تواجه الكويت حالياً شكلاً مشابهاً من الضغوط السياسية والإعلامية التي شهدتها قبل نحو 28 عاماً، حيث تتعرض الدولة لمحاولة ضغط على مستويات مختلفة ومن شخصيات وأطراف أجنبية لإطلاق سراح مارشا لازاريفا المواطنة الروسية – الأميركية، المتهمة بقضية اختلاسات الموانئ، وهي قضية أموال عامة. مثل هذه الضغوط قد تزداد يوماً بعد يوم، وربما ليس فقط من اميركا وروسيا كما تردد اعلاميا، وانما من بلدان اخرى، فمن تجربة مهنية مع قضية استثمارات اسبانيا، تبين ان المتهمين استغلوا حسن استغلال اموال الكويت في بناء جسور مع مختلف وسائل الاعلام وشخصيات مؤثرة في العالم ايضاً. ليس مستغربا لو دخلت على خط اللوبي لمصلحة لازاريفا اصوات محلية مستقبلاً، فهناك من يعلم أن اطلاق سراح المتهمة، من دون تنفيذ العقوبة الجنائية في حال ثبتت التهمة قضائياً، يعني تفكيك كل التهم المنسوبة للآخرين ومن ثم الاستفادة من هذه الثغرة القانونية في طمس معالم القضية برمتها. هذه التطورات تذكرني بما حصل في مطلع التسعينيات، حين واجهت الكويت تدريجياً حملة إعلامية وسياسية ضدها، حيث شنت بعض وسائل الاعلام الاميركية والأوروبية هجوما لاذعا ضد الكويت، مصحوباً بضغط سياسي لشخصيات من جنسيات مختلفة، فور مباشرة الإجراءات القانونية في لندن ومدريد ضد المتهمين بقضية استثمارات أسبانيا. ففي 1992، بدأت تشتد أكثر فأكثر حملة اعلامية واسعة النطاق، انضمت لها بعض الصحف العربية التي تصدر في لندن، فيما صدر في وقت لاحق كتاب او كتابان باللغة العربية، عما سمي ب«فضائح» استثمارات الكويت الخارجية. كان للأخ العزيز علي الرشيد البدر، العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار الأسبق، ولي أيضا، نصيب دسم من الافتراءات، بقصد زيادة جرعات الترهيب والتشويه أيضاً. من بين ما كان ينشر في لندن ومدريد، وأحياناً في اميركا، ترديد مزاعم حول «مدفوعات سياسية» اثناء الغزو العراقي للكويت، وهو ما جرى نفيه على جميع المستويات وبالأدلة القاطعة. اقتضت الظروف حينها أن أقوم بزيارة لصحيفة بريطانية مرموقة، وهو ما حصل فعلاً، حيث كان هناك أكثر من محرر بانتظاري، فالزيارة كانت بحد ذاتها مفاجأة وخبراً في ذات الوقت للصحيفة. بادرت، بتوضيح الهدف من الزيارة من خلال حوار مهني، ومرحباً في الوقت ذاته بالتصريح الرسمي والرد على ما تشاء الصحيفة نشره بشأن أي جانب خاص بقضية الاستثمارات مع مراعاة العنصر الزمني للخبر والنشر. لاحقاً، زارت الكويت شخصية دولية بصفتها رئيس مجلس ادارة احدى الشركات الاوروبية ذات العلاقة بقضية استثمارات أسبانيا، وكان الهدف طلب استبعاد الشركة، وكان الرد الكويتي بالاعتذار عن تلبية الطلب لأسباب قضائية بحتة. اعود الى قضية لازاريفا، فقد بدا واضحاً تقاطع مصالح اطراف وشخصيات خارجية، وهو ما يقتضي من الجهات المحلية المعنية تكثيف العمل السياسي والإعلامي، في شرح ابعاد قضية لازاريفا، والتركيز على نزاهة واستقلال القضاء الكويتي بصرف النظر عن جنسية المتهمين. القبس الكويتية