بدأ وزراء خارجية دول مجموعة الساحل في واغادوغو اجتماعات تحضيرا لقمة ستجمع قادتها الأسبوع المقبل مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتدقيق طبيعة الشراكة الأمنية والعسكرية بين فرنسا وبلدان المنطقة المهددة منذ عقود بالأعمال الإرهابية. وأكد مصدر مقرب من الملف "أن الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني سيحضر قمة فرنسا والساحل بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهي القمة التي أثارت الدعوة الفرنسية لعقدها جدلا كبيرا داخل الأوساط السياسية في كل من مالي وبوركينا فاسو. وجاءت دعوة الرئيس ماكرون لقادة دول الساحل أسابيع بعد الإعلان عن مصرع 13 جنديا فرنسيا كانوا يشاركون في عملية عسكرية ضد متطرفين في مالي. وأكد الرئيس الفرنسي في نص دعوته لقادة دول الساحل بأنه "يريد جوابا واضحا حول قضية الوجود العسكري الفرنسي في مالي". وربط ماكرون في تصريحاته بين استمرار وجود بعثة برخان العسكرية الفرنسية بحصوله على "توضيح" حول هذا التدخل، من قادة مجموعة الساحل الخمس. وأضاف: "لا يمكنني بل لا أريد أن أرى جنودا فرنسيين في أي منطقة من مناطق الساحل، وبخاصة في هذا الوقت الذي يكتنف فيه الغموض تحركات مضادة لفرنسا يقف وراءها مسؤولون سياسيون". وأوضح الرئيس ماكرون في تغريدة له على "تويتر": "ينبغي أن نراجع ضوابط وجودنا المشروع في الساحل". وأكد مصدر في الأليزيه أن "الغرض من اللقاء هو تجاوز سوء التفاهم والبحث عن حلول للنظرات المتصاعدة غير المرحبة بالتدخل العسكري الفرنسي في الساحل، سواء على مستوى الرأي العام الفرنسي أو الرأي العام في الساحل وبخاصة في مالي وبوركينافاسو". وقد لوحظ في الآونة الأخيرة على مستوى الرأي العام المالي والبوركينابي تصاعد كبير للانتقادات الموجهة للتدخل العسكري الفرنسي في منطقة الساحل. وكرر مسؤولو الأليزيه مرات قولهم: "يجب أن نخرج من اللقاء المقرر برؤية واضحة لمسؤولي مجموعة الساحل: عليهم أن يوضحوا الأسباب التي جعلتهم يطلبون من فرنسا الوقوف إلى جانبهم؛ فإذا اتضح أنهم غامضون في مواقفهم أو إذا قالوا لنا ارجعوا، فإننا لن نبقى هناك، مع أن هذا ليس هو السيناريو المؤمل لكنه سيكون مطروحا على الطاولة". ويسعى الرئيس ماكرون إلى تطوير عملية تدخل بلاده في الساحل حيث أنها تنشر 5400 جندي في المنطقة، وهو يسعى، في هذا الإطار، للحصول على تأييد شركائه الأوروبيين، حيث طلب من حلفائه في الناتو أن يتدخلوا بقوة في الساحل من أجل دحر الإرهاب. وتدخلت فرنسا عسكريا في مالي في يناير 2013، مع تزايد المخاوف من سيطرة متطرفين على العاصمة باماكو بعد وقوع انقلاب عسكري. ومنذ عام 2002، تشهد المناطق الشمالية والوسطى من مالي صراعات انفصالية وهجمات إرهابية. ومنذ ذلك الحين، توحّدت العمليات الفرنسية التي تضم زهاء 4500 جندي تحت اسم عملية برخان. واعتبارا من عام 2020، ستنتشر القوات الخاصة الفرنسية إلى جانب القوات الخاصة لدى الشركاء الأوروبيين في مالي بقيادة عملية برخان، في إطار وحدة مشتركة تُدعى "تاكوبا"، بغية مواكبة القوات المسلّحة المالية. وأظهرت القوة المشتركة التابعة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، التي أسسها رؤساء بلدان المجموعة عام 2017 في باماكو، عزيمة بلدان المنطقة على تولي زمام أمنها وتنسيق إجراءاتها في المناطق العابرة للحدود. وتشمل مهام القوة المشتركة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار بالبشر في الأراضي التابعة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل.