بعد الوعي التام بالخطر الحقيقي الذي شكله فيروس كورونا، اتخذ الجزائريون، التضامن، كسلاح ضد الوباء الذي دخل المرحلة الثالثة من الانتشار بعدما وصل 20 محافظة حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة. ومع تسجيل ارتفاع تصاعدي لعدد الإصابات المؤكد، تركت الانتقادات اللاذعة لقطاع الصحة جانبا، وأطلقت حملة تبرعات ودعم واسعة للمستشفيات، سعيا لتوفير المعدات الطبية اللازمة. وتفاعلت وزارة الصحة، بشكل إيجابي مع المساعي التضامنية، مؤكدة استعداده لقبول وتسهيل تجسيد كل المقترحات التي تهدف لدعم النظام الصحي للبلاد. **كلنا البليدة وأطلقت صفحات مواقع التواصل الاجتماع في 23 مارس الجاري، حملة تضامن واسعة مع محافظة البليدة (وسط)، بعدما وضعت تحت الحجر التام لمدة 10 أيام، من قبل الرئيس عبد المجيد تبون عقب ترأسه اجتماع للمجلس الأعلى للأمن. وتتصدر المحافظة التي تلقب بمدينة الورود، عدد الحالات المؤكدة للإصابة بفيروس كورونا، بنسبة 42% من الإصابات في البلاد، حيت سجلت 192 لغاية الأحد. وتصدر هاشتاغ “كلنا البليدة”، الترند على موقع تويتر، إلى جانب شعارات تضامنية أخرى مثل “البليدة ستنتصر”، و”البليدة لن تذبل”، وجرى تداول صور المدينة على نطاق واسع. ولاحظ مراسل الأناضول، توافد عشرات المواطنين إلى مداخل المحافظة، لتوثيق أول أيام الحجر التام، الذي تعكف على تنفيذه قوات الدرك بنصب الحواجز الأمنية المشدد وتحويل حركة المرور باتجاه المحافظات المجاورة. وشهدت البليدة في 2 مارس الجاري، تسجيل أولا حالتي إصابة بالفيروس في الجزائر، ويتعلق الأمر بأم (53 سنة)، وابنتها 24 عاما تقطنان بمحافظة البليدة. ووفق وزارة الصحة، فإن العدوى انتقلت إلى الأم وابنتها من قريب لهما مقيم بفرنسا يبلغ من العمر 81 سنة، قدم لزيارتهما في الفترة ما بين 14 إلى 21 فبراير الماضي. وفي ذات اليوم أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس إلى 5 حالات من نفس العائلة بالمحافظة، وبدأ عدد الإصابات في التزايد في المنطقة بفعل العدوى لتصبح بؤرة للفيروس. وتناقلت صفحات موقع فايسبوك، منشورات تضامنية مع المدينة، مرفقة بدعاء “اللهم ارفع الوباء عن أهلنا في البليدة”.فيما حثت أخرى السكان على الصبر قائلة “شدة وتزول” (حنة وتزول). **في خدمة الوطن وأمام النقائص المعروفة التي يعاني منها قطاع الصحة في الجزائر، حتى قبل ظهور فيروس كورنا الجديد، أعلنت عديد المؤسسات الخاصة ورجال أعمال وجمعيات استعدادها للتطوع والتبرع وأنها تحت تصرف السلطات العمومية. ومنذ الأسبوع الثاني من شهر مارس، تناقل رواد مواقع التواصل مبادرة “إعلان التطوع” على نطاق واسع. وتقوم المبادرة، على أن يعلن كل شخص باسمه الخاص قائلا : “أعلن تطوعي للعمل لخدمة الشعب الجزائر في حال استدعت الظروف أي عمل تطوعي مهما كان فيه مصلحة عامة، وخصوصا إذا دخلت الجزائر لا قدر الله مرحلة الحجر المنزلي”. وترجمت فنادق سياحية مصنفة من ثلاثة إلى أربعة نجوم، تابعة لمستثمرين خواص، أقوالها إلى أفعال حيث خصصت عددا معتبرا من الغرف للحجر الصحي للمسافرين والمغتربين الذين تم إجلائهم الأسبوع الماضي من مختلف الدول. وخصصت سلسلة الفنادق “أ.زاد”، فندقين لها بمستغانم والعاصمة لإيواء العشرات من القادمين من الخارج لمدة 14 يوما في إطار الحجز الصحي، تفاديا لانتقال محتمل للعدوى في حال ثبوت مصابين. ويتواجد بفندق “الوازيس” (خاص)، بمدينة حسين داي بالعاصمة، عدد آخر من الوافدين من دول أوروبية في الحجر الصحي. .. صناعة الكمامات ولمواجهة ندرة المستلزمات الطبية الخاصة بالوباء، خاصة بالنسبة للفرق الطبية على مستوى المستشفيات، شرعت عدة ورشات للخياطة، في حياكة الكمامات والألبسة الواقية للأطباء. وبمحافظة المدية (وسط) المحاذية للبليدة، أعلن صاحب ورشة تقليدية للخياطة، الأحد، عن شروعه في حياكة 600 كمامة في اليوم الواحد، داعيا الجمعيات والهيئات المهتمة التقرب إلى ورشته لتوزيعها مجانا. فيما عكف نشطاء، آخرون على توفير المادة الأولية لصناعة الكمامات ذات الطبقات الثلاث، وتوزيعها على ورشات الخياطة. وتبرعت مؤسسة خاصة، ب5400 وحدة من المناديل المبللة لوزارة التجارة، لتقوم الأخيرة بتحويل 5000 وحدة إلى وزارة الصحة ممثلة في الصيدلية المركزية، حسب ما أكده وزير التجارة كمال رزيق الاثنين. وأعلنت وزارة الصحة الاثنين، في بيان لها، بأن على كل الراغبين في التبرع بمعدات التوجه مباشرة إلى الصيدلية المركزية، باعتبارها النقطة المركزية الأساسية، قبل إعادة التوزيع على المستشفيات. **معدات طبية بعهدة رجال أعمال الأعمال التضامنية، لم تتوقف عن هذا الحد، إذ امتدت للعتاد الطبي الحيوي بالنسبة لمرضى فيروس كورونا. وأعلن وزير الصحة، عند الرحمان بن بوزيد، الأحد، عبر الإذاعة الرسمية، أن رجل الأعمال يسعد ربراب عرض المساعدة في اقتناء أجهزة التنفس الاصطناعي. وأكد بن بوزيد، أن الوزارة تصلها عدة عروض للمساعدة “وأنها مستعدة لتسهيل إجراءات نقل وحتى استيراد المعدات خاصة أجهزة الفحص”. وفي السياق، قال الصحفي محمد يعقوبي، أن “طبيبا جزائريا مقيما في تركيا وبالتنسيق مع جمعية الإصلاح والإرشاد (جزائرية ) ، جمع أموالا من عدد من رجال الأعمال هناك (في تركيا) وقرروا اقتناء كميات كبيرة من أجهزة الكشف السريع عن فيروس كورونا”. وأفاد عبر صفحته بفايسبوك أن هذا الفريق “مستعد لاقتناء المستلزمات التي تحتاجها المستشفيات، كآلات المراقبة الطبية، التنفس الاصطناعي، كواشف غازات الدم”، وأكد “أن الوزير أمر على الفور مصالح الدولة بتسريع استيراد هذه المستلزمات”. ولم تتخلف الجامعات عن المساعدة، حيث يقوم أساتذة بجامعة معسكر (غرب)، بمساعدة طلبة، بنتاج كمية معتبرة من الأقنعة الطبية لتوزيعها على المستشفيات والحماية المدنية.