الصراع على المال والسلطة لا ينتهي، فالبشرية جبلت بالشر كما هو الخير يؤكده قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} كما جبلت على الطمع واللهث وراء المال كما هي القناعة والرضا. ولكن تبقى نزعة الشر مرتفعة بمؤشرها يفسره الواقع، ويبقى الطمع مستمرا، صراعات دولية، ونزاعات أخوية، يجمعها المال، تموت الشعوب وتعاني الفقر والعوز لا يهم !! عند من يبحث عن استمرارية السلطة واستقرارها تحت عباءته، يفترق الأخوة وأبناء العم وتنتهي العلاقة الأسرية الودّية التي هي الصلة بين الإنسان وربه، وتمتلئ المحاكم بالقضايا من أجل حفنة من المال، ثم يرحل أصحابها، وتبقى الأموال المتنازع عليها حبيسة البنوك لا يهم !!. كورونا الوباء السريع والمميت لم يكن واعظا ورادعاً عند من يبحث عن المال والسلطة، ومن لا يدرك إلا مصلحته ويضرب بالآخرين عرض الحائط، فما زالت سلطتا النفوذ وصوت القوة قائمتين، ومازال ميزان القوة والاستبداد مرتفعاً على ميزان الحقوق والأخلاقيات، أمثلة كثيرة في واقعنا يشيب من هولها الجبين، لو كان المستبدون يدركون أن المال لم يخلق السعادة ولم تجلب السلطة والأمان والاستقرار، لما كان في عالمنا جائع ولا مظلوم ولا متشرد ولا متسول، ألا يدرك المتنازعون على المال والأرض أن الدنيا بما فيها لا تساوي جناح بعوضة والتعامل بالحسنى والمودة والعدل أكثر تقرباً لله من كنوز الأرض. قارون أعطاه الله المال لتنوء من حمله الجبال، استعرض واستكبر وطغى واستبد، فخسف الله به وبداره الأرض في ثانية أقرب من لمح البصر. غزت جائحة كورونا (كوفيد 19) العالم بكل أقطابه ووقف العالم ذليلا في مواجهته، وأصبح اللاعب الأساسي في كثير من الدول رأس المال واستمرارية الاقتصاد وبرزت معه وعلى مستوى العالم صراع القوى على المال. أمريكا نموذج بالرغم من ادعاءاتها بالحرية وحقوق الإنسان، الأصوات والمال وتفعيل المال هو الأقوى من محاربة وانتصار الفيروس على شعوبها، فالرئيس " ترامب " الرأسمالي لا يعرف إلا لغة المال والاستبداد والدوران على عجلة رأس المال، فالمعركة القائمة الكبرى بين البشر وبين قوة ( كورونا ) لم يثنيا " ترامب " وربيبته الكيان الصهيوني عن ممارستهما الاستبداد والقوة وبسط نفوذهما الممتد من كوبا إلى فنزويلا ومن سوريا إلى إيران وقطاع غزة. ولنعد للوراء قليلًا مايو/عام 2017 ما الأسباب التي دفعت دول الحصار الأربع الجائرة نية غزو "قطر" وتمكين الجيوش لاحتلالها أليس هي المطامع المادية والاستيلاء على ثرواتها الاقتصادية وأهمها الغاز القطري، ألم تكن جائحة كورونا درسًا للاعتبار وإعادة المياه لمجاريها وتحكيم صوت العقل ورفع الحصار والذي مازال قائمًا !!. وما يجري في جنوب اليمن وعدن وسقطرى من مطامع دول للاستيلاء على مقدرات الشعوب لإيجاد موضع قدم ومنافذ بحرية للاستفادة من خيراتها نموذج آخر للاستبداد والنفوذ، هل توقفت قوى التحالف عن هدفها وأخذت في الاعتبار المؤشر اليومي لارتفاع أعداد الإصابات والوفيات في دولها نتيجة الوباء، وهل غيّرت جائحة "كورونا " الأهداف والمطامع التوسعية والاستيلائية، ورجحت دول التحالف عقلها في وقف النزيف الدموي في اليمن، ألا ترى بمنظارها السياسي ما يحدث للشعب اليمني من معاناة من الأمراض والفقر وسوء التغذية وغيرها !!، ولكنها السفاهة التي تتحكم في عقول المستبدين بالسلطة والمال من زرع أشواك سامة لصناعة أزمات سياسية وغرسها في خاصرة الشعوب.. .... وبالرغم من حجم الكارثة " كورونا " التي حلت على العالم، إلا أن الصراع والنزاع مازال قائمًا والكل يعلن الحرب على الآخر، مستخدما سلاح القوة والسلطة والمال، تجاوز الصراع إلى تفكيك الشعوب داخليًا وإثارة الفتن لتحقيق مآرب دول للاستيلاء والتحكم في مصيرها ومقدراتها، كنا نعتقد أن جائحة كورونا ستنهي الخلافات وتقل الصراعات، لأننا ندرك مع الأزمات والمحن والشدائد تتوحد الدول والشعوب بفصائلها ومذاهبها وجيرتها، ويتحكم صوت العقل والحوار لحل الأزمات السياسية التي خلفتها المطامع الدولية. فالكارثة الكبرى اليوم التي نعيشها ليست وباء " كورونا" على الرغم من فتكه وما خلفه من كوارث بشرية واقتصادية في معظم دول العالم، إنما هو وباء السلطة ووباء جمع الغنائم ووباء الكراسي ووباء النزاعات والصراعات، فأصبح العالم في غابة بلا قوانين تحكمه البقاء للأقوى، من يمتلك القوى المالية والقوى السياسية، لم يهزمه الوباء، ولم يخذله أعداد الجثث اليومية التي تتساقط نتيجة انتشار الوباء لسقوط ضميره في وحل وزيف الدنيا. الشرق القطرية