أكد الناقد السينمائي محمد بن صالح في تصريح للجمهورية أن الفيلم القصير في الجزائر قد سجل تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة من خلال ظهور عدد من المخرجين الشباب الذين قدموا أعمالا سينمائية ذات بعد إجتماعي وفكاهي وتجريبي سلطوا من خلالها الضوء على جوانب عديدة من سلبيات وإيجابيات الشخصية الجزائرية، فتحدّوا بذلك الصعوبات التي واجهتهم كإنعدام الدعم المالي معتمدين في ذلك على قدراتهم المادية القليلة أضف إلى ذلك الفيلم القصير هو بداية كل مخرج شاب الذي يتوجب عليه أن يبدأ تجربته السينمائية بهذا النوع من الإنتاجات لتعزيز خبرته ودخول عالم الفن السابع من أبوابه الواسعة، وقد انتهج هذا الطريق جل المخرجين الجزائريين الذين صار لهم اليوم الإسم اللامع في عالم السينما الأوروبية والعالمية على غرار المخرج المعروف رشيد بوشارب الذي بدأ مشواره السينمائي بفيلم قصير ليعزز تجربته بعدها بعدد من الأفلام الطويلة، وعليه فإن المخرج الناجح عادة ما يبدأ بالفيلم القصير ليقيم موهبته ويبرز قدراته الإبداعية للجمهور والنقاد السينمائيين. ومن جهة أخرى فقد عبّر الأستاذ بن صالح عن تفاجئه الكبير بعدد الأفلام القصيرة التي أخرجت سنة 2010 بعد أن نالت جلها جوائز عربية وعالية بمختلف المهرجانات السينماية وهذا إن دل فإنما يدل على الموهبة الحقيقية التي يتسم بها هذا الجيل الجديد من الشباب حيث تعززت السينما الجزائرية خلال هذه الفترة بإنتاج 12 فيلما قصيرا لمخرجين موهوبين على غرار صابرينة دراوي عن فيلمها »ڤوليلي« والمخرجة »آمال كاتب« في فيلمها »لن نموت« إضافة إلى عبد النور زحزاح وياسمين شويخ وغيرهم من الشباب الذين أنعشوا السينما الجزائرية وشرفوها بإفتكاكهم لجوائز قيمة لكن في نفس الوقت أوضح ذات المتحدث أن هناك مواهب جديدة أخرى لم تحصل على فرصة للظهور أو المشاركة في أي مهرجان وهي الآن تنشط في الظلام منتظرة أن يُفسح لها المجال لتقدم عملها السينمائي وهذا كله يعيب على الجهات المختصة التي لم تخلق لهم المهرجان الخاص بهم بإستثناء مهرجان »تاغيت« للأفلام القصيرة الذي ينظم سنويا في الصحراء الجزائرية الذي لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب بسبب غياب الإمكانيات السينمائية التي تسمح بنجاح هذه التظاهرة مؤكدا أن المهرجان الوحيد الذي خدم الأفلام القصيرة بالجزائر ومهرجان وهران للأفلام القصيرة الذي أسس سنة 1965حيث كان بمثابة البوابة الحقيقية لإكتشاف المواهب الشابة والتعرف على أحدث الأعمال السينمائية في هذه الفئة لكن للأسف توقف هذا المهرجان بعد 5 سنوات لأسباب عديدة خصوصا المالية منها وهو أمر محزن بالنسبة للمخرجين والمنظمين. ودائما في ذات السياق فقد تحمّس الأستاذ بن صالح في تصريحه لفكرة تنظيم مهرجان جديد خاص بفئة الأفلام القصيرة بوهران لأنها صارت اليوم قادرة على احتضان مثل هذه التظاهرات بعد أن أصبحت القاعات السينمائية جاهزة لتقديم العروض ناهيك عن الإمكانيات المالية والدعم الكبير من طرف الجهات المختصة، كما أن وهران هي عاصمة الغرب الجزائري وقبلة لجميع الزوار من مختلف ولايات الوطن وحتى السياح الأجانب لذلك يسهل على عشاق الفن السابع التوجه نحوها لحضور فعاليات هذا المهرجان والإستمتاع بأجمل العروض السينمائية كما ستكون فرصة من ذهب للمخرجين الشباب الذين يبحثون عن مثل هذه التظاهرات للبروز أمام الملأ وتقديم أعمالهم للجمهور. وليس هذا فحسب بل قد أوضح ذات المتحدث أن مخرجي الأفلام القصيرة بالجزائر يحتاجون أيضا للدعم من طرف القائمين على هذا القطاع لا سيما إذا تعلق الأمر بأولئك الموهوبين الذين ينشطون في الظلام وذلك من خلال دعمهم ماديا ومعنويا مع إعطاء فرص أكبر للشباب الراغبين في الإبداع السينمائي من خلال توجيههم وخلق مدارس خاصة بالتكوين السينمائي حتى يحصل هؤلاء على المقاييس الصحيحة في الإخراج مما يضمن تكوين سينما جزائرية صحيحة وناجحة.