كان ناصر ملتحي على غير العادة، سأل والدته وشقيقته اللّواتي كنّ في زيارة له عن رأيهما بها، شقيقته أخبرته أنه من دونها يبدو أجمل، أما والدته لم تتمكن حبس دموعها، وتركت سماعة الهاتف وأخفضت رأسها وأخذت تبكي، دهش، وبعد أن ألح على شقيقته، كشفت له عن فقدان والدته للبصر منذ عدة سنوات، يومها ابتل وجهه بالدموع وراح يردد لأمه: أنا السبب يا أمي، أنا إلّي عميتك. . . اعتقل ناصر أبو سرور من مخيم عايدة شمال مدينة بيت لحم في الرابع من يناير عام 1993، وصدر بحقه حكما بالسجن المؤبد، وحرم من رؤية والدته أكثر من 7 سنوات بحجة المنع الأمني، ووالده توفي في العام 1997. أصيبت والدته (أم العبد) بجلطة ضربت عصب العين خلال السنوات التي منعت فيه من زيارته، ما أفقدها جزءا كبيرا من بصرها، وتقول: “جفت دموعي، الليالي كانت طويلة جدا، لم أتمكن من حبس دموعي أمام أي كان، لم أكن أتصور أن أحرم من رؤية ناصر كل هذه السنوات”. بعد أن رفع المنع الأمني عن والدته 77 عاما، أخفت عنه فقدانها للبصر لمدة أربع سنوات وأوصت أبناءها وبناتها بعدم إبلاغه بالأمر، لكن الأمر لم يستمر طويلا. وتضيف: “يوصيني دائما بأن اعتني بنفسي، وفي كل زيارة يقول لي: “لا تموتي وتتركيني وحيدا، أنا صابر وصامد لأجلك، وفي الزيارة قبل الأخيرة منذ شهرين أبلغته أنني لن أموت، سألني كيف؟ قلت له: خبأت تحت السرير سيف وعندما يأتي ملك الملك سأقطع رقبته. . يومها ضحك وأضحك كل رفاقه الأسرى”. ناصر الذي كان يبلغ 24 عاما عندما اعتقاله كان يدرس تخصص أدب انجليزي في جامعة بيت لحم في سنته الرابعة، ما زالت والدته تحتفظ بكتبه الجامعية إلى اليوم، حتى أنها لم تغير مكانها، وفي كل صباح تنفض الغبار عنها، وتقبلها وتبللها بالدموع، وخلال سنوات أسره أنهى دراسة البكالوريوس والماجستير من جامعة القدس في تخصص العلوم السياسية. وتتابع: “أول ما أنهض من النوم أذهب إلى غرفة ناصر، أتفقد كتبه، أقوم بتنظيفها، وأظل أردد هذا الكتاب لمسه ناصر، وهذه الصفحة قرأها، ولا اتمكن من حبس دموعي، وأخرج من الغرفة مبتلة الدموع، هكذا أنا معتادة منذ اعتقاله، وحرصت أن تبقى هذه الكتب في مكانها، وألا يتم تغيير شكل الغرفة التي اعتاد عليها ناصر”. يقبع ناصر 49 عاما في سجن “هداريم” وكان من ضمن الدفعة الرابعة المتوقع الافراج عنهم عام 2014، التي أوقفتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي في اللحظة الأخيرة ليتبدد حلم 25 أسيرا اعتقل جميعهم قبل اتفاق “أوسلو”، بالإفراج عنهم. شقيقته وداد التي تواظب على زيارته مع والدته تقول عنه: “ناصر عندما نزوره ندخل عليه محبطين، لكن عندما نخرج نعود أكثر قوة، إنه يمنحنا المعنويات العالية، ودائما يقول لنا إن هذه حياته ولا يفكر أبدا خارج السجن سوى بأحوالنا نحن، وأن عليه أن يعيش هذه الحياة بمرها وشقاها، كما أنه يحرص دائما على مشاركتنا في كل المناسبات، حيث يطلب صورا للأفراح والأعراس، والأطفال، وحفلات التخرج، يريد أن يبقى بجانبنا حتى وإن كان خلف القضبان”. وتضيف: “عندما اقتربت الدفعة الرابعة من الأسرى الذين سيفرج عنهم، بدأت والدتي بتجهيز بيته، وأحضر له شقيقي من أميركا العديد من المستلزمات، والذي جاء من هناك من أجل استقبال ناصر، لكن اسرائيل ألغت هذه الدفعة، أصبنا بانتكاسة شديدة، أما ناصر كان لديه هذا الهاجس دائما، حيث لا