عبد الناصر فروانة ناشد مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، اليوم، المؤسسات الحقوقية والإنسانية، وفي مقدمتها منظمة الصليب الأحمر الدولية، التدخل العاجل لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، للسماح للأسيرة فاطمة الزق بوضع مولودها في ظروف إنسانية، وعدم تكرار ما جرى مع مثيلاتها من قبل. وأوضح فروانة، أن الأسيرة فاطمة يونس الزق (40 عاماً)، اعتقلتها سلطات الاحتلال وهي حامل في شهرها الثاني عند معبر بيت حانون “ايرز”، بتاريخ 20-5-2007، أثناء مرافقتها لابنة أختها روضة إبراهيم حبيب (30 عاماً) التي اعتقلت معها أيضاً وهي أم لأربعة أبناء، وذلك أثناء توجهها لإجراء عملية جراحية فى أحد المستشفيات الإسرائيلية، وهما من سكان مدينة غزة، وأخضعتهما لتحقيق قاس وتعرضتا للإهانة ولصنوف مختلفة من التعذيب، ومن ثم نقلتا إلى سجن الشارون في “بتاح تكفا” حيث تقبع الأسيرات هناك ولا زالتا دون محاكمة. وأضاف فروانة أن الوضع الصحي للأسيرات عموماً في غاية السوء والصعوبة، وللأسيرة الزق أكثر سوءاً، حيث تعانى من نقص فى الوزن وضعف عام بسبب رداءة الطعام وافتقاره للمواد الغذائية الأساسية المتنوعة، ومعاملتها بقسوة من قبل السجانين والسجانات دون مراعاة لوضعها واحتياجاتها الخاصة في مرحلة الحمل، ما يفاقم من معاناتها، لاسيما وأنها تحتاج في هذه الفترة إلى رعاية طبية خاصة في ظروف صحية مناسبة ونظام غذائي مميز. وأعرب فروانة عن قلقه على وضع الأسيرة الزق، حيث إنها اشتكت مراراً من المعاملة السيئة من قبل إدارة السجن وعدم توفر الرعاية الطبية اللازمة، وأضافت أن إدارة السجن أجرت لها عدة فحوصات للاطمئنان على جنينها وهي مكبلة اليدين بالسلاسل الحديدية، وعندما احتجت تم فك يد واحدة وتركت اليد الأخرى مكبلة بالسرير. ومع دخولها في الثلث الأخير من الشهر التاسع للحمل واقترابها من موعد الولادة المتوقعة في غضون الأيام القليلة القادمة، كشف فروانة أن الأسيرة الزق تشعر بخوف شديد على حالها، وعلى ما قد تواجهه أثناء عملية الولادة، مستذكرة ما جرى من قَبِل مع مثيلاتها من الأسيرات، مشيراً إلى أن ثلاث أسيرات قد وضعت كل منهن مولودها داخل الأسر خلال انتفاضة الأقصى فقط وهن ميرفت طه، ومنال غانم، وسمر صبيح وجميعهن تحررن من الأسر. وحمَّل فروانة سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسيرة الزق، وما قد يحدث معها من مضاعفات أثناء الولادة، نظراً لأن كافة تجارب الولادة في السجن الإسرائيلي كانت مريرة وقاسية، لافتاً إلى أن عملية الولادة في جميع الحالات وخاصة خلال الانتفاضة كانت متشابهة من حيث الظروف والمعاملة، والتي تتناقض وكافة القوانين الإنسانية.
الولادة في السجون الإسرائيلية ..
وأكد فروانة أن حالة الولادة داخل السجون الإسرائيلية، كما أفادت به الأسيرات المعنيات قهرية وصعبة للغاية، ولم تتم بشكل طبيعي، كما تفتقر للحد الأدنى من الرعاية الطبية، وكالعادة تنقل الأسيرات الحوامل من السجن إلى المستشفى في ظروف صعبة تفاقم المعاناة، وتحت حراسة عسكرية وأمنية مشددة ومكبلات الأيدي والأرجل بالأصفاد المعدنية، دون السماح لعائلاتهن بالحضور والوقوف بجانبهن، ويتم تقييدهن في الأسرّة بالسلاسل الحديدية أيضاً، حتى لحظة دخولهن لغرف العمليات، وبعد عملية الولادة يُعاد تقييدهن ثانية بالسرير. وأضاف فروانة أنه ومن الناحية الطبية فإن من طرق تخفيف آلام الولادة الطبيعية هو رفع الروح المعنوية للسيدة الحامل، وتهيئة أجواء مريحة لها، وأن الطبيعة المحيط الذي تعيش فيه وتأثير روايات الآخرين وتجاربهن السابقة أو تجربة حمل سابقة مؤلمة للسيدة، من شأن ذلك أن يؤثر سلباً عليها، كما أن تكبيل الحوامل خلال الحمل والمخاض وأثناء الولادة من شأنه أن يشكل خطراً على صحة الأم والجنين معاً. وأعرب فروانة عن أمله بأن تحظى الأسيرة الزق بمعاملة أفضل من سابقاتها وأن توفر لها ظروف أقل سواً وقسوة، وألا تتعرض لما تعرضت له مثيلاتها من الأسيرات.
