الجامعة العربية تحذر من نوايا الاحتلال الصهيوني توسيع عدوانه في المنطقة    لبنان: ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني إلى 3754 شهيدا و15.626 جريحا    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 11800 فلسطيني من الضفة الغربية والقدس المحتليتن    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    شرطة القرارة تحسّس    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي        القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياحسراه على ذيك الرحبة!
طحطاحة وهران
نشر في الجمهورية يوم 27 - 06 - 2011

عبق تاريخ المدينة الجديدة ، لايفوح فقط من ثنايا الثوار ، وإنما ينثو شداه دائماً في سماء الحي الوهراني مكانان شكلا نقطة إلتقاء يلتف حولها كل من يفد إلى وهران زائراً أو مقيماً ، كما شكلا من قبل نقطة إنطلاق لعمليات الفدائيين إبان الثورة التحريرية ، هما ساحتا "الطحطاحة" و "سيدي بلال" .
حكيات شعبية من مآثر رجال وهران لا تزال تحتفظها الذاكرة الشعبية وتشكل نموذجاً في الشجاعة ، الكرم وحب الأرض والمدينة ، هذا ما يجعل كل من يزور الطحطاحة يسبح في ذاكرة الزمن إلى مايزيد عن 54 سنة ، حكايات الثوار ليست مجرد ملمح تاريخي يجند زوار الحي ويمتعهم بل هي جزء من نسيج المدينة الجديدة ، الذي خرج فيها غالبية فدائي الثورة التحريرية الجزائرية وفي مقدمتهم الشهيد أحمد زهانة المعروف بأحمد زبانة ، ليركض مع الثوار الجزائرين ، الذين يطاردهم جنود الإحتلال الفرنسي ... يختبئ معهم بين جدران حي المدينة الجديدة فكل من يقبض حفنة من تراب الحي العريق فإذا بها مختلطة بدماء الشهداء الذين نشؤوا وترعرعوا في هذا الحي وهم 50 شاباً أستشهد معظمهم في معارك ضد المحتل الفرنسي .
وليتوقف نهر الزمن عن التدفق في اللّحظة الراهنة فيفيق الزائر على واقع هذا الحي الذي برغم المسحة التاريخية لطابعه العمراني إلاّ أن سكانه الذين يطلق عليهم أولاد البلاد لايزالو يحتفظون بكثير من العمارات التي توارثوها عن أجدادهم .
فيلاج "ناڤر" لكل العرب
في مرحلة ما بعد الإستقلال وعلى إمتداد مشارع الإستقلال تتربع مساحة الطحطاحة والتي كان يطلق عليها أيضاً إسم فيلاج "ناڤر" نسبة لأصحاب البشرة السمراء المتوافدين من بلدان إفريقية لعرض سلعهم المختلفة والمتنوعة ، كما إشتهرت أيضاً بديوان الصالحين والمداحات الذين كانوا يقدموا الملحقات التي كانت تشكل مصدر إعجاب الكثير من سكان جميع أنحاء البلاد ، فالمقاهي متواجدة ، كانت مقصد الشعراء وملتقى لتبادل أطراف الحديث وتأليف الأغاني وأشهرها قهوة "أحمد صابر" وأم كلثوم ، الشيخ حمادة وبن دومة ، وقد إشتهر فيها أيضاً بلاوي الهواري وآخرون من الحناجر الذهبية التي أطربت ولاتزال تطرب وتتغنى بالباهية هذا ناهيك عن الولائم والحفلات والمهرجانات التقليدية التي تقام بسيدي بلال والتي كانت تقام ما بين فصلي الصيف والخريف وبالتالي هي فرصة للتغلب على كل النزاعات والخصومات وإنشاد روح السلم والتصالح والتسامح وتوزع الأطعمة واللحوم لجميع الحاضرين ، فأطباق الكسكسي في كل خيمة .
ومع إختلاف الزمن كانت الطحطاحة عبارة عن مكان خاص لبيع ملابس "البالة" وإذا قامت الجهات الوصية بإخلاء الساحة ونقلها إلى الحمري لكن رغم هذا المكان لايزال يتضمن لم يشرب عليها الدهر إذا لاتزال مهنة الفراشة متداولة ، قبلة للزبائن الذين يقصدونها بحثاً عن لقمة العيش .
أما حال المدينة الجديدة لايختلف عن حال بقية الأحياء الشعبية في كافة أرجاء الجزائر والتي تقطنها الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود أو المتوسط وساحة الطحطاحة كانت على الدوام مكاناً لإقتناء الحاجيات بأسعار منخفضة مقارنة بباقي الأسواق وإما للإشتغال في التجارة وخاصة تجارة الأدوات المستعملة وعرض مختلف السلع كالألعاب والخردوات من أسلاك ومسامير والساعات والحشائش والعقدات ... وغيرها من المنتوجات البسيطة التي جعلت المواطن البسيط يبحث عن كل السبل للحصول على مصدر إسترزاق بعرق الجبين وسدّ رمقه وعائلته في زمن يصارع الواحد للحصول على لقمة العيش .
ساحة الطحطاحة كانت ولاتزال نقطة إلتقاء جميع المتوافدين إلى وهران ، ولكن اليوم وللأسف الشديد غابت بعض العادات التي كانت منتشرة ففي الماضي كان الزائر للمدينة الجديدة يكرم من قبل أهلها فكانت أطباق الكسكسي لاتكاد تغيب عن سيدي بلال إكراماً لعابري السبيل ولكن هذا لايعني أن الكرم غاب عن أهل المدينة ، فوهران لازالت مضيافة وأهلها معروفون بالجود والكرم ولايتوانون عن إكرام ضيوفهم ، والحي كان يتردد عليه الآلاف من المواطنين يومياً .
لكن وبكل صدق كما عبّر بعض الشيوخ إلتقيناهم بساحة الطحطاحة بأن أيام زمان كانت لها نكهة الأصالة والنية وكل شيء متوفر وأن الولائم كانت جزءاً لايتجزء من يوميات المدينة الجديدة لتتحول في الزمن الراهن إلى فوضى وبيع عشوائي شوهت المكان وطوت ذكريات نشأت عليها أجيال فهذه العوامل السلبية كلها ساهمت في إندثار التاريخ وتغيير العقليات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.