يثق بالتعهدات الاسرائيلية ولم يعط نفسه أملا كبيرا بإتمام الدفعة، حتى أنه لم يحضر شيئا ولم يجمع أغراضه استعدادا للإفراج، الأمر لم يكن مفاجئا بالنسبة له”. لحظات الإفراج ماثلة دائما أمام أي أسير مهما كان حكمه، ولكن كيف إذا كان يواجه حكما بالسجن المؤبد، كحالة الأسير أبو سرور، حيث تقول شقيقته وداد: “ناصر لا يفكر كثيرا بلحظة الأفراج رغم أنه يدرك بأنه سينال الحرية يوما ما، أنه واقعي إلى أبعد الحدود ويدرك أن الأمر متوقف على إرادة الله، حتى أن محامية فلسطينية من داخل أراضي 48 عرضت الارتباط به إلا أنه رفض خشية أن تطول سنوات اعتقاله”. وعن حكايات الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد يقول الأسير المحرر أحمد مصفر: “أبلغني المحامي بلائحة الاتهام الموجهة ضدي كانت بنودها تعني بأني سأقضي 15 عاما على الأقل في الأسر، ولما أبلغت رفاقي الأسرى نهض أسير محكوم بالمؤبد من برشه وعانقني وكأنه يهنئني، وقال لي عليك الآن وضع حقيبتك على الباب، لم يبق الكثير لك هنا. . يومها كان قد مضى على اعتقالي 6 أشهر فقط!”. ويضيف: “يحاول الأسير الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد أن يمارس حياته في الأسر بطريقة مريحة وهادئة بعيدة عن الضغوطات النفسية إن كانت الداخلية أو الخارجية، لكن أمل الإفراج يبقى ماثلا أمامه، ويظل منبعا للمعنويات والدعم للأسرى”. ويتابع مصفر الذي أمضى 13 عاما في سجون الاحتلال: “يتمتع الأسير المؤبد بمعنويات عالية ويكون الأكثر مرحا بين رفاقه الأسرى، وفي بداية اعتقاله يحاول التأقلم على تقوية نفسيته وأن يبتعد عنه كل الأمور التي من الممكن أن تنغص حياته، والتي تصبح لاحقا جزءا من شخصيته، حيث تجده دائما مبتسما يوزع أمل الحرية على باقي الأسرى”. عندما دخل الأسير أحمد أبو عزام سجن نفحة عام 2003، كان يمّر بأزمة نفسية صعبة كونها تجربة الاعتقال الأولى له، استقبله الأسير محمد إبراهيم محمود الشهير باسم (أبو علي يطا)، حاول أن يمازحه وأن يخفف عنه، وقال له: “أنا هنا منذ 23 عاما، ولا يوجد سقف زمني للإفراج عني، لكني عندما أصحو كل صباح أوهم نفسي بأنه سيتم الإفراج عني في اليوم التالي، أما أنت لن تقضى نصف المدة التي قضيتها حتى الآن، اصنع لنفسك الراحة، فمن دونها لن تقدر أن تعيش شهرا واحدا في السجن”. يحتاج الأسير تحديدا أسرى المؤبدات عدة ساعات حتى يستوعب الأخبار التي سمعها في الزيارة حسب مصفر، حيث إن الأخبار التي تصله إذا كانت إيجابية فإنها ستكون إيجابية عليه، وإذا كانت سيئة فهي ستنعكس على نفسيته بالسلب، ولكن لسوء الحظ فإنه مع وجود الاحتلال فإن الأخبار الجيدة نادرة، وأحيانا يشعر الأسير أن الموت أفضل من سماعه أخبارا لا يستطيع هو التأثير فيها لا سلبا ولا إيجابا. ويصف مصفر عن طبيعة يوم الأسير في السجن: “يوم الأسير كارثة بالبعد الانساني والقيمي، فبمجرد أن تقيد حريتك تكون قد دخلت في مرحلة صعبة جدا، وفي اليوم الواحد يعد الأسير يومه عدة مرات، يكون أطول مما هو في خارج السجن، لأن كل يوم ينتهي يعني بأنك تقترب أكثر من حريتك، فيحاول الأسير أن يخلق أي شيء في الأسر حتى يضيع الوقت، ومع أن نشاطاته مقيدة ومحصورة، فإنه ينشغل بالقراءة والرياضة، والزيارات بين الغرف، وحلقات النقاش، والنظافة، والفورات”. وفي حالة أسرى المؤبدات يقول مصفر: “يخلق