بمناسبة مرور 103 سنوات على اصدار تصريح بلفور المشؤوم، ومرور 72 عاماً على النكبة الفلسطينية، ومرور 100 يوم على اضراب الأسير ماهر الأخرس ضد اعتقاله الإداريqq التعسفي، استقبلت دولة الاحتلال الاسرائيلي وزير الخارجية البريطاني في عهد الانتداب على فلسطين (1916-1919) آرثر جيمس بلفور وادولف هتلر الذي حكم المانيا في الفترة بين عامي 1933- 1945، وقد جرى استقبال الزعيمين في مهرجان صاخب أقيم امام مشفى كابلان الاسرائيلي الذي يقبع فيه الأسير ماهر، وبحضور شخصيات الكيان الاسرائيلي الامنية والسياسية والعسكرية والقضائية والبرلمانية. رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ألقى خطاباً وصف بالتاريخي خلال ترحيبه بالضيفين اللذين عادا من غياهب الماضي، اعتبر نتنياهو عودتهما هي عودة الهيكل الضائع وانبعاث الروح اليهودية من جديد. وجاء في خطاب نتنياهو أن دولة اسرائيل تستقبل أعز زعيمين لها في العالم في ساحة مستشفى كابلان لتستعيد توازنها بعد ان ظلت على مدار مائة يوم تقف على قدم واحدة بسبب ما أحدثه اضراب ماهر الأخرس من هزات محلية ودولية ووجدانية، صمود هذا الاسير جعلنا تبحث عن عقائد الفاشية والعنصرية لنضع حداً لصراعنا معه والذي تحول الى صراع يدور بين الحياة والموت. نتنياهو شكر في كلمته هتلر الذي حول ضحايا اليهود الى جلادين وقال: لقد علمنا هتلر كيف نحتكر المحرقة ونشعل الحرائق الكبيرة والصغيرة، ونغرق فلسطين والفلسطينيين في المحارق، مارسنا سياسة التطهير العرقي جغرافيا وسكانيا وثقافياً، وقد محونا وجود وآثار الفلسطينيين وهويتهم وحضارتهم، وكنا اوفياء للفكر النازي ومازلنا، شرعنا قانون القومية وحشرنا الفلسطينيين في جيوب مغلقة اسوأ من السجن، وأقمنا معسكرات واسعة للاعتقال، وصار البرلمان الاسرائيلي هو الرايختساغ (البرلمان الالماني) بعد ان شرعنا المئات من القوانين الشبيهة بالقوانين النازية، لقد اعدنا لك الحياة ايها السيد هتلر، فأنت تعيش بيننا في تل أبيب، ونحن سعداءلأنك تلبس زينا العسكري، تحمل بندقيتنا، وقد صرنا نشبهك وتشبهنا، كتابك (كفاحي) هو نسخة طبق الأصل عن كتاب هرتسل ( الدولة اليهودية) وأفكارك هي نفس أفكاري في كتابي (مكان تحت الشمس) العرق اليهودي والعرق الجرماني متحدان لا ينفصلان وروايتنا واحدة. واوضح نتنياهو في خطابه ان ماهر الأخرس يحترق الآن، باحتراقه فأننا نحرق وطن الشعب الفلسطيني ومقاومته، أنهم الأغيار الذين يستحقون القتل، ماهر الأخرس معاد للسامية، يقف في وجه قوانين بريطانيا العظمى وقوانين الابادة النازية، يستكمل فصول حرب النكبة بأضرابه وجوعه ليغير نتائج الحرب، سنتركه في جوعه وامراضه وعزلته حتى الموت، وسترى يا هتلر سحب الدخان تخرج من مدخنة جسده، ستراه بعد قليل وقد تحول الى غبار. وخاطب نتنياهو في كلمته بلفور صاحب الوعد الذي عرف باسمه، ليشكر من خلاله بريطانيا التي اسست الوطن القومي لليهود، ووصف