اندلعت معارك عنيفة مساء أمس بين الثوار الليبيين والكتائب الأمنية التابعة للعقيد معمر القذافي في محيط مدينة البريقة شرقي البلاد، حيث يوجد ميناء للنفط، في حين قالت مصادر طبية إن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب عشرة آخرون في معركة شرسة بمدينة مصراتة غربي البلاد. وأعلن الثوار في مصراتة أنهم صدوا هجوما من كتائب القذافي على الضواحي الشرقية للمدينة، بعد معارك عنيفة في الشوارع, وأجهضوا محاولاتها للتقدم صوب منطقة اقزير المأهولة بالسكان. وأضاف الثوار أنهم استعادوا السيطرة على عدة مبان في المدينة كان يستخدمها قناصة ضدهم, وأغلقوا شارع طرابلس الرئيسي الذي كانت الكتائب تسيطر عليه. ومن جهته أذاع حلف شمال الأطلسي (ناتو) تسجيلا مصورا لما قال إنها عملية قصف جوي نفذتها إحدى مقاتلاته مستهدفة دبابة تابعة لقوات القذافي لمنع اشتباكها مع الثوار في مصراتة. وتأتي هذه الصور رغبة من الناتو في إثبات دقة عملياته, وذلك على خلفية الجدل الذي دار بعد مقتل خمسة من الثوار في قصف نفذته طائرات الحلف على دبابات تابعة لهم قرب البريقة أول أمس الخميس. وقال مسؤولون في الحلف إن قصف الثوار كان بالخطأ، وإن قادة الطائرات في ما يبدو ظنوا أن الدبابات تابعة للقوات الموالية للقذافي. بعثة إنسانية ومن جهة أخرى كشفت مصادر بالاتحاد الأوروبي يوم أمس الجمعة أن الاتحاد يجهز كي يطلق في غضون أيام بعثة إنسانية عسكرية لمدينة مصراتة التي تحاصرها قوات القذافي منذ أسابيع. وقالت المصادر التي طلبت عدم كشف هويتها إن دعوة الأممالمتحدة للبعثة -التي هي شرط مسبق لإرسالها - باتت وشيكة. وكان الاتحاد الأوروبي قد عبر من قبل عن قلقه بشأن الوضع الإنساني في مصراتة التي تعيش دون إمدادات طبية وبلا مياه ولا كهرباء وسط استمرار القتال، وقد حذر القائد العسكري للثوار عبد الفتاح يونس الخميس من أن مصراتة تتعرض للإبادة. كما سبق أن حذرت فاليري أموس - مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة في الشؤون الإنسانية- من أن الوضع في مصراتة أصبح كارثيا، وأن المدينة تحتاج إلى مساعدات عاجلة. وقالت إن مئات الأشخاص في المدينة قتلوا وجرحوا، في حين يعاني بقية سكان المدينة ?البالغ عددهم نحو ثلاثمائة ألف نسمة - من نقص في المياه والغذاء والدواء. وفي السياق ذاته نقلت وكالة أسوشيتد برس عن الناطقة باسم الناتو أُوانا لونغسكو قولها إن الحلف يحاول أن يجد طريقة لكسر الحصار الذي تفرضه قوات القذافي على مصراتة وأنه يناقش الأمر مع الدول غير الأعضاء فيه المشاركة في قوات التحالف الدولي. قصف بالزنتان وفي مدينة الزنتان غربي ليبيا قصفت قوات الناتو مخازن أسلحة تابعة لكتائب القذافي، ونقلت وكالة رويترز عن أحد السكان يدعى عبد الرحمن قوله عبر الهاتف إن ضربات الناتو أصابت مخازن أسلحة تقع على مسافة 15 كيلومترا جنوب شرق الزنتان. وأوضح أن السكان سمعوا في البداية الطائرات ثم أحصوا حوالي 14 انفجارا، مضيفا أن بعض الناس استخدموا نظارات مكبرة ورأوا مباني تحترق. وفي طبرق شرقي البلاد، نظم المواطنون مسيرات احتجاج يوم أمس طافت شوارع المدينة احتجاجا على ما سموه تقاعس الناتو عن القيام بواجبه في حماية المدنيين، طبقا لقرار مجلس الأمن الدولي الذي نص على فرض منطقة حظر جوي على ليبيا. وندد المتظاهرون باستمرار هجمات كتائب القذافي على المدنيين في مدن مصراتة وطرابلس وأجدابيا، وطالبوا بتسليح الثوار وتكثيف ضربات الناتو الجوية ضد قوات القذافي. وفي السياق نفسه اعترف قادة الناتو بالقيود المفروضة على الضربات الجوية التي يشنها الحلف في ليبيا، والتي لم تؤد إلا إلى جمود عسكري، حسب قولهم. وأعرب هؤلاء المسؤولون عن خيبة أملهم من أن أساليب قوات القذافي بوضع مدرعاتها في مناطق مدنية أدت إلى تقليص آثار التفوق الجوي. ومن جانب آخر ذكر متحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، الذي