هؤلاء الأسرى حالة من الأمل، وينشرون الإشاعات الإيجابية داخل السجون، مثل أن هناك صفقة قريبة للإفراج عنهم، لكن خلق هذه الإشاعات يعطي جرعة أمل كبيرة عند الأسرى، فالأسير المحكوم بالسجن المؤبد لا يعيش على أمل أنه سيموت في الأسر، بل على أمل الإفراج عنه”. ويبلغ عدد الأسرى الذين ما زالوا في سجون الاحتلال الاسرائيلي قبل اتفاق أوسلو، 25 أسيرا، فيما أن هناك نحو 570 أسيرا محكومين بالسجن المؤبد. عمر عطاطرة شاعر يطلق السجن روحه الإبداعية بقلم الاديب والاسير المحرر: وليد الهودلى بعد قضاء عشرين عاما في السجون الصهيونية تولد منها شاعر له قامة عالية في الشعر، وهذا حدث لا يتكرّر إلا نادرا، أذكر عندما أرسل لنا ديوانه الأوّل في مركز بيت المقدس للأدب أن اللجنة التي عكفت على دراسة هذا الشعر القادم من أعماق السجون قد فوجئت بالأمر، فوجئت بمستوى الأداء المميّز من حيث الوصف والتشبيه وجزالة الكلمة ورقّة المعنى وكذلك فوجئت بالمحتوى واسع التنوّع الذي جاء به شعر عطاطرة ، فمثلا لم نتوقّع منه الشعر الغزلي أن يصل إلى المستوى العالي الذي وصله شعره الوطني ، طبيعي في السجن أن تتميز في الشعر الوطني ولكن أن تأتي أيضا بشعر بعيد عن بيئة السجن القاسية فتطرّز أبلغ القصائد فهذا بالفعل شيء عجيب. لقد برع عطاطرة في توجيه سهام قلبه في اشتباك دائم مع أعداء الوطن فكان معبرا ومنافحا عن حرية شعبه وأمته ، لم تثنه هذه السنوات الطوال عن هدفه ولم يتخلّ عن دوره بل كان محركا للعمل الثقافي في السجون ومن روّاده الدائبين باستمرار على تطويره والنهوض به ، كذلك اشتغل على نفسه كثيرا في الميدان الثقافي فكان قارئا نهما لا يعرف فتور همّة ، عرف من أين يؤكل الكتف، عرف ماذا أرادوا له من خلال زجّه في السجن كل هذه السنين الطويلة فقرّر أن يخسّرهم أكثر مما يخسر بل عرف كيف يخرج رابحا ومنتصرا، فكان أن حوّل وقت السجن من عدوّ إلى صديق بل إلى مجال للاستثمار فيه أفضل استثمار على صعيده الشخصي وعلى صعيد إخوانه. ربحت تجارة عطاطرة في السجن مع ربّه إذ طوّر علاقة روحية سمت به عاليا ومنحته روحا معنوية واستقرارا نفسيا شرحت صدره للانطلاق والتحليق عاليا في عالم الأدب بشكل عام ثم في عالم الشعر بشكل خاص. وربحت تجارة عطاطرة في بناء علاقات طيبة وتوطيد أواصر المحبة مع إخوانه في السجن بما يملك من أحاسيس إنسانية مرهفة وبما بنى من صورة طيبة نسج خيوطها من مداد قلبه الجميل. وربحت تجارته مع الكتاب حيث ترجمه إلى قدرة عالية في صناعة برامج ثقافية والمثابرة في هذا الخندق المتقدم والمشتبك دوما مع الاحتلال وإدارة السجون التي لا تريد إلا خبالا للأسرى ونزعا لروحهم الوطنية وخلودا للراحة التي لا تجني شيئا وامعانا في العقاب الذي يجعل السجن قوة رادعة. عمر ومن معه من كفاءات ثقافية عالية حوّلت السجن إلى معاقل الأحرار ومصانع تصنع فيها الرجال. وتوّج ذلك كله بما ينثر قلبه الجميل من شعر رقراق طيب حلو المذاق، شذاه يتحف القلوب ومعانيه تنير العقول وجرسه يحرك الإرادات ويبعث الهمم. لقد انتصر عمر عطاطرة على سجانه، صحيح أنه دفع عشرين سنة ثقيلة من عمره لكنه استثمر فيها أضعاف ما خسر وأنجز ما يرفع الروح الإنسانية النبيلة وما ينفع الناس بهذا الشعر الذي لا ينقطع المستفيدون منه إلى أمد بعيد. طبيب السجن أداة في يد المخابرات ويفتقد لأخلاق