يا والدي غبتَ وما غابت شمسُكَ يا قدوتي غبتَ وبقي طيفك يطوقني، صدى صوتكَ ما زال في أذني أسمعهُ يقول لي اعمل ما تشاء فلم تمنعني في يومٍ من الأيامِ عن آداء واجب الوطن، كلماتك في أذني ما زالت حاضرة، اعمل الخيرَ في كل الأوقات، كلماتك تُطرز بماء الذهب لاشيء يذهب هباءاً فكل عملٍ عند الله باقٍ. يا والدي الذي أحببته وفاض حبه في قلبي وعلى جوارحي أخذتُ منكَ صبراً وسعةَ صدرٍ تعادل مساحة الوطن. ظفرتَ بكل من أساء لك وشتمك وكنت تقول هذا رصيدي عند الله فلا تددخلو أنا أريد الآخرة وأنتم تريدون الدنيا، يا خير من اقتدى بالحبيب محمد فكنتَ خير الناس فخدمت الصغير قبل الكبير وتواضعت للفقير قبل الغني، عرفتكَ شوارعُ عمان باحثاً عن حقوق شعبك في مكاتب المنظمة منذ خمسين عاماً وحفظتك شوارع صيدا في انتفاضة الحجارة مدافعاً ومخففاً لآلام شعبك، وعندما ساوموك قلت نبقى بلا كهرباءٍ وماءٌ أفضل من أن نقبل شروط الاحتلال. يا والدي يا قلباً ما زال ينبض للخير وللواجب ولنصرة المظلوم بكتكَ حقول الزعتر وأشجار الزيتون واشتاق ليديك تراب الأرض المجبول بعرقك الطاهر، يا نداء الخير اشتاقت لحنجرتك طيور الصباح التي اعتادت الاستيقاظ على صوت آذانك، اشتاقت لصوتك فضاءات صيدا وحقول القمح وأشجار الكرز، يا عظيم الفعل الذي لا يرضى إلا المقدمة في عمل الخير وإغاثة الملهوث. يا والدنا الذي ما غرس إلا بذور الخيرِ والصلاح والحب لكل الناس، صوتك ما زال يتردد في أرجاء المكان أنا سامحت كل من أساء لي وأنا سأبقى مدافعاً حتى مع من أخطأ بحقي، يا نبع الخير الذي لا ينضب ولا يتوقف عطاؤه. لن أنعيك اليوم فالرب في عليائه أجلَّ عمل الخير وأكبر الإصلاح فكيف أنعى مسيرة امتدت لنصف قرن من الإصلاح وخدمة الناس والصبر على أذاهم كيف أنعى سنواتٍ بأكملها كرستها لخدمة وطنك يا حبيبي الذي سأشتاق لغضبه قبل فرحه يا حبيبي الذي سأشتاق لعفوه وحبه وكرمه يا حبيبي الذي سأشتاق باستمرار لطول صبره.