أحصت شواطئ ولاية سكيكدة نهاية الشهر الفارط، أكثر من 300 ألف مصطاف قصدوها في عطلة نهاية الأسبوع، التي صادفت بداية شهر أوت، الذي يعتبر عند عامة الناس شهر العطل الصيفية للعديد من العمال، وهو ما جعل الحركة تدب في شواطئ كل من العربي بن مهيدي، وسطورة إلى غاية ميرامار وفلفلة وقرباز والشاطئ الكبير والمرسى وتمنارت وعين الدولة... لتصنف ولاية سكيكدة صيفا ، ضمن المناطق الأكثر جذبا للمصطافين الوافدين عليها من الولايات الداخلية المجاورة، غير أن الإشكال الوحيد الذي يبقى مطروحا، هو تحول مفهوم السياحة بالولاية الى سياحة شاطئية لا غير. تضم ولاية سكيكدة أو ما يصطلح على تسميته "روسيكادا"، وهو الإسم الروماني الذي أطلق عليها قديما، شريطا ساحليا خلابا يمتد على مسافة 140 كلم، يضم في طياته 40 شاطئا، منها 20 شاطئا مسموحا بالسباحة فيها، ورغم ما تزخر به المنطقة من مواقع سياحية خلابة، إلا أنها لا تزال تفتقد الى هياكل إيواء جديدة تدعم بها حظيرتها الفندقية الحالية، والمتكونة من 28 مؤسسة بطاقة إجمالية تقدر ب 1743 سرير، منها 14 مؤسسة فندقية مصنفة من نجمة الى خمس نجمات بسعة إستقبال تقدر ب 909 سرير، وحسب مديرية السياحة للولاية، فإنه من بين أهم المنتجعات السياحية بالمنطقة، المركب السياحي السلام بسعة 300 سرير وبوقارون بسعة 150 سرير، اللذين تم إنجازهما في سنوات السبعينيات في إطار مخطط التنمية السياحية، وهو ما جعل خدماتهما متدينة بالنظر إلى قدمهما وصعوبة تسييرهما، وهو نفس حال باقي المؤسسات الفندقية بالولاية، التي لا تصل خدماتها الى المستوى المطلوب، والذي من شأنه دعم السياحة واستقطاب الأجانب، وهو ما يجعل الفنادق على مستوى الولاية بعيدة كل البعد عن تجسيد الإستراتيجية السياحية، وانحصر عملها التقليدي على الإيواء بأدنى الشروط والخدمات المطلوبة، وحتى المشاريع الاستثمارية التي استفاد منها القطاع والمقدرة ب 12 مشروعا استثماريا سياحيا بطاقة استيعاب تقدر ب 1021 سرير، فإن عددا كبيرا منها لم تبارح أشغال الإنجاز بها مكانها لأسباب وأعذار مختلفة. تبني السياحة الشاطئية... تقربنا من المصاطافين للاستفسار عن رأيهم حول الإيواء ونوعية الفنادق والخدمات المقدمة بها، بالإضافة الى سبب تفضيلهم قضاء العطلة الصيفية في الذهاب والإياب الى الشواطئ عوض استئجار غرف في فنادق سياحية، فأجمعوا على أن الخدمات المقدمة لا تتوافق وأسعار الغرف والتي تفوق 4 آلاف دج ليوم الواحد، ناهيك عن غياب وسائل الترفيه بهذه المؤسسات السياحية التي يغلب عليها طابع الرتابة اليومية، لذا يفضل المصطافون القدوم الى شواطئ الولاية في نهاية الأسبوع سواء باستعمال مركباتهم الخاصة أو عن طريق القطار أو الحافلة، مع تحضير الوجبات الغذائية وإحضار حتى مياه الشرب معهم، ولا تكلفهم تكاليف النقل إلا 400 دج على أكثر تقدير، ضف الى ذلك حسب محدثينا أن الولاية تعرف افتقارا كبيرا للمدن والقرى سياحية المتكاملة والتي توفر عدة خدمات مثل الراحة والاستجمام بأسعار في المتناول. وهناك من فضل الحديث عن سلوكات أهل المدينة المضيفة في وضعيتها المتدهورة، والتي لا تخدم السياحة المحلية، حيث غالبا ما تعاني من انتشار الفضلات والأوساخ عبر جوانبها، في الوقت الذي يستغل أصحاب بعض المحلات الفرصة لمضاعفة أثمان منتوجاتهم... وعن مدى تأثير ذلك السلوك على النشاط التجاري، أكد لنا العديد من أصحاب المطاعم وحتى الفنادق، عن ضعف النشاط التجاري خلال الشهر الأخير من هذا الموسم الصيفي بالخصوص، بالنسبة للسياح الوافدين على المنطقة، لكن ليس الى درجة خطميرة على حد تعبيرهم فعلى أساس أن العائلات السكيكدية متعودة كل فصل صيف أن تقضي سهراتها الليلية خارج البيت وصرف أموالها في الأكل في الخارج، خاصة عند استقبال ضيوف من خارج الولاية أو من المهاجرين... ومنه يمكن الجزم أن السياحة بالولاية لم تتعد بعد السياحة الشاطئية، في الوقت الذي تزخر المنطقة بمواقع سياحية وأثرية هامة يمكن لها أن تعطي دفعا جديدا للقطاع. المصطافون في قفص الاتهام ولابد أن نشير هنا الى بعض الملاحظات السلبية التي لها علاقة وطيدة بالسياحة الشاطئية كما رصدناها عبر بعض شواطئ سكيكدة، كالعربي بن مهيدي وسطورة وميرامار، كانعدام الحس عند العديد من المصاطافين الذي يتسببون في تلويث الشواطئ من خلال رمي الفضلات من بقايا الأكل والأكياس البلاستيكية وقارورات المياه والمشروبات على الرمال غير مكترثين بأخطار ذلك على البيئة، وقد أعطى ذلك وجها غير مشرف لشواطئ سكيكدة، وحتى السلات المخصصة لرمي الفضلات وعلى قلتها وعدم تناسبها من خلال حجمها المتوسط، ساهمت هي الأخرى في إعطاء منظر غير مشرف للواجهة البحرية لسكيكدة كما هو الشأن بالنسبة للمنطقة الممتدة من شاطئ قصر الجنة الى غاية ميرامار، مرورا بسطورة، أو حتى على مستوى شواطئ العربي بن مهيدي، الى غاية فلفلة، على أساس أن عملية التفريغ لا تتم دوريا وعلى فترات متباينة، كما يجب أن تكون عليه الأمور لطبيعة فصل الصيف، فالجمع إن تم فإنه يكون في المساء لتمتلئ هذه الأخيرة مجددا...أما عن الشواطئ فإنها تبقى رهينة الأوساخ والقاذورات الى إشعار آخر...