المهنة إخفاء آثار التعذيب والتنكيل عن جسد المعتقل في السجون الصهيونية الخليل – إعلام الأسرى القانون الدولي الإنساني يعتبر في أبجدياته أن العمل الطبي هو عمل إنساني بحت، لا يرتبط بزمان أو مكان، وهو مهنة أخلاقية بالدرجة الأولى، تتلخص أهدافها في إنقاذ حياة الإنسان المريض، وتخفيف آلام المرض عنه، وتخليصه منها وتحسين وضعه الصحي، نفسيًّا كان أو جسديًّا. ولو نظرنا الى عمل الطبيب في سجون الاحتلال سنجد الكثير من الاستثناءات لهذه القاعدة المتعارف عليها حيث تركزت مهمات الكوادر الطبية هناك على أدوار تتنافى مع أخلاقيات المهنة العالمية؛ حيث يبدي الأطباء تعاونًا كاملاً مع الاجهزة الأمنية والعسكرية، بما يحقق أهدافها، في تعذيب الأسير وانتزاع الاعترافات منه . مكتب إعلام الأسرى قال إن الأطباء الصهاينة العاملين في عيادات سجون الاحتلال ومراكز التحقيق والتوقيف لا يمثلون هذه المهنة الانسانية، ولا يمارسون اخلاقها، حيث يعتبرون اداة في خدمة جهاز الشاباك، والمؤسسة الامنية وينفذون تعليماتها ويشاركون في الضغط على الأسرى . وأوضح إعلام الأسرى بان الأطباء يتعاملون مع الأسير الفلسطيني على أنه مخرب وإرهابي، وليس إنسانًا مريضًا، وبذلك فهو لا يستحق المعاملة الإنسانية او الرعاية السليمة، بل ويصل الامر الى استغلال مرض الاسير وحاجته للعلاج للابتزاز و الضغط عليه لانتزاع اعترافات منه تدينه امام المحاكم ، او مساومته لوقف اضرابه عن الطعام . وأضاف إعلام الأسرى ان الطبيب في السجون لا يتبع مؤسسة مدنية، انما يتبع مصلحة السجون والجيش، لذلك فهو يخضع لأوامر رجال المخابرات، الذين يوجهون تقاريره الطبية الى الجهة التي تخدم سياستهم لقتل الاسرى وتعذيبهم، دون مراعاة لأخلاقيات المهنة، حيث يعمل الطبيب وفق ما يحقق اهداف ادارة السجن الأمنية والعسكرية، في تعذيب الأسير وانتزاع الاعترافات منه بكل الوسائل واستشهد إعلام الأسرى على هذا الدور السيء للأطباء بتقارير كاذبة قدموها في حالة الأسير المريض “معتصم طالب رداد” رفضت على اثرها المحكمة اطلاق سراحه بشكل مبكر، فرغم انه يعانى من مرض السرطان في الامعاء وحالته خطيرة الا ان الاطباء قدموا تقريرا قالوا فيه بانه يعاني من آلام في الكتف؛ وأنه خضع لفحوصات وتبين عدم وجود شيء مقلق او خطير في صحته ، وانه مشاكل عينيه هي مجرد التهابات وان فحص القلب أشار لإمكانية خضوع الأسير لعملية جراحية بدون أية مضاعفات. ورغم علم طبيب السجن الذى يقوم بمعاينة الاسرى المرضى جيدا بمدى خطورة امراض بعضهم، ومدى حاجتهم لإجراء عمليات عاجلة او علاج ضروري لكنه لا يقوم بهذه المهمة، حيث يشارك مع بقية طواقم السجون من محققين وعناصر الشرطة في الضغط على الاسير، وذلك بكتابة تقارير كاذبة حول صحة الأسرى، تستخدم في ابتزاز الاسرى وفى ضمان عدم اطلاق سراحهم بشكل استثناني. ومن أهم الأدوار اللاأخلاقية التي يقوم بها الممرضين والاطباء في المعتقلات، إخفاء آثار التعذيب والتنكيل عن جسد المعتقل، قبل عرضه على المحكمة، أو قبل زيارته من قبل مؤسسات حقوق الإنسان أو الصليب الأحمر أي انه يقوم بدور تجميلي ودفاعي عن السجانين والمحققين، كذلك ابتزاز المعتقل واستخدام عيادة السجن، للمساومة مثلا على إعطاء الدواء مقابل الارتباط، أو مقابل فك الإضراب عن الطعام وممارسة دور السجان والمحقق، عبر ضرب الأسير