الأسيرة الرابعة التي ستضع وليدها في السجون الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى
وأوضح فروانة: إذا قدّر للأسيرة الزق وضع مولودها الجديد بسلام فإنه سيكون الطفل التاسع لها، حيث أنها تركت وراءها ثمانية أبناء، فيما ستكون هي الأسيرة الرابعة التي ستضع وليدها في السجون الإسرائيلية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000( تقرير نشر بعد ولادتها ) . وبيَّن أنه سبقها ثلاث أسيرات وهن: ميرفت طه (21 عاماً ) من القدس التي اعتقلت منتصف العام 2002 ووضعت مولودها البكر وائل بتاريخ 8 شباط/ فبراير 2003، في مستشفى (آساف هاروفيه) وهو يبعد عن سجن الرملة مسافة خمسة كيلومترات، وأطلق سراحها مع مولودها بعد قضاء فترة محكوميتها البالغة قرابة ثلاث سنوات ومنال ناجي محمود غانم (32 عاماً ) التي أعتقلت في 17 نيسان 2003 من منزلها في طولكرم وهي أم لأربعة أولاد، ووضعت مولودها نور بتاريخ 10-10-2003، وانفصل عنها بعد أن بلغ العامين ونيف من عمره، وأصبحت تراه من وراء زجاج عازل وشبك سميك خلال زيارة الأهل إلى أن أطلق سراحها في الثامن من ابريل/ نيسان من العام الماضي بعد قضاء فترة محكوميتها قرابة أربع سنوات وقضت معظمها في سجن الشارون، على الرغم من أنها كانت مريضة بالثلاسيميا ما زاد الأمر تعقيداً وفاقم من تدهور صحتها دون تقديم العلاج المناسب لها . والأسيرة الثالثة هي سمر إبراهيم صبيح (22 عاماً) من مخيم جباليا بقطاع غزة، واعتقلت وهي حامل في الشهر الثالث، بتاريخ 29-9-2005، من بيتها في طولكر ، حيث إنها متزوجة من ابن خالها وكانت مقيمة معه هناك، ووضعت مولودها البكر براء في الثلاثين من نيسان عام 2006، بعملية قيصرية في مستشفى مئير في “كفار سابا”، وأطلق سراحها بتاريخ 18 ديسمبر 2007 ، بعد قضاء مدة محكوميتها البالغة سبعة وعشرين شهراً. وأضاف فروانة أن عمليات ولادة الأسيرات لم تقتصر على سنوات انتفاضة الأقصى فحسب، بل سبق ذلك حالات عديدة كالأسيرات انتصار القاق التي أنجبت طفلتها وطن، وماجدة جاسر السلايمة من القدس التي أنجبت طفلتها فلسطين وتحررت ضمن عملية التبادل عام 1985، وأميمة الآغا التي أنجبت طفلتها حنين عام 1993، وسميحة حمدان من بيت لحم أنجبت طفلة اسمها حنين وأفرج عنها عام 1997، وغيرهن، وجميعهن تعرضن لنفس الظروف والمعاملة ولا فرق ما بين الولادة في الانتفاضة أو ما قبلها حسب شهادات الأسيرات.
