يواصل مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس نشر تجارب الأسرى،حيث ينشر بحلقة هذا الأسبوع تجربة الأسير المحرر محمد المصري من بيت لحم . سيرة ومسيرة محمد يوسف محمد المصري، مواليد 14/5/1977، من الدوحة قضاء بيت لحم، متزوج ولديه 3 بنات، بكالوريوس علم اجتماع وعلم نفس، أمين سر حركة فتح في بيت لحم. الاندماج بالعمل الوطني خلال وجودنا بالكويت ووجود خال مبعد في الجبهة الشعبية كان له الاثر الكبير في الانضمام من خلال اصحابه في السفارة وبدأ اندماجنا بالعمل الوطني. جئنا عام1987 بدأ الوعي في العمل الوطني والمشاركات البسيطة ومعايشة الاحداث الوطنية، في 1990بدأنا العمل من خلال لجان الشبيبة الثانوية في مدرسة الدهيشة التابعة للوكالة تحت مسؤولية التنظيم. في المرحلة الاعدادية بدأت اول تشكيل اول مجموعة وانحلت اللجان الشبيبة اضطرينا الى تشكيل مجموعة سرية، وبدأنا العمل في فعاليات الانتفاضة ( كتابات شعارات، اغلاق شوارع، ضرب حجارة). كان الاعتماد بتمويل ذاتي (مجموعة الفهد الاسود) اول مجموعة بريئة بعيدة عن الجسم الرسمي للتنظيم، اشتملت المشتريات (ملابس، كربونة، خياطة الاعلام، دهان الشعارات)، كنا حوالي 10 أشخاص جميعهم من النوعية المسالمين في الظاهر ولكن قوة شخصية داخليا، ونشطاء جدا لدرجة أهل البلد يسألوا عن هؤلاء. ثم انتقلنا الى المرحلة الثانوية بعد أخذ الهوية كنت مطلوب 4 شهور وهذه المرة الاولى التي انطلب فيها بسبب ضرب الحجارة على مركز الشرطة باب الدير، والبصة، وكتابة شعارات. مرحلة الاعتقال في 14/12/1993، في ساحة باب الدير ومن خلال وحدات خاصة حيث كنت مطارد وخلال ذهابي الى المدرسة، تم وضع كمين من قبل القوات الخاصة. في تمام الساعة السادسة والنصف صباحا وجود 4 وحدات خاصة بزي عمال وتم هجومهم علي وحاولت دفعهم والهروب لكن لا مفر، كما تواجدت 3 دوريات وحوالي 20 جندي من رأس العين، وبعد الامساك بي تم الاستدارة بي في ساحة المهد 6 مرات فخرا للامساك بي، وكل همي أتخلص من (الميبرة) وهي عبارة عن أداة حادة كأداة مقاومة للاحتلال. وكانت معاملة سيئة جدا وتعرضت للضرب المبرح، وانتشرت في تلك الفترة مستعربين بكثرة وبشكل غير طبيعي. كما كانت شرطة عربية أساءت التعامل معي بإذلالمنهم ما يدعى(يحيى). مرحلة التحقيق بالبداية بدأوا تحقيق ميداني ثم تم تحويلي الى البصة، التحقيق الاولي من منطلق أنني طفل صغير، ودخول الشرطي والتعامل معي بعنف شديد، ومحقق آخر يتعامل معي بلطف( ترغيب وترهيب) والحديث حول وجود ادلة وصور. كانت الجبهة الشعبية قوية بالمخيم وهناك نشرات وكتب لهم وساعدتني في كيفية التعامل مع التحقيق، استخدموا المسطرة ضربا على الأيادي. كان مركز التوقيف البصة بإدارة الجيش، والحمام خارجي بعيدا عن الاسرى، مكثت في البصة 6 أيام وكانت المقابلات مع ضباط المخابرات واستغلال الفحص الطبي بالتحقيق، وثم تم نقلي الى الظاهرية وعزلي في الزنازين، كان الوضع سيء للغاية كالخزانة. كما اتبعوا أساليب نفسية عدم النوم، وجولات ازعاج، ضرب الابواب، وكان هناك من يدعمني من الاسرى. بالإضافة الى رمي الاكل امام الخزانة والقطط تأكل نصف الاكل ثم يدخل الاكل بعدها، ومن خلال قراءتي للكتب يجب علي تناول الطعام حتى احافظ على قوتي الجسدية وللصمود ومكثت في الخزانة 7 أيام. وبعد يأس المحققين من المحاولة بانتزاع اعتراف، تم تحويلي الى الظاهرية، هناك 4 غرف ومطبخ، الغرفة رقم 1 هي الاكبر ومكتظة بالأسرى ويتجاوز عدد الاسرى 50 أسير، وغرفة رقم 2 يوجد بها 30 أسير ولا تتسع لأكثر من 20، لا يوجد حمام ولا البرش والنوم عالكرول، اضافة الى العدد 3 مرات، كما هناك منافسة على مكب الكرادل حتى نتمكن من سماع همس الناس. مكثت 3 أسابيع بالغرف ثم ذهبت للعمل في المطبخ، وتعرضت للتعذيب النفسي باعتقالات أفراد عائلتي المتكررة محاولين الضغط علي بالاعتراف. مرحلة المحاكمة بعد مكوث 80 يوم في الظاهرية عدت الى البصة في الظاهرية، ونزلت الى محكمة الخليل العسكرية، بوجود قاضية واحدة على مكتبها الشخصي، واستغرقت جلستين قبل الحكم. كانت التهم عبارة عن المشاركة في الفعاليات والانتماء الى فتح وضرب الحجارة، وكان آنذاك قانون تامير، اعظم محكمة رسخت براسي واللقاء مع مجموعة بني نعيم، حتى طريقة قيودهم مختلفة بالأيادي والارجل. 4 رجال شموخ عالية في عام1993 وهناك خوف الجنود منهم، أنا ضعيف جدا أمام قوتهم ولكن قدموا الدعم وكان تأثير نفسي ايجابي بوجودهم. تم الحكم سنة ونصف وغرامة 1000شيقل غرامة، و5 سنوات وقف تنفيذ. مكان إمضاء الحكم مكثت في النقب ، والظروف الحياتية كانت سيئة سواء من طعام حيث كل مكاش ل5 أشخاص، كأس ارز ونقوم بزيادته بالفتة. كنت بقسم موجه عام الأخ أكرم رجوب ومجموعة مناضلين(كادر كامل) رجل دمث، خلوق، محافظ على نمط الحياة وقدوة لنا كأشبال وعملاق الصبر الارادة والدعم وأكثر تأثيرا فينا. كما أن الرعاية الصحية سيئة جدا وتعتمد على الاكامول، والخوف من الذهاب الى الطبيب لأنه بمثابة مصيدة أمنية للتجنيد، وهناك مساومة على الارتباط معهم، كنا نضطر لتحمل الالم او التعرض للشبهة. وبالنسبة لزيارة الاهل لم يكن حينها زيارات للنقب، وتمت زيارتي مرتين في الظاهرية. كانت زيارة الغرف متاحة، بينما الاقسام ممنوعة باستثناء ممثل المعتقل او الاقارب ومقدار الصلة . كنا نستخدم اسلوب محايل هو (العجلة)، لجمع النفايات او لتوزيع الطعام من خلال القفص وتبديل الملابس، وتبادل الرسائل، وادخال الدخان، اقتصرت الالعاب على التمارين السويدية والعقلة، اما زيارة الاسرى بين الاقسام غير متاحة بينما بين الخيام متاحة الزيارات، والفورة في النقب مفتوحة . – ادارة المعتقل كانت بعد دخول السلطة(1994) فترة لامبالاة من الطرفين تنتظر قائمة الافراجات، في شهر 3 جاءت افراجات وتفرغ جزء كبير من سجن النقب، وإصابة العديد من الاسرى بانهيار كان من المتوقع الافراج عنهم. – الخطوات النضالية اتسمت باسترجاع الوجبات ورفض العد الصباحي. علاقتي بالتنظيم تدرجت به من عاصف، مرسل يريد، الى رصد جهاز أمن، ثم لجنة ادارية، ولجان الطعام، واتسمت علاقتي التنظيمية بالقوة و الاحترام والهدف الوطني المشترك. – لا شك ان هناك لائحة تنظيمية تنظم حياة المعتقل وبين المعتقلين ومع التنظيمات الاخرى، وتوضيح المسموح والممنوع في داخل المعتقل، والتعامل مع الاحتلال وعدم التواصل مع الضباط الا من خلال ممثل المعتقل.ومنها عدم الاقتراب من الشيك، والامور التي تتعلق بالبعد الامني، وما يميز اللائحة المساواة بين الجميع. – يتم اختيار الممثل بالتوافق، لمدة 6 أشهر، وجلسات تنظيمية يومية وتحليل سياسي بمعدل 3 جلسات اسبوعية، مع التزام و انضباط من جميع الاسرى بالحضور. العلاقات بين الفصائل في المعتقل كما كانت هناك لائحة تنظم العلاقة ما بين الفصائل وبالذات من ناحية الاخلاق والحفاظ عليها والحفاظ على اللسان وطريقة الحديث وعدم التعرض او التسبب للأذى للآخرين. استطيع وصف العلاقة بانها مميزة ، لم يكن هناك تنافس بين الفصائل بل وحدة وطنية ، وكانت الاقسام تقسم بين التنظيمات حسب الفصائل، التقسيم نضالي على جميع المعتقل، احترام للشاويش بغض النظر عن تنظيمه السياسي، كما انه لم يكن هناك أي قيود على العلاقة ما بين الاسرى، وجميع المؤسسات الاعتقالية مشتركة من قبل الجميع. العلاقة بين الاسرى وإدارة المعتقل العلاقة مع ادار السجون من خلال ممثل المعتقل وهو معترف به من قبل الادارة ويتم اختياره من جميع الفصائل. التحرر من الاعتقال الاول تم الافراج عني في 5/5/1994 من سجن النقب. استكملت دراستي، والعمل والتحضير للتوجيهي ونجحت مع تحدي ومواجهة الحياة، ثم