أثار خبر عزم البرلمان الأوروبي، عقد جلسة هذا الأسبوع لمناقشة تطورات الأوضاع السياسية في الجزائر، التي تستعد لإجراء انتخابات رئاسية بعد أقل من ثلاثة أسابيع، موجة غضب واستنكار شعبي وسياسي، بسبب ما اعتبر تدخلا في شؤون البلاد الداخلية. وتفجرّ الخلاف بعدما نشر النائب الفرنسي بالبرلمان الأوروبي رافائيل غلوكسمان، الخميس الماضي، تغريدة عبر “تويتر”، أعلن فيها عن “فتح نقاش وإصدار لائحة مستعجلة من البرلمان الأوروبي حول الأزمة الجزائرية الأسبوع القادم”. وأعلن المرشحون إلى الانتخابات الرئاسية رفضهم لهذه الجلسة المرتقبة التي ينوي البرلمان الأوروبي تخصيصها للجزائر، حيث وصف المرشح عز الدين ميهوبي، تحرك البرلمان الأوروبي ب”السافر” وب”المحاولة اليائسة”، مضيفا أن “بعض النواب الأوروبيين لم يستوعبوا بعد أن زمن الوصاية انتهى وبأن الجزائر بلد مستقل”. من جانبه، استغرب المرشح عبد المجيد تبون، فتح نقاش في أوروبا حول الجزائر، قائلا: “هل وجدونا نأكل بعضنا بعضا، هل ما زال هناك فكر استعماري يعتبرنا شعوبا من الدرجة الثانية؟”. ومتوجها بخطابه إلى الاتحاد الأوروبي، أشاد تبون بسلمية الحراك الشعبي في الجزائر، وعلّق قائلا: “أعطوني دولة عندكم يمكن أن تجري فيها مسيرات لمدة 9 أشهر دون سقوط قطرة دم واحدة، نحن نشاهد اليوم أن عندكم مسيرات تستعمل فيها الغازات المسيلة للدموع واستعمال عصي قوى الأمن”. وفي الإطار، رفض المرشح بن فليس، تدخل الاتحاد الأوروبي في المسائل الداخلية، وأكد أن المشاكل الداخلية يحلها الجزائريون فيما بينهم. وبدورها، دخلت حركة مجتمع السلم على خط هذا الجدل، ودعت كتلتها البرلمانية، في بيان الأحد، “نواب الاتحاد الأوروبي ومن يقف وراءهم إلى عدم التدخل في شؤون الدول وزرع الشك في نفوس الناس من خلال محاولات للاستثمار في أزمات الدول”. وأوضحت أن “الشعب الجزائري، الذي أبهر العالم بحراكه السلمي الذي لا يزال مستمرا وصامدا، قادر على إيجاد الحلول لمشاكله الداخلية دون إملاءات من أية جهة كانت”. ..الأفلان يرفض الاستفزازات ومن جهته، واعتبر حزب جبهة التحرير الوطني تصريحات بعض نواب البرلمان الأوروبي استفزازا خطيرا وتدخلا سافرا في الشأن الداخلي للجزائر. وندد الأفلان في بيان له، بما اعتبره "الموقف العدائي الذي لا يحترم سيادة الجزائر وحرية شعبها وقدرة مؤسساتها الدستورية على تجاوز الوضع الراهن". وأكد حزب جبهة التحرير الوطني أن الوضع الذي تعيشه الجزائر هو شأن داخلي تحكمه إرادة جزائرية، وهويهم بالدرجة الأولى والأخيرة الشعب الجزائري. وشدد البيان أن الجزائر بكل مؤسساتها الدستورية تمتلك كل الإمكانيات لتجاوز الوضع الرهن والمضي نحو مرحلة نوعية في كل المجالات تستجيب لتطلعات الشعب الجزائري ومطالبه المشروعة التي عبر عنها في مسيراته السلمية والحضارية التي رافقها الجيش الوطني الشعبي وضمن لها الحماية وإلتزام تحقيق كل أهدافها. وجاء في البيان "أن الشعب الجزائري الغيور على حريته وسيادته قادر على إيجاد الحل الملائم الذي يحفظ للبلاد أمنها وإستقرارها وسيادة قرارها دون إملاءات من أي جهة كانت". وعلى المستوى الشعبي، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، بتعليقات غاضبة ندّد من خلالها الناشطون بتدخل البرلمان الأوروبي في شؤون دولة ليست عضوا فيه، واعتبروا أن ذلك يعد انتهاكا للسيادة الوطنية. وكتب الناشط السياسي والمحامي عمار خبابة، على صفحته الرسمية، أن هذه “ليست المرة الأولى التي يحشر فيها البرلمان الأوروبي أنفه في الشأن الداخلي”، مضيفا أنّ “العيب ليس عيبه، بل العيب في جزائريين هرولوا لمحاولة الإستقواء به”. من جهته، استغرب الناشط السياسي والنقابي عبد الحفيظ ميلاط، في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك، عدم تخصيص البرلمان الأوروبي جلسات لمناقشة الأوضاع في الدول الأعضاء، على غرار أحداث السترات الصفراء بفرنسا، التي بلغ عدد الموقوفين فيها حوالي 10 آلاف شخص وقتل فيها 13 متظاهرا. وليست المرّة الأولى التي يتصادم فيه البرلمان الأوروبي مع دولة الجزائر، حيث سبق أن أثار بيان صادر عن رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، أواخر سبتمبر الماضي، أعلنت فيه دعمها لمطالب نشطاء الحراك في الجزائر موجة استهجان واستياء في الجزائر ووصف طلب النائب رفائيل غلوكسمان، عرض أوضاع الجزائر، في الجلسة المقبلة للبرلمان الأوروبي ب"لا حدث". وحسب البيان الصادر عن النائب نور الدين بلمداح، عن الجالية بالمنطقة الرابعة، أمريكا، روسيا، تركيا وأوروبا عدا فرنسا، فقد تحدث مع نواب من البرلمان الأوروبي على هامش ندوة دولية، وتطرق بلمداح معهم لتغريدة النائب عن فرنسا المدعو رفائيل غلوكسمان ودعوته لجلسة طارئة للبرلمان الأوروبي لمناقشة الوضع في الجزائر.