شهادات حية وحالة الولادة متشابة في كل الأزمنة
وقال فروانة : إن الأسيرة المحررة أميمة الآغا وصفت جزءاً من تجربتها بالقول: في إحدى مرات اعتقالي في شهر نيسان سنة 1993 كنت حاملاً بشهرين، ونقلت إلى سجن المجدل وبقيت هناك ولم أكن أعرف أنني حامل إلا بعدما حدثت معي آلام وذهبت إلى المستشفى وقالوا لي هناك إنني حامل، ومن ثم وبعد بضعة شهور عندما ذهبت للولادة بالسجن كنت مقيدة الأيدي والأرجل، وقد اعترضت الطبيبة على تقييدي، وبعد جدل كبير بين الطبيبة وإدارة السجن والسجانين المرافقين، تم فك أرجلي وربطت يداي بالسرير، بالإضافة إلى المعاناة النفسية حيث لا يوجد أحد من أهلي معي، كما أن إدارة السجن رفضت أن تبلغ الصليب الحمر ليقوم هو بابلاغهم، وبعد مخاض عسير أنجبت الطفلة حنين، وبقيت طفلتي معي سنتين وفقاً للقانون الإسرائيلي ثم أخذها الصليب الأحمر في أواخر 1995 إلى أهلي، فيما بقيت أنا في السجن. والأسيرة المحررة ميرفت طه في شهادتها تقول “لم أظفر بأي معاملة معقولة, كوني حاملاً، عندما كنت في سجن الجلمة كان يأتي ممرض كل يومين أو ثلاثة, كي يقيس ضغط الدم والنبض, أما في سجن الرملة فلم يتم فحصي على الإطلاق, ومع ذلك مرت الأيام رغم عناء الحمل” وتابعت: “عندما حان وقت الولادة شعرت بخوف شديد, خصوصاً من المعاملة غير الإنسانية في السجن, ما أدى إلى تأخري في وضع مولودي الأول، نقلت إلى المستشفى وأنا مكبلة الأيدي والأرجل، ومحاطة بأربع مجندات, بحجة الحفاظ على الأمن، وفكوا قيودي قبل ربع ساعة فقط من الولادة، ومن ثم أعادوا تكبيلي وأعادوني للسجن، رغم والإرهاق والتعب الشديد الذي كنت أعانيه، كما كنت أعاني أيضاً من آلام في الصدر ولم اتمكن من أرضاع الطفل، في وقت لم تقدم فيه إدارة السجن الحليب الصناعي إلا مرتين فقط، وكنت دائمة الخوف عليه. وأضاف فروانة أن الأسيرة المحررة سمر صبيح، وهي آخر الأسيرات اللواتي وضعن مواليدهن في الأسر، لا تختلف ظروف ولادتها عن سابقاتها، حيث أدخلت لمستشفى “مئير- كفار سابا” بطريقة سيئة ومنافية للمواثيق الإنسانية، وتعرضت للتفتيش العاري والمهين وهي مكبلة اليدين والرجلين بمرافقة ثلاثة سجّانين، إضافة إلى خضوعها للفحص الطبي دون فك قيودها، وتم إبلاغها أن ولادتها ستتم من خلال عملية قيصرية، ورغم ذلك لم يسمح لأمها بمرافقتها أو لزوجها الذي كان معتقلاً آنذاك في معتقل النقب، وبقيت مقيدة لحين دخولها الى غرفة العمليات، ومن ثم أعيد تقييدها بالسلاسل بعد العملية، وتعرضت لعملية التفتيش العاري مرة أخرى أثناء عودتها من المستشفى لسجن “تلموند” ، دون مراعاة لوضعها الصحي. وطالب مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة ، بضرورة توفير ظروف صحية وإنسانية ملائمة لولادة الأسيرة الزق، وعدم تقييدها أثناء توجهها للولادة أو فى المستشفى، وضرورة السماح لأحد أقربائها من الدرجة الأولى التواجد معها أثناء الولادة لطمأنتها ورفع معنوياتها، وطبيب خاص من خارج السجن لحضور عملية الولادة .