التحقت بالجامعة وأصبحت مسؤول الشبيبة في الجامعة رغم صغر سني، وحاولت تطبيق ما تم تعلمه خلال وجودي بالمعتقل في مجلس الطلبة، في نهاية السنة الاولى تم تفريغي بالأمن الوقائي، وفي 1996 هبت النفق، عانيت من الادارة بسبب الفروق الاجتماعية سعيت بالجامعة، وتم استشهاد صديق لنا من كوادر فتح، حاول نقل لجنة البيئة(محمد أبو سرور). كانت جامعة بيت لحم اولى الجامعات تنزل ل هبة النفق، كنا مجموعة واعيين ننزل للعراك. وفي 23/9/1996 تمت المشاركة في المسيرة باتجاه قبة راحيل في مخيم عايدة، لم يكن هناك جدار، كانت نقطة جيش وحصل اشتباك معهم. وفي 25/9/1996 وخلال وجودي على رأس عملي، حصل اشتباك الساعة الحادية عشر صباحا، واطلاق نار وسقوط شهيدين. وحصيلة الاشتباك قتل 30 جندي، و70 شهيد، جرت الفكرة تغزو المواجهة والمقاومة، احداث جبل ابو غنيم ومصادرة جبل كامل، وأصبح صعود للمواجهة. تلك الاحداث زادت من حراكنا، وفي 1998 بدأت فكرة شراء السلاح عند الشباب والاستعداد للصدام والمقاومة، وكنت من ضمن اعضاء منظمة الشبيبة الفتحاوية. في عام 2000م زاد الحراك ولم نقدر على استيعاب وضع الاحتلال والشعور بالمقاومة وتم تسليحنا بشكل قوي. في 25/9/2000 دخل شارون الحرب، تم استدعاؤنا من قبل أبو عمار وخطب فينا خطبة عصماء والاهتمام بالأقصى، ثم استدعانا جبريل الرجوب لاجتماع ووضع خطة لدخول شارون الحرب، وتوزيع الادوار بكل محافظة. دخل شارون يوم الخميس، كانت الجمعة أول احتكاك عند قبة راحيل تم حرق البرج دامت 5 أيام من أشد المواجهات. واستشهاد محمد الدرة ، وأعطى زخم للأحداث في بيت لحم، وسقط أول شهيد مصطفى فرارجة واصابة العديد. بدأ التفكير للانتقام لمصطفى وتدحرجت الامور لإطلاق النار، وكانت بيت لحم وطولكرم من اولى المحافظات لاستخدام السلاح. تم اغتيال اخرين في 12/12/2000 الشهيد يوسف أبو صويص، احدى مجموعات مهربين السلاح عبر البحر الميت، وتم مطاردتي الى حين الاعتقال في 2004. الاعتقال الثاني تم اعتقالي مجددا من خلال وحدات خاصة، بعد الخروج من اجتماع بسيارة مسروقة وكانوا الاحتلال زارعين جهاز تتبع في غماز السيارة، تم محاصرة السيارة قوات خاصة وتصويب السلاح علينا وقت العشاء، تم اعتقالنا في 23/9/2004، كانت معاملتهم لنا الترهيب بالسلاح و تسليط الليزر واشعارنا بالتصفية، نقلونا الى DCO ومحطات اعلامية، وتحقيق ميداني والقاء النظر على بطاقات العمل السابقة. نقلونا الى زنازين عصيون ، كان هناك تاريخ اعتقال وافراج من 1/9/2004 الى 1/6/2014، وقررت حينها ان لا اتكلم والتزم الصمت لحين فتح باب الزنزانة. كان التحقيق في عوفر، ومارست قوات الاحتلال التضليل النفسي، واجراءات التحقيق تمويه بالأسماء والعمل على زعزعة الثقة، وهناك اعترافات من قبل أشخاص، ولم أمكث سوى ساعة ونصف في التحقيق والتركيز على الاساليب النفسية في التحقيق. بعد 8 أيام مع كابتن يونس وهو ضابط مخابرات وقائد المنطقة.تم مراوغتي للانضمام اليهم ونقاش حول السياسة وضياع الوقت. تم اصدار حكم اداري 6 أشهر، ملف علني بعد جلسة تثبيت واحدة في محكمة عوفر العسكرية، ثم نقلوني الى بنيامين بعد عوفر لمدة 10 أيام كمركز توقيف ، وشاهدت صديقي رائد اثناء خروجه من الزنازين والوصول الى غرفتي وتم توعيته حول التحقيق وترسيخ مفاهيم الصمود و الثبات. أمضيت الفترة في النقب، كان هناك جسم تنظيمي صحيح ولكن تعدد مصادر القرار سمة غالبة في التجربة الاعتقالية الثانية، والصلاحيات المتوفرة من الادارة هي التي تحدد مدى قوة الممثل. لم يكن هناك كانتين مثل السجون المركزية، والاعتماد الكامل علينا في توفير الاحتياجات، ولقد صدمت من الواقع الاعتقالي، تقلدت منصب موجه عام في النقب خلال تلك الفترة. في اواخر شهر آذار من عام2004 تم الافراج عني، ولم احصل الا على دورة مشاريع.