منذ إعتقاله حتى اليوم ،لم أفرح بمناسبة أو عيد ، لم أشارك الناس بأي افراح لان إبني غير متواجد معنا ، وخلال إعتقاله تزوج أخوانه وشقيقاته لكن الفرحة لم تدخل منزلنا في غيابه "، قالت الوالدة زينب أبو عابد ، في مستهل حديثها عن وجعها المستمر على نجلها الأسير حبيب فواز خميس ابو عابد ، المحكوم مدى الحياة ، وأضافت " كل يوم نعيش صور معاناة رهيبة أمام ظلم الاحتلال الذي يعاقب حتى أحفادي الذين لا يعرفون خالهم وعمهم بسبب عقابهم بالمنع الامني ، وجعنا لم يتوقف منذ 18 عاماً من حياتي ، قضيتها وسط الدموع والالم والوجع ، وكل لحظة أصرخ متى تتحطم القضبان ويعود لاحضاني ، لكن لا يسمعني أحد . بكاء ووجع .. يرتبط الأسير حبيب بعلاقة وطيدة مع والدته التي تجاوزت العقد السادس ، بل وتعتبره الأحب لقلبها ، فوزعت صوره في كافة انحاء منزلها في بلدة يعبد ، تخاطبه تارة وتصلي دوما لنهاية رحلة الالم واجتماع الشمل ، وتقول " لا معنى لحياته بدونه ،و مثلما ذكرياته لا تفارق مخيلتي ، فان صوره تتوزع في كل مكان … الصالون وغرف الضيوف والمطبخ وغرفتي ليعيش معنا في كل لحظة "، وتضيف " الاحتلال قادر بظلمه وسجونه المظلمة والمقيتة على تفريق اجسادنا ، لكن يومياً أشعر بحبيب يناديني لاحتصانه ، ارواحنا ستبقى حرة تتحدى القضبان وتلحتم مع مهجة قلبي الذي لن نفقد الامل بتنسمه الحرية ". من حياته .. يعتبر حبيب باكورة أبناء عائلته المكونة من 8 أنفار ، أبصر النور قبل 36 عاماً في بلدة يعبد ، وتقول والدته " في كل مكان له ذكرى وبصمة وحضور .. هنا عانقته ورويته حب الوطن ، وهناك كان يجلس ونتناول الطعام ونفرح ونتحدث .. تمتع بالاخلاق الحميدة وببر الوالدين وحب العائلة وبلده ووطنه " ، وتضيف " تلقى تعليمه بمدارس يعبد حتى انهى الصف الحادي عشر ، وبسبب الظروف المعيشية الصعبة لعائلتنا الكبيرة ، تحمل المسؤولية في وقت مبكر ، ترك المدرس وعمل في مهنة البناء حتى اعتقاله "، وتكمل " لحسن خلقه وطيب معشره وعلاقاته الوطيدة مع الناس ، فان الجميع في بلدتنا يفتقده كعائلتنا التي تشعر بنقص كبير والم لا ينتهي لغيابه "، وتتابع " رغم مسؤولياته ، لم ينسى وطنه وواجباته ، شارك شعبه مسيرة النضال ولم نعرف ببطولاته ودوره في مقاومة الاحتلال حتى اعتقل. مطاردة واعتقال .. طارد الاحتلال حبيب حتى اعتقل فجر تاريخ 8/7/2002 ، وتقول والدته " تحلى بالشجاعة والاقدام ، لم يهاب الاحتلال وتهديداته ، فاستمر بملاحقته ونصب الكمائن حتى اعتقل في عملية خاصة شارك بها العشرات من الجنود الذين اعتدوا عليه بالضرب خلال اعتقاله "، وتضيف " عندما كنا نعيش مشاعر الخوف والقلق على حياة ومصير ابني ، فوجئنا فجر اليوم التالي 9-7-2002 ، بعودة الاحتلال لمنزلنا الذي اخرجونا منه لهدمه دون السماح لنا بالاستئناف أو الاعتراض على قرار العقاب التعسفي والظالم "، وتكمل " بلمح البصر ، هدم الاحتلال منزلنا وتعب وشقى العمر وشردوا عائلتنا لفترة طويلة عشنا خلالها كل صنوف المعاناة حتى ساعدتنا وزارة الاشغال العامة ببناء جزء من المنزل ، واكمل زوجي على حسابنا الخاص بناءه واعماره. تحقيق وحكم .. بعد صدمة الهدم ، استمر الاحتلال في التكتم على مصير حبيب الذي تعرض للتعذيب والتحقيق في زنازين الجلمة وسط حرمان عائلته من زيارته ، وبعد رحلة معاناة قاسية بين المحاكم ، حوكم بالسجن مدى الحياة ، وتقول والدته الستينية التي تعاني من عدة امراض مزمنة " لم نهتم بالهدم وتشريدنا رغم الويلات التي عشناها ، لكن صدمتنا الكبرى بقرار الحكم ، وعندما انهرت في قاعة المحكمة ، وقف ابني بشموخ وتحدي ليرفع معنوياتي ويبعث في اعماقي الصبر والامل "، وتضيف " مرت السنوات ، ونحن ننتقل بين السجون لزيارته ، فلم يبقى سجن إلا واحتجز فيه حتى استقر منذ فترة في سجن جلبوع ، وقد شارك في جميع الاضرابات المفتوحة عن الطعام مع الاسرى "، وتكمل " لدوره النضالي ومواقفه الجرئية خلف القضبان ، تعرض مرات عديدة للعزل ، واحتجز في الزنازين الانفرادية ومنع من الزيارات ، وكل ذلك لم ينال من صموده وعزيمته ومعنوياته. خوف وقلق تؤكد الوالدة أم حبيب ، أن فلذة كبدها يعاني منذ اعتقاله من عدة مشاكل صحية وترفض ادارة السجون علاجه ، وتقول " خلال التحقيق ، تعرض للضرب الوحشي على قدمه اليمنى ، وما زال يعاني من اوجاع مستمرة واثارها ، كما يعاني من مشاكل في عينيه وضعف بالبصر ، وبصعوبة تمكنا من ادخال نظارات طبية له على حسابنا الخاص "، وتضيف " في ظل مرضه ومعاناته ، قدم عشرات الطلبات لادارة السجون لعلاجه وعرضه على طبيب مختص لكن دون جدوى. رحيل الوالد .. ارتبط حبيب بعلاقة وطيدة مع والده الذي كان يحبه كثيراً ، وتقول الوالدة " لم يتوقف عن زيارته حتى عندما مرض ، لكن بسبب المضاعفات الصحية واصابته بتلف في خلايا الدماغ والاعصاب لم يعد قادراً على زيارته لمدة 6 سنوات "، وتضيف " اخر مرة زار زوجي حبيب ، كانت بواسطة كرسي ، وكان الحزن الكبير المشترك بيننا وبين ابننا بسبب وضع والده الذي كان يتمنى حريته وعودته لاحضانه "، وتكمل " من شدة حبه له ، اسماه والده حبيب تعبيراً عن مدى تعلقه به ، وبعدما دمر المرض صحته ، لم يكن يتوقف عن ترديد اسمه والمناداة عليه "، وتتابع " توفي زوجي بسبب شدة المرض قبل 3 سنوات وهو يردد اسمه ويوصي به وان تبقى قضيته اولوية حتى يتحرر من السجون، الايمان بالله والصبر والثبات والارادة هي الامل الوحيد الذي بقي لي في انتظار تحرير ابني ومشاهدته بمنزلنا وسط اسرتنا وعلى مائدة طعام واحدة" .