الأطفال المواليد لا يحظون برعاية صحية و معرضون للإصابة بالأمراض
وأوضح فروانة الى أن معاناة الأسيرة الحامل لا تقتصر على مرحلة الولادة، ومشكلتها لا تنتهي بانتهاء عملية الولادة، بل تمتد إلى ما بعد ذلك، حيث يُعاد تقييدها بالسلاسل في السرير الذي ترقد عليه، ويتم معاملة الطفل الجديد كأسير، وليس كطفل مولود رضيع يستحق العناية الخاصة وبحاجة إلى توفير مستلزماته الخاصة من راحة وعناية صحية فائقة وغذاء وحليب وتطعيمات ضرورية وغيره. وأكد أن هؤلاء الأطفال المواليد يحتجزون مع أمهاتهم في ظروف اعتقالية سيئة جداً ويحرمون من أبسط حقوق الطفولة، ويتعرضون لأقسى أنواع القهر والحرمان مثلهم مثل أمهاتهم الأسيرات حين قمعهن واقتحام غرفهن ورشهن بالغاز أو المياه الباردة، بالإضافة لانتشار الحشرات وندرة المياه الساخنة وانعدام التهوية، ما يعرضهم للمرض في غياب الرعاية الصحية، لافتاً إلى أنه وفي أحياناً كثيرة أقدمت إدارة السجن على مصادرة حاجياتهم الخاصة وألعابهم الصغيرة النادرة التي يدخلها لهم الصليب الأحمر، وفي أحيان أخرى تم معاقبة الأسيرات بسبب بكاء وصراخ هؤلاء الأطفال، كما يمنع الأهل من إدخال الحليب أو الفوط.
حياة السجن بكل صورها تبقى حية بذاكرة الأطفال
وأكد فروانة في تقريره أن الاحتلال الاسرائيلي لم يترك وسيلة إلا واستعملها لقمع الأطفال الفلسطينيين وإرهابهم وتحويل حياتهم إلى جحيم, فسلب طفولتهم، وحقهم بالعيش والاستمتاع بالحياة الطبيعية كباقي أطفال العالم, فجرح واعتقل وقتل الآلاف منهم، كما أجبر بعضهم قسرياً على أن يبصروا النور في عتمة الزنازين وأن يطلقوا صيحاتهم الأولى داخل السجن، ليكبروا وتكبر معهم المعاناة. وعن تأثيرات ذلك لدى الأطفال قال فروانة، بدون أدنى شك، فإن ما يواكب نشأة الطفل في شهوره وسنواته الأولى يترك آثارها في صياغة سلوكه العام لاحقاً، والأطفال الذين ولدوا في الأسر أو الذين عاشوا الشهور الأولى من أعمارهم خلف القضبان، لا تزال صور القيود والأقفال والسلاسل المعدنية في مخيلتهم، وأتقنوا وببراعة لغة السجان وحياة السجن وكأنها حفرت في عقولهم وذاكرتهم للأبد، ويميلون إلى اقتناء الأقفال والسلاسل المعدنية وإغلاق الأبواب، ويواجهون صعوبات جمة في التأقلم والتكيف مع العالم الخارجي ومع آبائهم وباقي أفراد الأسرة، وهذا كله يؤثر بطبيعة الحال على نمو الطفل النفسي ومن الممكن عندما يكبر أن يعمد إلى ممارسة سلوك عنيف كالسلوك الذي تعايش معه داخل السجن، أو الميل للعنف والانتقام ممن عذبوه في طفولته. وكما تقول الأسيرة ميرفت طه “إن الأطفال يفترض أن يولدونا في ظروف صحية مناسبة، وينعموا بالحرية ويعيشوا حياة مليئة باللعب والضحك، ولكن ابني وائل لم يجد أمامه سوى السجان والعتمة وضيق المساحة، فكان يلجاً للاختباء الدائم في حضني للبكاء أو النوم بعد تعب طويل في البحث عن لعبة تستهويه أو طعام يسد جوعه، راغباً بالخروج من الزنزانة المعتمة الضيقة للعب بحرية مع أطفال مثله وألعاب تناسب عمره”، مشيرة الى أنه بدأ في الأشهر الأخيرة من الأسر أكثر عدوانية وعصبية وكثير البكاء وأصبح التعامل معه أكثر صعوبة.