وتوبيخه، وزيادة الضغط عليه دون رحمة . ويطالب مكتب إعلام الأسرى بتشكيل لجان تحقيق دولية وزيارة السجون، وتحديدا سجن مستشفى الرملة، والاطلاع على هذا الدور السيء الذى يمارسه الطبيب في السجون، والوقوف على اوضاع الاسرى المرضى في السجون . مصلحة السجون تعتزم فرض عقوبات جديدة مطلع مارس تقرير: خالد اشتيوي أكد الأسير المحرر والمختص في شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، على أن استمرار مصلحة السجون في إمعانها بتنفيذ الإجراءات العقابية بحق الأسرى الفلسطينيين ينذر بانفجار الأوضاع داخل السجون. وقال فروانة خلال حديثه ل”الاستقلال” الإثنين، أن مصلحة السجون منذ مطلع العام الجاري وهي تحاول التهرب ونقض الإتفاق الذي جرى بينها وبين الحركة الأسيرة في العام الماضي، حيث أنها باشرت بتنفيذ عدة إجراءات للتضييق على الأسرى تتوافق مع العقوبات التي يوصي بها وزير الأمن الداخلي للاحتلال “جلعاد أردان”، والتي كان آخرها إبلاغ أسرى “ريمون” بجملة من العقوبات الجديدة التي سيتم تطبيقها الشهر القادم. وكان رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر، قد كشف النقاب يوم أمس، عن نية إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلية، فرض عقوبات جديدة وإضافية بحق الأسرى مطلع الشهر المقبل، ما ينذر بغليان الأوضاع في مختلف المعتقلات وانفجارها. وأشار أبو بكر إلى أن إدارة السجون أبلغت الأسرى في بعض السجون نيتها فرض مزيد من التضييقات عليهم مطلع الشهر القادم. وأوضح أن هذه التضييقات تتمثل في منع وجود ممثلين لدى الأسرى القاصرين، وألا يعد الطعام إلا بأيدي السجناء المدنيين، إلغاء 140 صنفًا من الكانتينا، وتخفيض عدد المحطات التلفزيونية، وتخفيض عدد أرغفة الخبز من خمسة إلى أربعة للأسير الواحد، وسحب البلاطات التي تستخدم للطبخ، والتي يعتمد عليها الأسرى في طهو الطعام، وأن تكون ألوان الشراشف والأغطية بلون واحد. ونوّه فروانة إلى أن السياسة الإسرائيلية هذه تهدف إلى إخضاع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون وسحب كل إنجازاتهم، وما تم تحقيقه بفعل الإضرابات والتضحيات التي قدمها الاسرى، وإعادة الأسرى إلى المربع الأول في ظل حالة الإنقسام الحاصلة والتراجع الحاصل للحركة الوطنية الأسيرة والظروف السياسية والإقليمية التي تؤثر على مجمل القضية الفلسطينية، مما يلقي بالخطورة على واقع الأسرى ليس اليوم فحسب بل على تضحياتهم ونضالاتهم في العقود الماضية. وأشار إلى أن القرارات التي يتناقلها “أردان” وقرارات الكنيست والتصريحات التي يصدرها المسئولين والوزراء الإسرائيليون كلها تصب في إطار المساس بتضحيات الأسرى، لتكون الخطورة أشمل وأوسع من أن تطال الواقع الواقع الإعتقالي، خاصة وأن كل هذه القرارات والتضييقات تمس جوهر النضال الفلسطيني خلف القضبان وتمس الحقوق التي انتزعت بدماء الشهداء، فباتت الخطورة تهدد ماضي وحاضر ومستقبل الحركة الوطنية الأسيرة. وأوضح فروانة بأن هذا كله يستدعي من الحركة الأسيرة أولا أن تتدارك هذه المواقف وتتفاوض فيما بينها للخروج برؤية نضالية للتصدي لكل هذه الإجراءات. ونوّه إلى أهمية أن تقوم المؤسسات الرسمية والفصائلية والمجتمع المدني بدورها في هذا الجانب عبر النهوض بمستوى فعلها وتضامنها بما يخدم قضية الأسرى، مشيراً إلى أن المعركة