مرحلة الانتداب البريطاني بالمرحلة الذهبية حيث اسهمت بريطانيا في دعم الاستيطان اليهودي والهجرات اليهودية، والاستيلاء على الاراضي لصالح المستوطنين، وتسليح وتدريب المنظمات الصهيونية، واسهمت في قمع الثورات الفلسطينية وزج الآلاف في السجون واعدام المئات، وقال: لولا وعدك يا بلفور وادراج هذا الوعد في صك الانتداب ليأخذ الشرعية الدولية لما قامت دولة اسرائيل. وافتخر نتنياهو في خطابه بقوانين الطوارئ البريطاني والتي قال بأنها لازالت هي الملهم العملي والقانوني لدولة اسرائيل في قمع الشعب الفلسطيني، الاعتقالات الادارية التعسفية، الاحكام التمييزية الرادعة، اعتقال القاصرين، استخدام التعذيب الممنهج، الاعدام لمجرد الاشتباه، احتجاز الجثث، الاهمال الطبي والعزل، المداهمات والملاحقات وغيرها، نطمئنك يا بلفور ان دولة اسرائيل لازالت في حالة طارئ تطبق هذه القوانين وأكثر. واشار نتنياهو ان ماهر الأخرس يتحدى القوانين البريطانية، يعادي دولة كانت الدولة العظمى، ولن نسمح له بذلك، فمثلما فعلت بريطانيا بالأسير الايرلندي المناضل بوبي ساندز الذي تركته في اضرابه حتى الموت سنفعل ذلك بالأسير ماهر، لن نسمح له ان يكسر قانونكم وينتصر علينا وعليكم. وقال نتنياهو: أن اخلاصنا الكبير لدور بريطانيا وللسيد بلفور دفعنا ان نحتجز الشيخ الأسير حسن اللاوي 42 عاماً بعد ان قتل ضابطاً بريطانياً عام 1939 خلال اقتحام المسجد الأقصى في القدس ولازلنا نحتجز المئات من الأسرى اكثر من ربع قرن، معركتنا اليوم تطورت لتصبح معركة نزع الشرعية عن هؤلاء الاسرى، شرعية وجودهم على هذه الأرض، وشرعية نضالهم ضد دولة اسرائيل. لم يكمل نتنياهو خطابه في ساحة مشفى كابلان الاسرائيلي، حالة توتر واستنفار جرت خلال المهرجان، مظاهرة صاخبة داهمت الاحتفال،الناس تحمل ماهر الأخرس على الاكتاف تهتف: نعم لن نموت لكننا سنقتلع الموت من أرضنا نعم لن نموت، نعم سوف نحيا ولو أكل القيد من عظمنا ولو مزقتنا سياط الطغاة ولو اشعلوا النار في جسمنا اصيب بلفور بالصدمة عندما اكتشف ان اضراب ماهر الأخرس هو امتداد لتاريخ النضال الوطني الفلسطيني منذ الوعد الذي أصدره حتى الآن، كان يعتقد أن بريطانيا انهت وجود القضية الفلسطينية عندما سلمت الحركة الصهيونية أرض فلسطين، ولكن الثورة التي بدأت في العشرينيات من القرن الماضي لا زالت مستمرة، اما هتلر فقد اصيب بالذهول والارتباك حيث كان يعتقد ان المحرقة التي ارتكبها نظامه النازي هي حالة استثنائية في التاريخ الحديث، فأذا به يكتشف انها تحولت على يد دولة اسرائيل الى قاعدة وعقيدة، وانه لازال حياً في كل صهيوني فكراً وممارسة، يقول هتلر اسرائيل تفوقت على النظام النازي عندما أخرجت المحرقة من التاريخ وحولتها الى حجة وسبب لكل جرائمها بحق الآخرين. رجال الأمن الاسرائيلي حملوا نتنياهو في طائرة عسكرية الى اقرب معسكر للجيش، بينما هتلر وبلفور هربا الى قبورهما المظلمة.