القانون الإسرائيلي
وعن القانون الإسرائيلي في مثل هكذا حالات، أوضح فروانة أن القانون الإسرائيلي يضع أمهات المواليد الجدد بين خيارين: إما إخراج المولود من السجن أو إبقاءه داخله لمدة عامين، لكنه لا يسمح بازدواجية الخيار، أي بتنقل الأسير بين أحضان أمه داخل السجن تارة، ومع ذويه خارجه تارة أخرى وهكذا. وأكد أن الأمهات الأسيرات وبكل الأحوال كن يخترن بقاء أطفالهن معهن في الأسر لرعايتهم، حيث يسمح للأم برعاية طفلها، وابقائه معها في السجن حتى سن العامين فقط ومن ثم يتم الفصل بينهما، لتبدأ بعدها فصول جديدة من المعاناة للأم الأسيرة وللطفل الصغير. ووفقاً لهذا القانون، قال فروانة إنه يسمح أيضاً للأم التي اعتقلت وتركت طفلاً لها لم يتجاوز العامين، أن تدخله عندها وترعاه بشرط أن يفصل عنها حينما يبلغ العام الثاني من عمره، مبيناً أن هذا ما حصل بالضبط مع الأسيرة عطاف عليان التي سمحت إدارة السجن بإدخال طفلتها عائشة وليد الهودلي لها بعد أن خاضت إضراباً عن الطعام لمدة أسبوعين قبل أن تستجيب إدارة السجن لتحقيق مطلبها باحتضان ابنتها لبضعة شهور، ورعتها ومن ثم تم الفصل بينهما بتاريخ 31-10-2006 ، بعدما رفضت سلطات الإحتلال بقاءها مع والدتها الأسيرة بدعوى بلوغها العامين، لتعود الطفلة عائشة لوالدها الذي تركها لاحقاً هو الآخر قسراً بعدما اعتقلته سلطات الإحتلال، فيما لا تزال والدتها هي الأخرى رهن الاعتقال الإداري. والحالة الثانية خلال انتفاضة الأقصى كما أفاد فروانة، حصلت في شباط/ فبراير من العام الماضي، حينما وافقت ادارة سجن تلموند على إدخال الطفلة غادة جاسر أبو عمر، التي كانت تبلغ من العمر آنذاك سبعة شهور، إلى حضانة والدتها الأسيرة خولة زيتاوي بناء على طلب الوالدة التي لا زالت في الأسر مع طفلتها التي تعتبر الآن أصغر أسيرة في العالم. يذكر أنه وقبل بضعة شهور ونتيجة الظروف الاعتقالية والصحية السيئة للأسيرات في سجن تلموند، تم نقل الطفلة غادة وبصحبة والدتها الاسيرة خولة إلى مستشفى “مائير” في كفر سابا ومكثت للعلاج فيه لمدة أربعة أيام كانت فيها الأسيرة زيتاوي مكبلة من يدها ورجلها على سرير منفصل عن سرير طفلتها وتخضع لحراسة مشددة، وكانت إذا ما أرادت أن تأخذ طفلتها للحمام يتم تكبيلها من يديها ورجليها.
القانون الدولي
وأوضح فروانة أن من أبرز الحقوق التي ضمنتها الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بحماية المرأة الأسيرة والمعتقلة هي: إقامتها في سجون او أماكن منفصلة عن أماكن الرجال, ويوكل الإشراف المباشر عليهن الى نساء سجانات دون الاحتكاك بهن من قبل السجانين الذكور، كما لا يجوز مطلقاً تفتيشهن إلا من قبل امرأة، ويجب أن تقدم أغذية إضافية للنساء الأسيرات الحوامل، أوالأسيرات المرضعات، تتناسب مع احتياجات أجسادهن, فيما يجب أن تتم الولادة في مؤسسات صحية يتوافر فيها العلاج المناسب والظروف الملائمة والرعاية الكاملة. وأكد فروانة أن هذه الحقوق تعتبر من أهم وأبرز الحقوق التي منحتها القوانين الدولية للمرأة الأسيرة والمعتقلة, لكنها وللأسف الشديد لاتطبق في السجون الإسرائيلية، والأدهى من ذلك تتعمد سلطات السجون ممارسة كل ما من شأنه أن يفاقم من معاناة الأسيرات الحوامل أو المرضعات أو حتى الأطفال الرُضع.
