قال الله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]، وقال تعالى: ﴿ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 24]. وجاء من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه لربِّه في ركوعه وسجوده: ((سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ))[1]. وكان إذا سلَّم من الوتر عليه الصلاة والسلام قال: ((سبحانَ الملِكِ القدُّوسِ، سبحانَ الملِكِ القدُّوسِ، سبحانَ الملِكِ القدُّوسِ)) ثلاثًا، ويمدُّ بِها صوتَه، ويرفعُ في الثالثةِ[2]. فالله سبحانه هو القُدُّوس مبالغة في القدس والقدسية ومعناه الطهارة. فالقُدُّوس هو: الطاهر من العيوب، المنزَّه عن الأنداد والأولاد، المنزَّه عن النقائص، الموصوف بصفات الكمال، ومن معاني القُدُّوس المبارك. فالعبد يُقِرُّ ما لله عز وجل من صفات الكمال والجمال والجلال والبهاء والعظمة، ويُنزِّهه عن كل صفات النقص والعيب، قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]. وهو سبحانه ذو الفضل والبركة، والبركة من الله يمنحها لمن شاء من عباده، يُبارك في أعمالهم وأعمارهم. والبركة هي: دوام الخير وكثرته. والله سبحانه تُقَدِّسُهُ القلوب والألْسُن من الملائكة وصالحي البشر، قال الله تعالى عن الملائكة: ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [البقرة: 30]. وأمَّا اسم الله السبوح فقد جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: ((سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ))[3]. والله سبحانه هو "السُّبُّوح": المنزَّه عن المعائب والنقائص، الذي لا يعتريه ما يعتري المخلوقين من النقص والضعف والتغيُّر، فهو سبحانه كامل في جميع صفاته الكمال المطلق. يُسبِّح له ما في السماوات وما في الأرض من صغير وكبير، من عظيم وحقير، من حيوان وشجر وحشرات وجماد، كُلٌّ يُسبِّح بحمده، قال تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44]. ..الله سبحانه السلام قال الله تعالى:﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]. والله سبحانه هو السلام: السالم من جميع العيوب والنقائص، والآفات؛ لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله. وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام بعد الصلاة: ((اللهُمَّ أنت السلام، ومِنْك السلام، تباركْتَ يا ذا الجلالِ والإكرام..))[4]. واسمه سبحانه السلام يدلُّ على كمالِهِ سبحانَه المطلق، كمال في الذات، كمال في الصفات، كمال في الأفعال. ..الله سبحانه المؤمن جاء هذا الاسم مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله سبحانه: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]. ومعاني هذا الاسم الكريم تبعث في النفس الطُّمَأْنينة وراحة البال؛ حيث إنه سبحانه يصدق عباده وعده "إن الله لا يخلف الميعاد" وإنه سبحانه يصدق ظنون عباده كما في الحديث القدسي: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني))[5]. وهو سبحانه المؤمن الذي وحَّد نفسه سبحانه: قال الله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]. والله هو المؤمن الذي آمن عباده المؤمنين يوم القيامة من عذابه، ومن أهوال ذلك اليوم، قال الله تعالى: ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 103]، وهو الذي آمن خلقه من ظلمه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]. وقال الله تعالى في الحديث القدسي: ((يا عبادي، إني حرَّمْتُ الظلم على نفسي، وجعلته بينكم مُحرَّمًا فلا تظالموا))[6]. ..الله سبحانه المهيمن جاء هذا الاسم الكريم في القرآن الكريم مرةً واحدةً في قوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]. ومعاني هذا الاسم الكريم يدعو إلى الإيمان بالله وبكُتُبه، ويبعث في النفس الاطمئنان والتوكُّل عليه سبحانه؛ إذ الله المهيمن الشاهد على خلقه سبحانه الحافظ لهم، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61]، وهو المهيمن سبحانه، له صفات القهر والقوة والغلبة والقدرة والسلطان، وقيل: المهيمن بمعنى المؤمن. ..الله سبحانه العزيز قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [إبراهيم: 47]. واسم الله العزيز من أكثر الأسماء الحُسْنى ورودًا في القرآن الكريم، وله أكثر من معنى، وكُلُّها معانٍ حقة لله سبحانه وتعالى؛ إذ العبد إذا اشتدَّ عليه الكرب لجأ إلى الله مولاه العزيز، وتوكَّل عليه، وفوَّض أمره إليه، ومَن أحسَّ حقًّا ومن آمن حقًّا ويقينًا وصِدْقًا بأن العِزَّة لله تعالى لم يطلبها من أحد سواه، قال الله تعالى: ﴿ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139]، أمَّا المعنى الأول فالعزيز: الذي لا مثيل له في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وأمَّا المعنى الثاني فهو الله العزيز: الذي لا يمانع ولا ينال بسوء أبدًا، ولا ينازع في شيء أبدًا، وأمَّا المعنى الثالث فهو الله العزيز: الغالب الذي لا يغلب، فهو عزيز لا غالب له، وأمَّا المعنى الرابع فهو الله العزيز: القوي الذي لا أقوى منه، أهلك من هلك بعِزَّته وقوَّتِه، أقام السموات ورفعها بغير عَمَدٍ بقوته، وعِزَّتك أيها العبد من عزة الله لك، عِزَّتُك هي تمسُّكَك بدينك، عِزَّتُك في إيمانك؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10]، وقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]، ومَن كَفَر بالله ونافق في دين الله، واتَّخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فليس له العِزَّة أبدًا، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139]. ثم اعلم أيُّها الموفق أن الله سبحانه كثيرًا ما يقرن عِزَّته بحكمته؛ لأن غلبته وقوَّته وقهره مبنية على حكمته. فادعوا باسم الله العزيز وبصفته سبحانه العِزَّة، واسألوا الله به كما في رقية النبي صلى الله عليه وسلم يقول في رقيته: ((أعوذ بعِزَّة الله وقدرته مِن شَرِّ ما أجِدُ وأُحاذِرُ)) سبع مرات[7].