تنقل وفد عن لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني، أول امس، برئاسة السيدة رابحي عقيلة رئيسة اللجنة، في زيارات ميدانية إلى مؤسسات استشفائية بولاية الجزائر العاصمة، قصد الاطلاع والوقوف عن كثب على مدى التكفل بصحة المواطن. كانت المحطة الأولى من الزيارة مستشفى مصطفى باشا الجامعي، أين كان في استقبال الوفد السيد بنانة عبد السلام، المدير العام للمستشفى، الذي أثني على الزيارة معربا عن أمله في ان يكون لها أثر إيجابي من حيث وقوف اللجنة ومعاينتها الميدانية لواقع الصحة في الجزائر، مما يسمح للسادة النواب باعتماد استراتيجية فعالة تهدف إلى تشريح الوضع بدقة واقتراح حلول ناجعة للمشاكل التي يتخبط فيها، بإشراك المختصين في القطاع. في نفس السياق، قدم السيد المدير العام عرضا عن مستشفى مصطفى باشا الجامعي، الذي يحتوي 48 اختصاصا و13 مصلحة استعجالات، وبما انه تابع للقطاع العمومي، فإن الدولة هي التي تتكفل بتمويله بالدرجة الأولى، حيث بلغت ميزانية تسيير المستشفى 10 ملايير دج سنة 2019، تندرج فيها أجور العمال، الأدوية، الصيانة… وفيما يخص التجهيز فقد أعطى السيد المدير العام مثالا عن مصلحة الولادة التي تبلغ طاقة استيعابها 104 سرير، وتخضع حاليا إلى عملية إعادة تأهيل وتطوير بمبلغ 30 مليار دج. كما تطرق لبعض المشاكل القائمة التي لخصها في مشكل الاكتضاظ حيث تتجاوز مختلف المصالح طاقات استيعابها القصوى نتيجة لتوجه المرضى من مختلف مناطق الوطن نحوه بالرغم من توفر مستشفيات وعيادات متعددة الخدمات على مستوى الوطن، يمكنها تلبية حاجيات هؤلاء المرضى، مرجعا السبب الرئيسي في هذا إلى نقص التنظيم والتنسيق والتحويلات العشوائية من المؤسسات الاستشفائية الاخرى، وهذا، يقول السيد المدير العام، ما يعيق المستشفى على القيام بمهامه الرئيسية المتمثلة في التكوين، البحث العلمي وتقديم العلاجات عالية الدقة والخطورة، وأعطى مثالا عن مصلحة الاستعجالات التي تستقبل مئات المرضى يوميا، 7% منها فقط من تحتاج حقيقة الاستعجال. من جهتها، أعربت السيدة رابحي عقيلة، رئيسة اللجنة، عن أملها في إيجاد ميكانيزمات عمل تستطيع اللجنة من خلالها التدقيق في جذور المشاكل التي يعاني منها القطاع، مؤكدة ان اللجنة بصدد التحضير لعقد أيام دراسية حول واقع الصحة بمشاركة أساتذة ودكاترة في الميدان بهدف الخروج بتوصيات ومقترحات تدفع بعجلة الصحة نحوالأفضل، داعية المختصين إلى المشاركة بفعالية فيها، كما ركزت على ضرورة تتبع التوصيات التي سترفع إلى الجهاز التنفيذي والإلحاح على تجسيدها. بعد جلسة العمل هذه، أجرى الوفد زيارة تفقدية عبر مختلف المصالح: استعجالات أمراض القلب، الجراحة العامة. كما التقى مسؤولي مركز مكافحة السرطان بيار وماري كوري، الذين قدموا شروحات حول عمل المركز حيث دعا مدير المؤسسة، بومزراق عمار، إلى إعادة النظر في القانون الأساسي الحالي لتسيير للمؤسسة الاستشفائية وضرورة تصنيفه ك”مركز وطني” كونه يستقبل أعداد كبيرة من المرضى من مختلف ولايات الوطن ويعاني من “اكتظاظ كبير”، حيث لا تسمح الميزانية المخصصة له بالتكفل وباقتناء الأدوية للمرضى بصورة ناجعة في حين تم إجراء 180 عملية زرع للنخاع العظمي وكذا 1800 عملية تخص سرطان الثدي خلال سنة 2019. وأضاف أن المؤسسة الاستشفائية تعاني تشبعا وتتكفل بمرضى السرطان من مختلف ولايت الوطن حيث تتوفر على 3 مسرعات للعلاج بالأشعة فقط وهي غير كافية للتكفل بكل الحالات المسجلة، داعيا إلى ضرورة فتح مراكز صحية جهوية أخرى لمكافحة السرطان للتقليل من الضغط على مركز “بيار وماري كوري”. وبدوره أبرز البروفيسور بوبنيدر محسن من ذات المؤسسة الاستشفائية أن الجزائر تشهد سنويا أزيد من 12.000 حالة جدية لسرطان الثدي وقد تتجاوز 18.000 حالة بحلول سنة 2025، كما أشار إلى ضرورة تحسين أجور أعوان الشبه طبي لتفادي النزيف باتجاه القطاع الخاص وضرورة التكوين في مختلف تخصصات الشبه طبي على غرار التصوير الطبي الذي يعاني نقصا إلى جانب تعويض جلسات العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان ضمن منظومة الضمان الاجتماعي على غرار مرضى غسيل الكلى. المحطة الثانية للزيارة كانت مستشفى باب الواد الجامعي حيث كان في استقبال الوفد السيد داتي نافع، المدير العام للمستشفى، الذي قدم عرضا حول المستشفى الذي يضم 32 مصلحة طبية وجراحية وأكبر مركز للأشعة في الجزائر ويستقبل أكثر من 450 حالة استعجالية يوميا ما يشكل ضغطا كبيرا على مصلحة الاستعجالات، مؤكدا ضرورة إنشاء مصلحة أكبر وأوسع منها كونها لم تعد تستجيب للطلب المتزايد عليها، قائلا أن المشكل القائم هوالوعاء العقاري. ووقف الوفد خلال زيارته لمختلف مصالح المستشفى عند مركز التصوير بالأشعة الذي يعاني كذلك من نقص اليد العاملة المتخصصة ومع ذلك فهويسجل حوالي 2000 تشخيص “سكانير” شهريا و1500 IRM ” كما تبلغ طاقة استيعاب المستشفى 600 سرير. كانت المحطة الثالثة من الزيارة مستشفى الهادي فليسي (القطار)، أين زار الوفد مصلحة الاستعجالات ووقف على نفس المشاكل المطروحة سابقا من نقص اليد العاملة المختصة على أجهزة الأشعة. وفي الأخير أكدت السيدة عقيلة رابحي، رئيسة اللجنة، على ضرورة تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين في القطاع لمد يد المساعدة لأعضاء الهيئة التشريعية، لتمكينهم من تشريح حقيقي للوضع وضبط مقترحات بناءة خدمة للصالح العام .