معطيات واحصائيات
وأشار مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى إلى أن المعطيات والإحصائيات المتوفرة لدى دائرته تبين أن قوات الإحتلال الإسرائيلي ومنذ العام 1967 ولغاية الآن اعتقلت أكثر من عشرة آلاف مواطنة فلسطينية، الأمر الذي يعكس الدور الريادي للمرأة الفلسطينية خلال سنوات النضال وإن اختلف في أشكاله، من بينهن قرابة (700 ) مواطنة اختطفتهن خلال انتفاضة الأقصى، وبقى منهن لغاية الآن في السجون الإسرائيلية ( 97 ) أسيرة، مضيفاً أن جميعهن من مناطق الضفة والقدس وأراضي 48، باسثناء (4) أسيرات من قطاع غزة، ومنهن أسيرة متزوجة قبل الاعتقال ومقيمة في الضفة الغربية، لافتاً إلى أن من بين الأسيرات ( 9 ( أسيرات اعتقلن وهن قاصرات وفي سن الطفولة أي أقل من 18 عاماً، لكنهن الآن تجاوزن هذه السن باستثناء أسيرة لا زالت قاصرة وعمرها أقل من 18 عاماً، فيما يوجد بينهن د. مريم صالح ( 55 سنة )، وهي أول نائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني يتم اعتقالها ، وذلك بتاريخ 12-11-2007. وأوضح فروانة أن من بين الأسيرات أكثر من ثلاثين أسيرة متزوجة ومطلقة، بينهن ( 25) أسيرة أماً. وعن أشكال اعتقالهن، أكد فروانة في تقريره، أن اعتقال الإناث كما اعتقال الذكور، ويتعرضن في مراكز التحقيق والاعتقال لمعاملة قاسية ولأصناف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي والجنسي، دون مراعاة لجنسهن واحتياجاتهن الخاصة، وأن جهاز الأمن الإسرائيلي يسعى إلى ابتداع السُبل لإذلالهن وقمهعن والمساس بشرفهن وكرامتهن من خلال مرور السجانين في أقسامهن ليلاً وأثناء نومهن، وفي كثير من الأحيان يتم اقتحام غرفهن مباشرة ليلاً وفجأة من قبل السجانين دون أن يتمكنَّ من وضع المناديل كغطاء على رؤوسهن. وفي بعض الأحيان تم تمزيق المناديل والجلابيب في تعدٍ صارخ لخصوصيتهن وكرامتهن، ويتعرضن للتفتيش العاري والتحرش الجنسي والتهديد بالإغتصاب وأوضاعهن الصحية في غاية الصعوبة، وزيارات الأهل نادرة ووفق مزاج الإدارة، وحتى زيارات أزواجهن وأشقائهن الذين يقبعون في سجون أخرى أو في أقسام أخرى من ذات السجن. وقال : لأسرى الحرب الحق في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع الأحوال، وتشكل مجمل تلك الممارسات، انتهاكات فظة للقانون الدولي الإنساني وللإتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف، التي تنص على أنه “يجب أن تُعامل النساء الأسيرات بكل الاعتبار الواجب لجنسهن”.
هيئة شؤون الأسرى والمحررين
وأكد فروانة أن هيئة شؤون الأسرى تولي قضية الأسيرات عموماً، والحوامل والأمهات خصوصاً،أهمية فائقة، وترسل محاميها لزيارتهن باستمرار، فيما مندوبوها يقومون بزيارة ذويهن وأسرهن وأطفال الأمهات منهن خارج الأسر، وتسعى الوزارة لتقديم خدمات نفسية وإرشادية ومساعدات مادية مختلفة لهن ولأطفالهن الذين تركوا خارج الأسر أو الذين ولدوا داخل الأسر، لافتاً إلى أن هيئة الأسرى والمحررين كانت تقدمت بطلبات واتصالات عدة، ومناشدات كثيرة لتحسين ظروف الأسيرات الأمهات والحوامل، وتوفير احتياجتهن المناسبة من مأكل ومسكن ودواء وغيره. وأضاف أن الوزارة طالبت إدارة مصلحة السجون بالسماح للأسيرة الزق بوضع مولودها بظروف انسانية، وحصلت فعلاً على وعود بتحقيق ذلك، معربة عن خشيتها ألا تلتزم سلطات السجون الإسرائيلية بتنفيذ وعودها، كعادتها، لتستمر فصول معاناة الأسيرات الحوامل والأمهات الى مالا نهاية. وبهذا الصدد ناشدت الوزارة العالم أجمع ومنظمات حقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية الدولية إلى ضرورة التحرك العاجل وممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوضع حد لمعاناة الأسيرات، وضرورة توفير الرعاية والعلاج للأسيرات الحوامل, قبل الولادة وبعدها، مؤكدة أن من حق الحوامل منهن أن ينجبن كباقي الأمهات وأن يحتضن أطفالهن في ظروف إنسانية، فمن العار على العالم أن يبقى صامتاً على شكل وطريقة الولادة في سجون الاحتلال الإسرائيلي.