ليست مع الأسرى وحدهم بل هي معركة الكل الفلسطيني، مما يتطلب بلورة خطة في إطار إستراتيجية متكاملة للنهوض بواقع الأسرى للتصدي لكل المخططات والقرارات التي تستهدف إنجازاتهم وتضحياتهم. أنسام شواهنة . . . بين مطرقة الإهمال الطبي وقسوة الأسر تقرير: إعلام الأسرى في التاسع من مارس عام 2016، غابت شمس الحرية عن أنسام شواهنة(21عاماً) من قرية إماتين شرق مدينة قلقيلية وعن عائلته، حين اعتقلته قوات الاحتلال أثناء عودته من الجامعة، وحرمه من تحقيق حلمه حيث تحلم منذ الصغر بأن تصبح مراسلة صحفية، فالاحتلال كعادته يحرم الشعب الفلسطيني من تحقيق أبسط أحلامه، وينغص عليهم. ..إهمال طبي متعمد يقول والد الأسيرة عبد الناصر شواهنة أن ابنته تعاني منذ أكثر من ثمانية أشهر من وضع صحي متدهور، فمنذ شهرين كانت تعاني أنسام من آلام في قدميه، وبعد شهر أصبحت تعاني من آلم في يديه، لينتقل فيما بعد إلى قدمه الثاني. ويضيف شواهنة: أن أنسام تتعرض لإهمال طبي من قبل إدارة السجون، وأنه كانت ترفض في البداية تقديم . أي علاج له ولكن تواصلنا مع مؤسسات حقوق الإنسان ومع المحامية، حيث جرى نقله إلى المستشفى، وأخبروها أن لديه التهاب في العظم، وتم إرجاعه إلى السجن، دون تقديم أي علاج مناسب لحالته، وبعد أسبوع جرى تطور على حالته ونقلت إلى المستشفى وبعد إجراء بعض الصور والتحاليل تبين أنه تعاني من نقص في فيتامين ج. وأوضح والد الأسيرة أن الاحتلال يرفض الكشف لمحاميته وإعطاء عائلته ملفه الطبي لعرضه على الأطباء الفلسطينيين لتشخيص وضعه الصحي. وأشار والد الأسيرة أن أغلب الأسيرات يعانون من أوضاع صحية صعبة ولكن أنسام يعتبر وضعه من الحالات السيئة للغاية، حيث نقص وزنة خلال أسبوعين حوالي 10 كيلو، عدا على أنه أصبحت لا تقدر على النوم بسبب ما تعانيه من آلام في المفاصل. ويتابع حديثه: نحن كعائلة نعيش وضع صعب، وابنتنا الوحيدة صاحبة الوجه الضاحك تقبع في سجن الدامون منذ أربعة أعوام، ووضعه الصحي في تدهور مستمر. .. المعاناة داخل سجن الدامون وبحسب والد الأسيرة أنسام فأن الأسيرات يعانين من ظروف صعبة وقاسية في سجن الدامون، والتي تتمثل في النوع والكمية حيث تعاني الأسيرات من نقص في الأطعمة ونوعيته أيضا في عدد الغرف، بالإضافة إلى منعهم من إدخال المشغولات اليدوية، وأن السجن يفتقر إلى أبسط المقومات الصحية الأساسية للسكن، فهو يعتبر من أقدم السجون. ويضيف: بالرغم من هذه الظروف الصعبة جداً إلا أن معنويات أنسام وبقية الأسيرات الفلسطينيات عالية جداً ويحاولن التأقلم مع هذه الظروف واشغال أنفسهن بأمور مفيدة. ..إنجازات أنسام داخل الأسر وحول ما حققته أنسام داخل الأسر يقول شواهنة: إن أنسام تقضي وقتها بحفظ القران الكريم وقراءة الكتب، ومساعدة الأسيرات المتقدمات لثانوية العامة، وتدريس البنات على الخطوط، بالإضافة إلى تعلمه اللغة العبرية كتابة وقراءة، وأخذت العديد من الدورات في التنمية البشرية والاجتماعية. وكان الاحتلال قد حرم أنسام من تحقيق حلمه في إكمال تعليمه الجامعي، عندما اعتقله ويحرمها أيضاً من إكمال تعليمها من داخل السجن بحجة أمنية. ويؤكد شواهنة على أن هناك تقصير واضح من قبل بعض الجهات المختصة في التضامن مع قضية الأسرى، وأن هناك لؤم كبير وعتاب على الشارع الفلسطينيين نتيجة تقصيرهم في تضامنهم مع الأسرى الفلسطينيين.