ومسرحية "التمرين" التي ألفها وأخرجها محمد بن قطاف تتناول قضية المثقف عموماً، والمسرحي بشكل خاص، في صراعه اليومي من أجل الاستمرار دفاعاً عن مبادئه وأفكاره السامية وسط ظروف صعبة وضاغطة على الإنسان العادي، فما بالك بالمثقف صاحب الرسالة؟ واستطاع فريق المسرحية مع الممثلين نضال ومحمد عباس وفتحي كافي رغم طول مدة العرض نسبياً أن يشد الجمهور إليه ولم تقف اللهجة حائلاً في تواصل الجمهور مع العرض المتقشف والجميل في آن واحد، فثمة أداء ماهر ومتقن من قبل الممثلين، وإخراج ذكي عبر الاعتماد على ارتجال الممثلين واستخدام الديكور البسيط تعبيراً عن فكرة المسرحية القائمة على مشهدية سينوغرافية متقنة تناغمت مع إيقاعات غنائية شعبية تفاعل معها الجمهور وأصبحت جزءاً من نسيج العرض المفتوح. فعلى خشبة المسرح ثمة ممثل ومخرج وموسيقي يتمرنون بلا كلل أو ملل، ويوما بعد يوم على نفس المسرحية "حكاية مواطن مضطهد من جيرانه الأقوياء"، غير أن هذه التمارين تتحول إلى كابوس، بحيث ترى الفرقة أعضاءها وهم يغادرونها الواحد تلو الآخر وترى نفسها مطرودة من كل قاعة بدأت فيها التمارين، تحت أي سبب وأية حجة "اجتماعات حزبية، نقابية، عروض سينمائية"، وغيرها من "الأولويات" في أعين البعض، وتبقى الفرقة هكذا في بحث دائم عن مكان لها، على غرار الثقافة في بلادنا وهي تبحث عن مكانتها في المجتمع، ولكن مادام الأمل زادها، يبقى التمرين مستمراً.