الحديث عن الاصطياف في بني صاف قلما يكون له مثيل في مدن الجزائر الساحلية الأخرى من خلال التحضيرات المكثفة لمختلف الشواطئ والمركبات ومرافق الترفيه التي ستستقبل الآلاف من السياح والمصطافين الراغبين في قضاء أوقات راحتهم في مختلف أرجاء هذه المدينة التي تزخر بمواقع خلابة وأماكن سياحية تميزها طقوس خاصة تشبه الاحتفالية بهذا الموسم الذي يبدأ باكرا وينتهي متأخرا. هروبا من الغلاء الفاحش في أسعار الليلة الواحدة بمختلف مركبات بعض المدينة الأخرى ،عرفت المدينة طقوسا سياحية جديدة فرضها السيل العارم للسياح على هذه المنطقة وحاجاتهم في قضاء أكبر وقت من المتعة بالاصطياف بأقل قدر ممكن من التكاليف من جهة ، وكذا حاجة السكان الأصليين البسطاء في معظمهم إلى الاسترزاق من هذه الحركة السياحية الكثيفة في مدينتهم ، وبالتالي صار الطلب على المدينة وبيوتها أكثر من الطلب على فنادقها واستراحاتها. كان من المعتاد أن يكون أفريل وماي الشهرين اللذين تحفل فيهما مدينة بني صاف بحركة الزوار من كل ولايات القطر الجزائري وخارجه للظفر بشقة أو بيت أو بغرفة تقضي فيها العائلات ما استطاعت من أيام الاصطياف، كما تشهد المنطقة خلالهما مزايدات حول الأسعار التي غالبا ما يتفق عليها أصحاب المنازل المعروضة للكراء سلفا. لكن ما حدث هذه السنة كان مغايرا لكل التوقعات، فأغلب الذين كانوا في السنوات الماضية يقصدون بني صاف الواقعة على بعد 30 كلم من عاصمة الولاية عين تموشنت فاجأوا أصحاب المنازل بالتراجع عن وعود شفوية قطعوها لهم أو الامتناع عن تلبية طلباتهم في انتظار قدوم الصيف واشتداد حمى الطلب من أجل رفع أسعار الكراء إلى أقصى ما يمكنهم رفعه. أما أصحاب المنازل المعروضة للكراء المؤقت بغرض الاستجمام فردوا ما حصل هذه السنة إلى الطلب المبكر على خدماتهم لا أكثر مرجعين ذلك إلى التهافت المبكر للمصطافين، حيث أن الكثير من هؤلاء قد قصدوهم خلال فصل الشتاء ليتفادوا الوقوع في أخطاء العام الماضي، وهو الأمر الذي لا يمكن بطبيعة الحال رفضه باعتباره يخدم الطرفين. من جهة أخرى اعتبر بعض المواطنين أن هناك سياحا زاروا مدينة بني صاف أول مرة أعجبوا بها وعبروا عن عزمهم المجيء في العام المقبل، أما الذين سبق لهم وأن زاروا المنطقة وسحروا بها وعرفوا خبايا الحصول على بيت فيها أو غرفة ، فقد قرروا اختيار الوقت ، قاموا قبل مغادرتهم المدينة بدفع مبالغ مالية إضافية إلى أصحاب البيوت والشقق بعقود مسجلة عند موثقين رسميين تحدد حدود الاستفادة بالنسبة إلى طرف من الأطراف. يحتل الجزائريون ومن بعدهم المغتربون الجزائريون في مختلف بلدان المهجر حصة الأسد من الشقق المحجوزة وذلك هروبا من الغلاء الفاحش في أسعار المركبات السياحية ، فقد ارتأى السياح الجزائريون المغتربون أن يضمنوا الظروف الاستجمامية نفسها التي أمضوها في بني صاف ، كما أن معظم المصطافين الذين سبق لهم الإقامة في بني صاف قد تركوا مجددا شواطئ مدن أخرى على أعدادها وحجزوا مسبقا أماكن لهم ولعائلاتهم ، ويأتي في المرتبة الثانية سكان الولايات المجاورة . وبالرغم أن سعر إيجار البيت الواحد المكون من غرفتين فقط يتجاوز 100 ألف دج في الشهر الواحد ، فآنذاك يبقى بالنسبة للمصطافين أحسن بكثير من فنادق المركبات السياحية الثلاثة التي لا تقل عن 5000 دج لليلة الواحدة . وبعدما كان شهرا جويلية وأوت المفضلين لدى المغتربين لقضاء العطلة الصيفية في الجزائر تحول شهر جوان هذا العام إلى أحسن فترة بالنسبة إليهم لا لسبب سوى أن شهر الصيام سيحل علينا مبكرا وسيكون في الفاتح من شهر أوت المقبل لأجل ذلك سارعت العديد من العائلات الجزائرية إلى تغيير تواريخ الحجز للتنقل إلى الجزائر سواء جوا أو بحرا، وفي هذا الصدد قالت مصادر من وكالة الخطوط الجزائرية بفرنسا إن مصالح الوكالة تلقت العديد من طلبات تغيير تاريخ الحجز ليتزامن تواجد أصحابها بأرض الوطن مع شهر الصيام.