يقود الثورة ضد القذافي، يوم أمس أن عدد ضحايا المواجهات التي اندلعت في البلاد منذ 17 فبراير الماضي بلغ نحو عشرة آلاف قتيل. وقال الناطق باسم المجلس عبد الحفيظ غوقة في معقل الثوار بمدينة بنغازي شرقي البلاد إن حوالي ألفي شخص قتلوا في العاصمة طرابلس ومصراتة بالإضافة إلى ما يقرب من ألف وخمسمائة قتيل في الزاوية مصير أجدابيا دارت اشتباكات في مدينة أجدابيا شرقي ليبيا بعد أن دخلتها كتائب العقيد معمر القذافي وقصفت مشارفها الغربية بما يهدد بفتح الطريق للزحف على بنغازي معقل المعارضة، في وقت شهدت فيه مصراتة (وهي كبرى مدن الغرب التي ما زالت في يد الثوار) قتالا عنيفا كالذي شهده محيط البريقة شرقا. وقال مراسل الجزيرة علي هاشم إن قوات القذافي دخلت أجدابيا من الجهة الجنوبية وقصفت مدخلها الغربي، وتحدث عن معارك شوارع. وتكتسي أجدابيا على صغرها أهمية إستراتيجية إذ من شأن السيطرة عليها فتح الطريق أمام ميناء البريقة النفطي الإستراتيجي وأيضا إلى بنغازي معقل الثوار تحركات دبلوماسية لحل الأزمة الليبية وستشهد الأيام القليلة المقبلة تحركات دبلوماسية تهدف إلى البحث عن حلول للأزمة التي تعصف بليبيا منذ أن انطلقت ثورة شعبية في 17 فبراير الماضي تطالب بتنحي العقيد معمر القذافي عن الحكم. وفي هذا الإطار من المنتظر أن يلتقي غدا الأحد في العاصمة الليبية طرابلس رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما مع القذافي في إطار مبادرة دبلوماسية للاتحاد الأفريقي. وقالت وسائل إعلام في جنوب أفريقيا اليوم السبت، إن الاجتماع سيعقد بعد أن سمح حلف شمال الأطلسي (ناتو) ?الذي يفرض حظرا جويا على ليبيا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1973- لزوما ومبعوثين آخرين عن الاتحاد الأفريقي بدخول البلاد. وأضافت الصحيفتان أن زوما وعددا من كبار مسؤولي الاتحاد الأفريقي، سيلتقون فيبنغازي شرقي ليبيا بممثلين عن المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي يقود الثوار غدا وبعد غد. وتضم اللجنة الأفريقية التي ستزور ليبيا رؤساء الكونغو ومالي وموريتانيا وجنوب أفريقيا وأوغندا. ومن المقرر أن يعقد زوما والقادة الأفارقة جلسة خاصة بشأن ليبيا في وقت لاحق اليوم السبت بالعاصمة الموريتانية نواكشوط. ومن جهة أخرى قال متحدث باسم الأممالمتحدة يوم أمس الجمعة إن أمينها العام بان كي مون سوف يحضر الأسبوع المقبل اجتماعا دوليا في مقر جامعة الدول العربيةبالقاهرة في إطار تنسيق الجهود لحل الأزمة الليبية. دعم وتنسيق وسيحضر هذا الاجتماع بالإضافة إلى مسؤولي الجامعة العربية رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جين بينغ والأمين العاملمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتين نيسركي إن هدف الاجتماع سيكون تبادل وجهات النظر ودعم التنسيق بين المنظمات المشاركة في بحث الأزمة الحالية في ليبيا. وفي العاصمة القطرية الدوحة سينعقد الثلاثاء المقبل أول اجتماع لمجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا، والتي أسست خلال مؤتمر لندن بشأن ليبيا يوم 31 مارس الماضي. وسيشارك في اجتماع الدوحة ممثلون عن برنامج الإنماء ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابعين للأمم المتحدة، إضافة إلى مبعوثها الخاص في ليبيا عبد الإله الخطيب. ومن جهتها أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية الجمعة أن رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل سيزور العاصمة الإيطالية روما يوم الثلاثاء المقبل لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيطاليين. وقالت وكالة الأنباء الإيطالية إن المسؤول الليبي سيلتقي رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني ووزير خارجيته فرانكو فراتيني، وإنه سيزور البرلمان الإيطالي.