يثير تصاعد ملاحقة الصحافيين والمدونين على صفحات التواصل الاجتماعي في الاراضي الفلسطينية، جدلا بين المؤسسات الحقوقية والاعلاميين الذين يدينون هذه الاجراءات، والمسؤولين الأمنيين الذين ينفون فرض اي رقابة او قيود على حرية التعبير. وعبرت مؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية عن قلقها من ما وصفته "ارتفاع وتيرة الملاحقات ضد الحريات الاعلامية وحرية التعبير في الاراضي الفلسطينية". واشارت منظمة هيومان رايتس واتش في تقرير عن حقوق الاعلام وحرية الرأي في الاراضي الفلسطينية واسرائيل الى تصعيد في ملاحقة الصحافيين والمدونين في الاراضي الفلسطينية. من جهته، رصد المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية في رام الله ثلاث حالات تشمل ملاحقة صحافيين ومدونين تطال صحافيا وناشرين اثنين عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". واطلقت المحكمة قبل ثلاثة ايام سراح الصحافي يوسف الشايب، بعد ان تم توقيفه ستة ايام بتهمة نشر تقرير عن البعثة الفلسطينية في فرنسا اتهمها فيه ب"الفساد". كما اعتقلت عصمت عبد الخالق بعد اتهامها بنشر عبارات تشهير بالرئيس الفلسطيني محمود عباس. وحسب تقرير المركز الفلسطيني فان جهاز الامن الوقائي اعتقل الصحافي خميس طارق لعدة ساعات على خلفية تعليق نشره على صفحته الالكترونية الخاصة. وذكر الاتحاد الديموقراطي الفلسطيني وهو فصيل في منظمة التحرير الفلسطينية، في بيان ان النائب العام اوقف مطلع الشهر الجاري احد كوادره جمال ابو ريحان بسبب نشاط له على صفحة الكترونية تحت اسم "الشعب يريد انهاء الفساد". لكن اللواء عدنان الضميري المتحدث باسم الاجهزة الامنية الفلسطينية، نفى وجود اي سياسة ملاحقة من قبل الاجهزة الامنية لقضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير. وقال الضميري "ليس لدينا اي رقابة لا على الاعلام ولا على صفحات التواصل الاجتماعي، حتى ان وزارة الاعلام لم تقم بهذا الامر". واضاف ان "المؤسسة الامنية ليس لها اي علاقة بهذه الاعتقالات". وبرر حالات الاعتقال السابقة بالقول ان "ما يجري هو ان هناك من المواطنين من يتقدم بشكاوى بسبب الاساءة لهم من خلال كتابات يتم نشرها وتتضمن اسماء بعينها". وكان النائب العام الفلسطيني احمد المغني اعلن في مؤتمر صحافي ان اعتقال الصحافي يوسف الشايب، جاء اثر شكوى مقدمة من وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ممثلا عن مسؤولي البعثة الفلسطينية في فرنسا. وحول عصمت عبد الخالق، قال ان احتجازها اثر شكوى قدمت بحقها من جهاز الامن الوقائي، جاء على خلفية نشرها عبارات مسيئة لعباس. وقال الضميري "قبل حوالى عامين تم اعتقال شاب من مدينة قلقيلية بتهمة الاساءة للدين الاسلامي على صفحات الانترنت، مشيرا الى ان "الاساءة للاديان عقوبة يحاسب عليها القانون". واضاف "لا يوجد ملاحقات ولا مراقبة من الاجهزة الامنية والقضاء هو من يحدد الادانة في القضايا المثارة". ونسب الضميري المشكلة في متابعة هذه القضايا الى "عدم توفر قانون فلسطيني خاص بالنشر الالكتروني". لكن المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية قال في بيانه "نجدد التأكيد على رفضنا سياسة حبس الصحافيين التي عفا عليها الزمن"، مشيرا الى انه "وفقا لقانون العقوبات، عقوبة الذم والقدح والتحقير بحدها الاقصى لا تبرر التوقيف خاصة لان المتهم صحافيا". واضاف المركز ان توقيف الصحافيين لهذا السبب "يصب في خانة التضييق على الحريات الاعلامية وتضييق هامش حرية والتعبير". من جهته، اكد المحامي ياسر صلاح الذي يعمل في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان انه تقدم للهيئة المستقلة باربع شكاوى من صحافيين ومدونين تم احتجازهم او التحقيق معهم بسبب ما نشروه على الصفحات الالكترونية. واضاف ان الهيئة وثقت حالات اخرى ايضا لم يتقدم اصحابها بشكاوى للهيئة. وقال ان "الشهر الماضي شهد ستة اعتصامات وسط مدينة رام الله في الضفة الغربية تضامنا مع او احتجاجا على اعتقال صحافيين او مدونيين، وهذا رقم كبير". واضاف صلاح ان "هذا النوع من الشكاوى فيما يتعلق بالنشر عبر الصفحات الالكترونية جديد على ما اعتقد". بدوره، قال احمد حرب المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان ان "الشيء الايجابي في قضية النشر الالكتروني هو ان المتخاصمين يلجأون الى المحكمة للبت في خصامهم، سواء الناشر او المشتكي". واضاف "نحن كمؤسسة حقوقية، ينصب عملنا على التحقق من الاجراءات القانونية المتبعة خلال الاعتقال والمقاضاة". واكدت نقابة الصحافيين الفلسطينيين رفضها اعتقال اي صحافي بسبب عمله المهني او توقيفه، مؤكدة ان الاعلام المجتمعي في الاراضي الفلسطينية يواجه اشكالية. الا انها نفت وجود "ظاهرة" اعتقال الصحافيين. وقال نقيب الصحافيين الفلسطينيين عبد الناصر النجار لوكالة ان "الاعلام المجتمعي يواجه اشكالية فيما يخص مفهوم حرية الراي والتعبير والبعض يعتبرها مقلقة". واضاف ان "القضية هي ان هناك تجاوزات تتم مثل اتهام البعض بالخيانة او نشر صورة عارية، لكن اعتقال الصحافيين المهنيين ليس ظاهرة في الاراضي الفلسطينية". وتابع النجار ان "موقفنا هو انه لا يجوز اعتقال اي صحافي بسبب عمله المهني ومع تقديمه للمحاكمة اذا قدم معلومات غير صحيحة". واكد ان الاستناد الى القوانين "في النهاية هو اساس للخروج من هذه الازمة".