إن السرطان لا يحترم العمر والجنس، بل يصيب أي إنسان في أي وقت. وهو بلاء قديم يصيب الإنسانية منذ العام 1500 قبل الميلاد، ولم يحصل تقدم ملحوظ باتجاه كشف أسرار هذا المرض إلا في السنوات الخمس والعشرون الماضية. إن السرطان مدفون في غموض الحياة نفسها. ففي أسرار الخلية البشرية يكمن المفتاح الذي يعتقد العلم أنه سيحل لغز السرطان، واليوم الذي سيكتشف فيه هذا اللغز يقترب منا. قال باحثون ان مرضى السرطان الذين يموتون في منازلهم يموتون في سلام أكثر ممن يموتون في مكان آخر وان ذلك يكون أيضا أفضل لذويهم. وقال خبراء في تقرير نشر أمس الاثنين في دورية علم الاورام ان رعاية مرضى السرطان في المنزل لا يوفر المال فحسب بل يقلل أيضا الالم الجسماني والنفسي. وكتب الدكتور اليكس رايت من معهد دانا-فاربر للسرطان في بوسطن وزملاؤه مرضى السرطان الذين يموتون في وحدة للرعاية المركزة او في مستشفى يعانون من ضغوط جسمانية ومعنوية ويعيشون حياة أسوأ من ناحية الجودة في آخر عمرهم. وقال رايت في بيان اذا أدرك المرضى ان العلاج الاكثر شدة لن يؤثر فقط على مستوى الجودة الذي يتمتعون به في حياتهم بل أيضا على احبائهم بعد موتهم فربما اختلفت اختياراتهم. ودرس فريق رايت 342 مريضا بسرطان قاتل وذويهم حتى وفاة المريض وهي فترة تستمر في العادة أربعة أشهر ونصف الشهر. وكتبوا على الرغم من تفضيل معظم مرضى السرطان الوفاة في البيت يموت 36 في المئة في المستشفى ويموت ثمانية في المئة في وحدات الرعاية المركزة. وخلص فريق رايت الى انه في حالة وفاة المريض في وحدة للرعاية المركزة يكون ذويهم أكثر عرضة خمسة أمثال للاصابة باضطرابات ما بعد الصدمة. وكشفت دراستهم ان 21 في المئة من أقارب الفريق الاول يصابون باضطرابات ما بعد الصدمة وان هذه النسبة تتدنى الى 4.4 في المئة بين أقارب مرضى السرطان الذين يموتون في المنزل. وكتبوا هذه أول دراسة تظهر ان أقارب مرضى السرطان الذين يموتون في وحدات الرعاية المركزة هم أكثر عرضة للاصابة باضطرابات ما بعد الصدمة. ضحايا يروون المعاناة المكان : غرفة الطبيب المختص في اي مستشفى والزمان: اي الاوقات والحقيقة المؤلمة نتائج فحوصاتك ليست كما تمنينا ، انت مصاب بالسرطانهي سيدة الموقف. احد المرضى لم يتمالك نفسه وارخى العنان لنظره الى مستقبل مع مرض ملعون لا يدري ما ينتظره من الام ومعاناة ، واستجمع ما تبقى من قواه وغادر المكان ، لكنه عاد بعد يومين الى الطبيب يناقشه في مرضه وكيفية العلاج ومدته ونسبة الشفاء منه بحسب رئيس قسم الاشعة التشخيصية في مستشفى البشير. مشهد يتكرر يوميا في المستشفيات ، حيث حيرة الاطباء في كيفية اخبار المريض باصابته بالسرطان ، لكنها الحقيقة ومن حق المريض معرفتها بالكامل. العديد من التساؤلات تدور في أذهان المرضى وذويهم خاصة تلك المتعلقة بطبيعة المرض وكيفية العلاج ، والمضاعفات التي قد تنجم عنه ، هل يجب على الطبيب المعالج إخبار المريض عن نتيجة التشخيص ، وما هي التفاصيل التي يجب عليه تقديمها للمريض حول مرضه ، وما هو موقفه إذا طلب الاهل عدم إخبار مريضهم عن التشخيص؟. يقول رئيس القسم الدكتور رسمي مبيضين ان مصارحة مريض السرطان بحقيقة مرضه أمر ضروري وان معرفته بذلك تشكل بالنسبة لنا كأطباء جزءاً مهماً من العلاج خصوصاً في حالة استخدام العلاج الكيماوي او الشعاعي الذي يتسبب بحدوث بعض الآثار الجانبية الصعبة