لنبتعد قليلا عن الهموم والمشاكل ولنتحدث عن واقع كرة القدم في بلادنا وعن تأهل الخضر إلى المونديال؟ - إن النتائج المحققة في كل المناسبات العالمية منذ التأهل الى كأسي العالم 82 و86 كانت لأجيال صنعها عناصر فريق جبهة التحرير الوطني وماجر أو بلومي وعصاد مثلا كانوا تلاميذ للعديد من المدربين من لاعبين سابقين في فريق الأفلان وحتى المدرب سعدان هو تلميذنا ونعتز بتكوينه أما عن أحوال الكرة فهناك تغيير كبير حصل خاصة في الجانب العملي والتقني وفي الماضي كانت الخطط التكتيكية والتكوين يعتمد على المهارات الفردية وعن نوعية المناصب فالمهاجم يقوم بدوره ويلعب متحررا وكان لدينا عدة مهاجمين كبار ومن طراز خارق مثل مخلوفي ووجاني وكانوا يسجلون الأهداف واليوم نبقى ننتظر هدفا يأتي من مدافع في الماضي قليل جدا بل نادرا أن يسجل المدافع هدفا إلا من الكرات الثابتة من الركنية غالبا هناك تطور كبير من حيث الوسائل والهياكل لكن يجب أن يصحبها تطور وتغيير للذهنيات.