التي تتطلب مراجعة الطبيب. واشار مبيضين الى انه ينبغي أن يكون المريض ملماً بتلك الاعراض حتى يتجاوب مع العلاج ، وأن عدم معرفته قد تجعله يأخذ المسألة بغير جدية ، أو لا يحرص على مداومة مراجعة طبيبه المعالج أو يهمل في العلاج بانتظام ، مؤكدا ان رغبة المريض بالشفاء واقباله على العلاج له اثر كبير في سرعة العلاج. ويقول :عادة ما نقوم في مستشفى البشير بمقابلة المريض ونقدم له شرحا عن المرض ، مع الحرص على تجنب الحديث عن الجوانب المظلمة المتعلقة بالمرض ، ومراعاة عامل السن. ويبين ان الطبيب يتعامل مع كل مريض حسب ثقافته حيث يتم تدعيم نفسيته باشعاره بان خطورة المرض لديه قليلة واذا استمع الى النصيحة الطبية سيصل الى مرحلة شافية بإذن الله موضحا انه يتم طرح امثلة جيدة لمرضى تم شفاؤهم تماما من المرض. امل التي تمتلىء غرفتها بالاقارب كانت شبه منهارة ، لكنها تقبلت صدمة اصابتها بسرطان الثدي وروت قصة اكتشافها له حيث وقعت وكسرت ذراعها وبدأ كتفها يؤلمها واحتاجت الى صور شعاعية عندما اكتشف الطبيب وجود ورم في الثدي تبين فيما بعد انه السرطان اللعين الذي ادى الى استئصال الثدي بالكامل بحسب قولها. فلّة لم تحتمل خبر اصابتها بسرطان الثدي مع انه تم اكتشافه مبكرا ، وعادت الى منزلها باكية منهارة مكتفية بالنظر الى ابنائها وزوجها واهلها معتبرة انها تعد اياما ليس إلا ، وتقول:اكثر ما يؤلمني ان ابنتي الوحيدة 13 عاما تتحمل مسؤولية البيت اثناء غيابي لتلقي العلاج وعند عودتي ايضا. وعن وضعها النفسي اثناء العلاج تبين ان الكيماوي شيء رهيب، مزعج الى حد بعيد ، ليس مؤلما ، لكنه يهد الحيل. المستشارة الاجتماعية والنفسية ميساء القرعان قالت ان الطبيب اعلم بحالة المريض النفسية التي يجب ان يتعامل معه بناء عليها، مع انها لا تؤيد اخبار مرضى السرطان بمرضهم اذا كانوا من كبار السن. وتبين انه يجب ان يتم التعامل مع المرضى حسب استعدادهم النفسي لتقبل المرض والاقبال على العلاج مؤكدة ان الاخبار المباشر والمتسرع قد يؤدي الى نتائج عكسية لدى المريض. إن السرطان لا يحترم العمر والجنس، بل يصيب أي إنسان في أي وقت. وهو بلاء قديم يصيب الإنسانية منذ العام 1500 قبل الميلاد، ولم يحصل تقدم ملحوظ باتجاه كشف أسرار هذا المرض إلا في السنوات الخمس والعشرون الماضية. إن السرطان مدفون في غموض الحياة نفسها. ففي أسرار الخلية البشرية يكمن المفتاح الذي يعتقد العلم أنه سيحل لغز السرطان، واليوم الذي سيكتشف فيه هذا اللغز يقترب منا. الهدف هنا ليس التخويف بل هو التثقيف. ولخير الإنسان أن يسعى للاطمئنان من أن يترك نفسه وهو لا يدري أن هناك مرضا ما ينخر في جسده، وإذا كانت الوقاية خير من العلاج فإن الاكتشاف المبكر خير وسيلة للتخلص من هذا الداء العضال إذا لم يكن الابتعاد والوقاية ممكنين. وربما كانت إحدى أهم مصائبنا لا المرض بحد ذاته، بل الخوف من المرض أو معالجته بالخوف أو بالهروب من مجابهته إن كان ذلك يجدي. ففي البلدان الراقية لا يذهب الناس إلى الطبيب لأنهم مرضى، بل لأنهم أصحاء ولأنهم يريدون الحفاظ على صحتهم. فهم يؤمنون بالكشف الطبي الدوري على صحتهم لتلافي المرض في مراحله الأولى إذا وجد، حيث يكون العلاج، حينئذ، ميسورا وذلك قبل استفحاله. وهذه ينطبق بالأكثر على مرض السرطان حيث تكون نسبة الشفاء مرتفعة جدا إذا ما كشف عنه في مراحله الأولى كما يشدد الأطباء دائما.